الخميس، 28 يوليو 2016

صيغة دعوى مستعجله باثبات حاله

صيغة دعوى مستعجله باثبات حاله
 
انه فى يوم ............... الموافق...... /...../ ...... بناء على طلب السيد /..........................المقيم ...............ومحله المختار مكتب الاستاذ / عمرو حسن المحامي الكائن بالتجمع الخامس ش التسعين  .  
انا........... محضر محكمة......... الجزئية قد انتقلت فى التاريخ المذكور اعلاه واعلنت :
السيد /................ المقيم.................... قسم ................. محافظة.............
مخاطبا مع/ ...............................

واعلنته بالأتى

بتاريخ .../.../....... باع الطالب الى المعلن اليه ما هو .......... بمبلغ اجمالى............ دفع منه مبلغ ................. والباقى مبلغ ........... ، يسدد بموجب .............. الا ان المعلن إليه لم يسدد باقى المستحق عليه رغم انه تسلم المبيع بحاله جيده ورغم تكرار مطالبته وديا الا انه لم يحرك ساكنا .الامر الذى يحق معه للطالب اثبات حالة المبيع الموجود حاليا تحت يد المعلن اليه خوفا من ضياع معالم المبيع الامر الذى يضر بالطالب ، وذلك طبقا لنص الماده 133من قانون الاثبات والتى تنص على انه:
يجوز لمن يخشى ضياع معالم واقعة يحتمل أن تصبح محل نزاع أمام القضاء أن يطلب فى مواجهة ذوى الشأن وبالطرق المعتادة من قاضى الأمور المستعجلة الانتقال للمعاينة وتراعى فى هذه الحالة الأحكام المبينة فى المواد السابقة".
وكذلك نص الماده 45 من قانون المرافعات والتى تنص على انه :
يندب فى مقر المحكمة الابتدائية قاض من قضاتها ليحكم بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بالحق فى المسائل المستعجلة التى يخشى عليها من فوات الوقت............
بناء عليه

أنا المحضر سالف الذكر قد انتقلت فى التاريخ المذكور اعلاه الى حيث المعلن اليه وسلمته صورة من هذا الاعلان وكلفته بالحضور امام محكمة ............ للامورالمستعجله الكائن مقرها فى .............. امام الدائرة ( ) وذلك بجلستها العلنيةالتى ستنعقد فى تمام الساعة التاسعة وما بعدها من صباح يوم ................الموافق ..../..../........ وذلك ليسمع الحكم بصفه مستعجله بندب خبير من خبراءوزارة العدل تكون مهمته معاينة البضائع المبينه بصدر الصحيفه واثبات حالتها , معشمول الحكم بالنفاذ المعجل طليقا من قيد الكفاله والزام المعلن اليه بالمصروفاتومقابل اتعاب المحاماه ,مع حفظ كافة الحقوق القانونية الأخرى للطالب
ولأجل /   العلم
السند القانونى : الماده (45) من قانون المرافعات والماده (133) من قانون الاثبات

جرائم السب والقذف

تعريف القذف :
هو اسناد واقعة محددة تستوجب عقاب من تنسب اليه او احتقاره اسنادا علنيا فقوام القذف فعل الاسناد والقذف جريمة عمدية على الدوام .

اركان القذف :
يفترض القذف فعل اسنادوينصب هذا الفعل على واقعة يشترط فيها شرطان ان تكون محددة وان يكون من شأنها عقاب من اسندت اليه او احتقاره ويتعين ان يكون هذا الاسناد علنيا وهذه العناصر يقوم بها الركن المادى للقذف ويتطلب القذف بالاضافة لذلك ركنا معنويا يتخذ صورة القصد الجنائى ومعنى ذلك ان للقذف ركنين مادى وركن معنوى .

الركن المادى :
قوامه عناصر ثلاثه نشاط اجرامى هو فعل الاسناد وموضوع لهذا النشاط هو الواقعة المحددة التى من شأنها عقاب من اسندت اليه او احتقاره وصفة لهذا النشاط هو كونه علنيا .
الركن المعنوى :
القذف فى جميع حالاته جريمة عمدية ولذلك يتخذ ركنه المعنوى صورة القصد الجنائى وقد ااستقر القضاء على اعتبار القصد المتطلب فى القصد قصدا عاما فاذا كان القذف متطلبا القصد فى جميع صوره فمؤ دى ذلك ان الخطأ غير العمدى فى اجسم صوره لايكفى لقيامه ولقد قيل ان عناصر القصد لابد ان تنصرف الى جميع اركان الجريمة فيتعين ان يعلم المتهم بدلالة الواقعة التى يسندها الى المجنى عليه ويتعين ان يعلم بعلانية الاسناد ويتعين ان تتوافر لديه ارادة الاسناد وارادة العلانية ولما كان القصد عاما فليس من عناصره نية الاضرار بالمجنى عليه اوعلمه بكذب الواقعة المسندة الى المجنى عليه .

الظروف المشددة فى عقوبة القذف :
منها ظرفان يرجعان الى صفة المجنى عليه كالقذف فى حق الموظف العام اومن فى حكمه ، القذف ضد عمال النقل العام، وهناك ظرف متعلق بوسيلة القذف وهى ارتكاب الجريمة بطريق النشر والظرف الاخير متعلق بنوع وقائع القذف اذا تضمن الطعن فى عرض الافراد او خدشا لسمعة العائلات .

السب
تعريف السب :
السب هو خدش شرف شخص واعتباره عمدا دون ان يتضمن ذلك اسناد واقعة معينة اليه .
اركان السب العلنى : يقوم السب العلنى على ركنين مادى هو خدش الشرف والاعتبار بأى وجه من الوجوه دون ان يشتمل ذلك على اسناد واقعة معينه وركن معنوى يتخذ دائما صورة القصد الجنائى .

الركن المادى :
يقوم هذا الركن على عنصرين نشاط من شأنه خدش الشرف او الاعتبار بأى وجه من الوجوه وصفة هذا النشاط الذى يتعين ان يكون علنيا وثمة عنصر سلبى فى هذا الركن يميز بينه وبين الركن المادى للقذف هو الايتضمن نشاط المتهم اسناد واقعة مجددة الى المجنى عليه .
الركن المعنوى :
السب فى جميع حالاته جريمة عمدية ومن ثم يتخذ ركنه المعنوى صورة القصد الجنائى والقصد فى السب قصد عام عنصراه العلم والارادة وليس من عناصره توافر باعث معين او نية متجهه الى غاية ليست فى ذاتها من عناصر الركن المادى فى السب ..


تجرى المادة 302 من قانون العقوبات بالآتى :ـ
يعد قاذفا كل من اسند لغيره بواسطة احدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هـذا القانون امـورا لو كانت صادقة لاوجبت عقاب من اسند اليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا او اوجبت احتقاره عند اهل وطنه .
ومع ذلك فالطعن فى اعمال موظف عام او شخص ذى صفة نيابية عامة او مكلف بخدمة عامة لا يدخل تحت حكم هذه المادة اذا حصل بسلامة نية وكان لا يتعدى اعمال الوظيفة او النيابة او الخدمـة العامـة ، وبشـرط ان يثبت مرتكب الجريمة حقيقة كـل فعل اسند اليه ولا يغنى عن ذلك اعتقاده صحة هذا الفعل .
ولا يقبل مـن القاذف اقامـة الدليل لاثبات مـا قذف به الا فـى الحالة المبينة فى الفقرة السابقة .
(عدلت الفقرة الثانية بالقانون 93 لسنة 1995 - الجريدة الرسمية - العدد -21 - مكرر في 28-5-1995 )

كما تجرى المادة 303
يعاقب على القذف بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن الفين وخمسمائة جنيه ولا تزيد على سبعة الاف وخمسمائة جنيه او باحدى هاتين العقوبتين .
فاذا وقع القذف فى حق موظف عام او شخص ذى صفة نيابية عامة او مكلف بخدمة عامة وكان ذلك بسبب اداء الوظيفة او النيابة او الخدمة العامة كانت العقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنتين وغرامة لا تقل عن خمسة الاف جنيه ولا تزيد على عشرة الاف جنية او احدى هاتين العقوبتين .
(عدلت بالقانون 93 لسنة 1995 - الجريدة الرسمية - العدد21 مكرر بتاريخ 28-5-1995 وكما استبدلت بالقانون 95 لسنة 1996 - الجريدة الرسمية العدد 25 مكرر في 30-6-1996 )


كما تجرى المادة 306
كل سب لا يشتمل على اسناد واقعة معينة بل يتضمن باى وجه من الوجوه خدشا للشرف او الاعتبار يعاقب عليه فى الاحوال المبينة بالمادة 171 بالحبس مدة لا تتجاوز سنة ، وبغرامة لا تقل عن الف جنيه لا تزيد على خمسة الاف جنيه او باحدى هاتين العقوبتين .
( كما رفع الحد الاقصي لعقوبة الغرامة بالقانون 29 لسنة 1982 ، وكانت قبل التعديل " لاتزيد علي مائة جنيه " ، ثم عدلت بالقانون 93 لسنة 1995 - الجريدة الرسمية العدد 21 مكرر في 28-5-1995 ،
ثم عدلت بالقانون رقم 95 لسنة 1996 - الجريدة الرسمية العدد 25 مكررا في 30-6-1996 )
احكام النقض المرتبطة

الموجز:
وجوب تقدير مرامى العبارات التى يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها . لبحث توافر جريمة من جرائم النشر أو عدم توافرها . اشتمال المنشور على عبارات الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة أو خاصة وأخرى مقصودها التشهير . مقتضاه : الموازنة بين القصدين توصلاً لأيهما كانت الغلبة فى نفس الناشر . تقدير ذلك . موضوعى . أساس ذلك ؟ الجدل الموضوعى فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
القاعدة:
استقر القضاء على أن جرائم النشر يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجودها تقدير مرامى العبارات التى يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها فإذا ما اشتمل المنشور على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة أو خاصة وأخرى يكون القصد منها التشهير فللمحكمة فى هذه الحالة أن توازن بين القصدين وتقدر أيهما كانت له الغلبة فى نفس الناشر ، لما كان ذلك ، وكان الأصل أن المرجع فى تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو الإهانة هو بما يطمئن له القاضى من تحصيله لفهم الواقع فى الدعوى ولا رقابة عليه فى ذلك لمحكمة النقض ما دام لم يخطىء فى التطبيق القانونى على الواقعة ، وإذ كان ما أورده الحكم الابتدائى الذى اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه تبريراً لقضاءه بالبراءة وبرفض الدعوى المدنية - من أن العبارات الواردة بالتحذير لا يقصد منها المطعون ضده سب الطاعن أو القذف فى حقه - سائغ وويؤدى إلى ما رتبه عليه وينبىء عن إلمام المحكمة بالدعوى وبظروفها عن بصر وبصيرة ، فإن ما يثيره الطاعن فى طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
( المادة رقم310 ،302 إ.ج ، 302 ، 305 عقوبات)
( الطعن رقم 47617 لسنة 59 ق - جلسة1998/5/10 - س49 - ص 684 )

الموجز:
القصد الجنائي في جرائم السب والقذف . مناط تحققه ؟ عدم التزام المحكمة بالتحدث عن قصد الإذاعة على استقلال . ما دام أنه يستفاد من علانية الإسناد التي استظهرها الحكم .
القاعدة:
لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بمدوناته عبارات القذف والسب وأن الإنذارات والشكوى المقدمة لجهاز المدعى الإشتراكى - التي تضمنت هذه العبارات - قدمت لجهات عديدة وكانت الطاعنة تعلم أنها تتداول من شخص إلى آخر ، وكان القصد الجنائي في جرائم السب والقذف يتحقق متى كانت الألفاظ الموجهة إلى المجني عليه شائنة بذاتها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ولا حاجة في هذه الحالة إلى الاستدلال عليه بأكثر من ذلك . ولا على المحكمة إن هي لم تتحدث عن قصد الإذاعة على استقلال طالما أن هذا القصد يستفاد من علانية الإسناد التي استظهرها الحكم بأدلة سائغة ومن ثم يكون منعى الطاعنة في هذا الصدد في غير محله .
( المواد 171 ، 302 ، 303 ، 306 من قانون العقوبات ، 310 من قانون الإجراءات الجنائية )
( الطعن رقم13784 لسنة 60 ق جلسة 1998/3/5 س 49 ص 311 )

الموجز:
تعرض الحكم المطعون فيه للدفع بانتفاء ركن العلانية وقصد الإذاعة برد سائغ وصحيح ويتفق والقانون . النعى عليه فى هذا الشأن . غير مقبول .
القاعدة:
لما كان الحكم المطعون فيه عرض الدفع بانتفاء ركن العلانية وانتفاء قصد الإذاعة ورد عليه رداً سائغاً وصحيحاً ومتفقاً مع القانون ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الشأن غير سديد .
( الطعن رقم 15108 لسنة 62 ق جلسة 1997/9/18 س 48 ص 873 )

الموجز:
القذف المعاقب عليه ماهيته استخلاص قاضى الموضوع وقائع القذف خضوعه لرقابة محكمة النقض .
القاعدة:
ان الأصل فى القذف الذى يستوجب العقاب قانوناً ، هو الذى يتضمن إسناد فعل يعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية ، أو يوجب إحتقار المسند إليه عند أهل وطنه وإنه إذا كانمن حق قاضى الموضوع أن يستخلص وقائع القذف من عناصر الدعوى فإن لمحكمة النقض أن تراقبه فيما يرتبه من النتائج القانونية لبحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها واستظهار مرمى عباراتها لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح .
( المواد 171 ،302 عقوبات , 302 ، 310 إجراءات )
(الموجز:
العلانية فى جريمة القذف المنصوص عليها فى المادة 302 عقوبات . مناط تحققها ؟ مثال لتسبيب سائغ لتوافر عنصرى العلانية فى جريمة القذف .
القاعدة:
من المقرر أن العلانية فى جريمة القذف المنصوص عليها فى المادة 302 من قانون العقوبات ، لا تتحقق إلا بتوافر عنصرين ، أولهما توزيع الكتابة المتضمنة عبارات القذف على عدد من الناس بغير تمييز وثانيهما انتواء الجانى إذاعة ما هو مكتوب ، ولا يتطلب القانون أن يكون التوزيع بالغاً حداً معيناً ، بل يكفى أن يكون المكتوب قد وصل إلى عدد من الناس ولو كان قليلاً ، سواء أكان ذلك عن طريق تداول نسخة واحدة منه ، أم بوصول عدة نسخ أو صور منها ، ما دام ذلك لم يكن إلا بفعل المتهم ، أو كان نتيجة حتمية لعمله لا يتصور أنه كان يجهلها ، ولما كان مفاد ما أورده الحكم فى مدوناته من أن الطاعن أقدم على تقديم شكوى إلى جهة عمل المجنى عليه تضمنت اغتصابه أرضاً ليست له وإنكاره لديونه وأنه يحمل معول التخريب هو وزوجته وأن التحاقه وظيفياً بمركز البحوث قد جاء وفقاً لتقديرات خاطئة فإن هذا من الحكم يتوافر به عنصرا العلانية فى جريمة القذف ، لما هو معلوم بالضرورة من أن تلك الشكوى تداولتها أيدى الموظفين المختصين زملاء المجنى عليه بالعمل ، كنتيجة حتمية لإرسال الشكوى وضرورة الإطلاع عليها منهم ومن ثم يكون النعى على الحكم فى هذا الصدد على غير سند .
( المادة 171 ، 302 عقوبات ، 310 اجراءات )
( الطعن رقم 11632 لسنة 60 ق - جلسة 1996/12/15 - س47 - ص 1351) الطعن رقم 13023 لسنة 62 الموجز:
ركن العلانية فى جريمة القذف. تحققه. مشروط بتوافر عنصرين . توزيع الكتابة المتضمنة عبارات القذف على عدد من الناس دون تمييز . وانتواء الجانى إذاعة المكتوب. سلامة الحكم بالإدانة فى جريمة القذف . شرطها؟ كون عبارات القذف قد تضمنها خطاب تداولته لأيدى موظفين بحكم عملهم . غير كاف لتوافر العلانية . وجوب أن يكون الجانى قد قصد إذاعة ماأسنده إلى المجنى عليه . إغفال الحكم بيان قصد الطاعن من فعله . قصور .
القاعدة:
لما كان من المقرر أن العلانية فى جريمة القذف لا تتحقق إلا بتوافر عنصرين أولهما توزيع الكتابة المتضمنة عبارات السب على عدد من الناس دون تمييز، وثانيهما انتواء الجانى إذاعة ما هو مكتوب وأنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة فى جريمة القذف أن يبين الحكم عناصر العلانية وطريقة توافرها فى واقعة الدعوى حتى يتسنى لمحكمة النقض القيام بوظيفة فى مراقبة تطبيق القانون على الوجه الصحيح وكان ما حصله الحكم المطعون فيه فى صدد بيانه لواقعة الدعوى وفحوى الخطاب الذى وجه الطاعن الى المدعى بالحقوق المدنية لا يتوافر به عنصر العلانية وذلك لما هو مقرر من أنه لا يكفى لتوافر العلانية أن تكون عبارات القذف قد تضمنها خطابا تداولته أيدى موظفين بحكم عملهم بل يجب أن يكون الجانى قد قصد إلى إذاعة ما أسنده إلى المجنى عليه ، وكان الحكم قد أغفل بيان مقصد الطاعن من فعله فإنه يكون معيبا بالقصور .
( المواد 171 ، 302 ، 303 ، 306 من قانون العقوبات )
( الطعن رقم 11803 لسنة 60 ق جلسة 1996/11/12 س 47 ص 1177)ق - جلسة 1997/5/18 - س 48- ص

 الموجز:
إشتراط تقديم شكوى من المجنى عليه أو وكيله الخاص فى الفترة المحددة بالمادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية عن الجرائم المبينة بها قيد على حرية النيابة العامة فى استعمال الدعوى الجنائية عدم مساسه بحق المدعى بالحق المدنى أو من ينوب عنه بأى صورة من الصور فى الادعاء المباشر خلال الأجل المضروب تقدم المجنى عليه بشكوى إلى النيابة العامة أو أحد مأمورى الضبط القضائى فى الميعاد المحدد أثره بقاء حقه فى الادعاء المباشر قائماً ولو تراخى تحقيقها أو التصرف فيها إلى ما بعد فواته علة ذلك . تقديم المدعى بالحقوق المدنية شكواه فى الميعاد القانونى يحول دون سقوط حقه فى إقامة دعواه المباشر مخالفة ذلك خطأ فى تطبيق القانون يوجب نقض الحكم حجب الخطأ المحكمة عن نظر الموضوع . وجوب أن يكون مع النقض الإحالة .
القاعدة:
لما كان من المقرر أن اشتراط تقديم الشكوى من المجنى عليه أو من وكيله الخاص فى الفترة المحددة بالمادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية عن الجرائم المبينة بها ـ ومن بينها جريمتى القذف والسب المقامة عنهما الدعوى المطروحة ـ هو فى حقيقته قيد وارد على حرية النيابة العامة فى استعمال الدعوى الجنائية ولا يمس حق المدعى بالحقوق المدنية أو من ينوب عنه بأية صورة من الصور فى حدود القواعد العامة فى أن يحرك الدعوى أمام محكمة الموضوع مباشرة عن طريق الدعوى المباشرة خلال الثلاثة أشهر التالية ليوم علمه بالجريمة ومرتكبيها ، فإذا كان المجنى عليه قد تقدم بشكوى عن الواقعة خلال الثلاثة أشهر المتقدم بيانها إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأمورى الضبط القضائى وتراخى تحقيقها أو التصرف فيها إلى ما بعد فوات هذه المدة فيجوز فى هذه الحالة أن يلجأ إلى طريق الادعاء المباشر لأنه يكون قد حفظ حقه من السقوط بتقديمه الشكوى فى الميعاد وأبان عن رغبته فى السير فيها فضلاً عن أنه لا يصح أن يتحمل مغبة إهمال جهة التحقيق أو تباطئها لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد فى مدوناته أن المدعية بالحقوق المدنية تقدمت بشكواها ضد المطعون ضدهما إلى قسم شرطة كفر الشيخ بتاريـخ 5 من ديسمبر 1987 عن واقعة تعديهما عليها بالقذف والسب التى حدثت يوم 3 من ديسمبر سنة 1987 وقد أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها الماثلة بالطريق المباشر بصحيفة أعلنت قانوناً للمطعون ضدهما فى 10 من مارس سنة 1988 . لما كان ذلك ، فإن قيام المدعية بالحقوق المدنية بتقديم شكواها فى الميعاد القانونى قد حال دون سقوط حقها فى إقامة دعواها المباشرة ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى أنها لم تقم دعواها إلا بعد مضى ثلاثة أشهر من يوم علمها بالجريمة ورتب على ذلك الاستجابة للدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية يكون قد أخطأ فى تأويل القانون ويتعين لذلك نقضه وإذ كان الخطأ الذى تردى فيه الحكم قد حجب المحكمة عن نظر الموضوع فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة .
( المادتان 3 ، 310 من اجراءات و المواد 302 ، 303 ، 306 عقوبات )
( الطعن رقم 48182 لسنة 59 ق جلسة 1996/1/9 س 47 ص 36 ) 593)


الموجز:
وقوع السب والقذف بغير واسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر . أثره : عدم إختصاص محمكة الجنايات بالفصل فيه . قضاء محكمة الجنايات بعدم إختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة الجنح المختصة . غير منه للخصومة ولا ينبنى عليه منع السير فيها . الطعن فيه بطريق النقض . غير جائز . لايغير من ذلك تمسك الطاعن بوجود إرتباط بين واقعة الدعوى وأخرى تنظرها محكمة محكمة الجنايات . علة ذلك .
القاعدة:
لما كانت المادة 215 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن - تحكم المحكمة الجزئية فى كل فعل يعد بمقتضى القانون مخالفة أو جنحة عدا الجنح التى تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد - ، وكانت المادة 216 من القانون ذاته تنص على أن - تحكم محكمة الجنايات فى كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية وفى الجنح التى تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشرعدا الجنح المضرة بأفراد الناس - .لما كان ذلك وكان البين من أوراق الطعن أن المدعى بالحقوق المدنية أقام دعوى الجنحة المباشرة ضد المتهم - الطاعن - أمام محكمة جنايات الاسكندرية متهماً إياه بالقذف فى حقه بطريق النشر ، وأثناء نظر الدعوى أقام المدعى بالحقوق المدنية جنحة مباشرة أخرى أمام ذات المحكمة متهماً الطاعن بالسب والقذف فى حقه أثناء عرضه لدفاعه فى الدعوى الأصلية . لما كان ذلك وكانت الوقائع التى نسب المدعى بالحق المدنى إلى المتهم إرتكابها بجلسة المحاكمة من سب وقذف لم تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر فإنه لا إختصاص لمحكمة الجنايات بالفصل فيها . وإذ كان الحكم المطعون فيه قد إلتزم هذا النظر وقضى بعدم إختصاص محكمة الجنايات بنظر دعوى الجنحة المباشرة - التى أقيمت أثناء نظر الدعوى الأصلية - وبإحالتها إلى محكمة الجنح المختصة يكون قد أصاب صحيح القانون . ولما كان هذا القضاء غير منه للخصومة فى موضوع الدعوى الثانية ولا ينبنى عليه منع السير فيها فإن الطعن فيه بطريق النقض يكون غير جائز ، ولا يغير من هذا النظر ما ذهب إليه الطاعن من قيام الارتباط بين الواقعتين ذلك أنه بفرض قيام الارتباط فإن ذلك لا يسلبه حقه فى إبداء دفاعه عند نظر الدعوى أمام محكمة الجنح فى شأن الارتباط الذى يدعيه وبين الجنحة الأخرى - التى تختص محكمة الجنايات بنظرها - والتى سبقت محاكمته وإدانته من أجلها أمام محكمة الجنايات إذا تبين لمحكمة الجنح من التحقيق الذى تجريه أن الجنحة مرتبطة بالفعل المكون لتلك الجنحة - التى اختصت بها محكمة الجنايات - إرتباطاً لا يقبل التجزئة فإنها لا توقع عليه عقوبة أخرى مستقلة لعدم جواز معاقبة المتهم عن ذات الفعل مرتين . لما كان ما تقدم فإنه يتعين الحكم بعدم جواز الطعن .
( المادتين 215 ، 216 ، 382 ، 383 إجراءات جنائيه ، المادتين302 ، 303 عقوبات ، المادة 31 من القانون 57 لسنة 1959 )
( الطعن رقم 14415 لسنة 60 ق جلسة 1992/2/20 س 43 ص 259 )
( الطعن رقم 41928 لسنة 59 ق جلسة 19/12/1995 س 46 ص 1298 )
الموجز:
الدعوى الجنائية فى جريمتى القذف والسب تعليق رفعها على شكوى المجنى عليه . وجوب تقديمها قبل مضى ثلاثة أشهر من يوم علمه بالجريمة ومرتكبها وإلا إنقضى حقه فيها . أساس ذلك وعلته ؟ خلو الحكم من الرد على الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية والمدنية لمضى أكثر من ثلاثة أشهر على علم المجنى عليه بالجريمة . قصور . يبطله .
القاعدة:
من المقرر فى المادة الثالثة من قانون الإجراءا الجنائية بعد أن علقت رفع الدعوى الجنائية فى جريمتى القذف والسب المنصوص عليهما فى المادتين 303 ، 306 من قانون العقوبات على شكوى المجنى عليه نصت فى فقرتها الأخيرة على أن لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجنى عليه بالجريمة ومرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك - مما مفاده ان حق المجنى عليه فى الشكوى ينقضى بمضى ثلاثة أشهر من يوم علمه بالجريمة ومرتكبها دون أن يتقدم بشكواه ويكون اتصال المحكمة فى هذه الحالة بالدعوى معدوما ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها فإن هى فعلت كان حكمها وما بنى عليه من اجراءات معدوم الاثر ، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية والدعوى المدنية التابعة لها ـ هو دفع جوهرى يتعين على محكمة الموضوع ان تعرض له وتمحصه وتقول كلمتها فيه بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضت به ويحقق الغرض الذى قصده الشارع من استيجاب وتسبيب الاحكام وحتى يمكن لمحكمة النقض ان تراقب صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار اثباتها بالحكم ، لما كان ذلك ، فإن الحكم المطعون فيه اذا قضى بادانة الطاعن دون ان يعرض للدفع المبدى منه ايراد له وردا عليه يكون معيبا بالقصور الذى يبطله ويوجب نقضه .
( المادتين 302 - 306 من قانون العقوبات و المادتان 3 ، 9 إجراءات جنائية)
( الطعن رقم 14752 لسنة 62 ق جلسة 1995/2/12 س 46 ص 350 )
الموجز:
ركن العلانية فى جريمة القذف . تحققه . مشروط بتوافر عنصرين : توزيع الكتابة المتضمنة عبارات القذف على عدد من الناس بغير تمييز وانتواء الجانى إذاعة ما هو مكتوب . مثال لتسبيب معيب .

القاعدة:
لما كان من المقرر أن العلانية فى جريمة القذف لا تتحقق إلا بتوافر عنصرين أولهما توزيع الكتابة المتضمنة عبارات القذف على عدد من الناس بغير تمييز والأخرى انتواء الجانى إذاعة ما هو مكتوب ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه لا يفيد سوى إفتراض علم الطاعن بتداول المذكرة التى قدمها إلى مجلس نقابة المحامين بالبحيرة بين أيدى الموظفين ، وكان هذا الذى ذهب إليه الحكم لا يفيد حتماً وبطريق اللزوم أن الطاعن انتوى اذاعة ما هو ثابت فى المذكرة ، فإنه يكون قد خلا من استظهار هذا القصد ، الأمر الذى يعيبه بالقصور ويوجب نقضه .
( المادة 302 ، 303 من قانون العقوبات - 310 من قانون الاجراءات الجنائية )
( الطعن رقم 40031 لسنة 59 ق - جلسة 1994/12/7 - س45 - ص 1099 )

الموجز:
توافر القصد الجنائى فى جريمة السب أو القذف متى كانت المطاعن الصادرة من الساب أو القاذف محشوة بالعبارات الخادشة للشرف والألفاظ الماسة بالاعتبار . النقد المباح : مجرد إبداء الرأى فى أمر أو عمل دون أن يكون فيه مساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته . تجاوز هذا الحد . يوجب العقاب عليه باعتباره مكوناً لجريمة السب أو القذف . الجدل الموضوعى . عدم جواز إثارته أمام النقض .

القاعدة:
من المقرر أن القصد الجنائى فى جريمة السب أو القذف يتوفر إذا كانت المطاعن الصادرة من الساب أو القاذف محشوة بالعبارات الخادشة للشرف والألفاظ الماسة بالاعتبار فيكون علمه عندئذ مفترضاً ومتى تحقق القصد فلا يكون هناك ثمة محل للتحدث عن النقد المباح الذى هو مجرد إبداء الرأى فى أمر أو عمل دون أن يكون فيه مساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته . تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه باعتباره مكوناً لجريمة السب أو القذف لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم المطعون فيه فى مدوناته من عبارات دالة بذاتها على معنى السباب كما هو معرف به فى القانون لما تضمنته من إسناد وقائع لو صحت لأوجبت إحتقار المجنى عليه عند أهل وطنه ونالت من سمعته ونزاهته فإن ما استخلصه الحكم من توافر القصد الجنائى للأول بصفته رئيس تحرير جريدة الحزب التى نشر فيها المقال يكون استخلاصاً سديداً فى القانون وما يثيره الطاعنان فى هذا الصدد يكون جدلاً موضوعياً مما لا يجوز إثارته أمام النقض .
( المواد195 ،302 ، 303 عقوبات ، المادة310 اجراءات جنائية )
( الطعن رقم 27354 لسنة 59 ق - جلسة 1994/11/15 - س 45 ص 1001 )

الموجز:
جريمة القذف لا تتطلب قصداً خاص . كفاية توافر القصد العام . القصد العام في جريمة القذف . مناط تحققه ؟ مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر القصد الجنائي في جريمة القذف بالصحف .
القاعدة:
لما كان القانون لا يتطلب في جريمة القذف قصداً خاصاً بل يكتفى بتوافر القصد العام الذى يتحقق متى نشر القاذف الأمور المتضمنة للقذف وهو عالم أنها لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المقذوف أو احتقاره ، ولا يؤثر في توافر هذا القصد أن يكون القاذف حسن النية أى معتقداً صحة ما رمى به المجني عليه من وقائع القذف ، ولما كان الثابت من العبارات التي حصلها الحكم نقلاً عن مجلة ..... أنها قصد بها النيل من المدعى بالحقوق المدنية ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد تضمن بيان القصد الجنائي على وجهه الصحيح ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد .
( المواد 171 ، 303 ، 306 من قانون العقوبات ، 302 ، 310 من قانون الإجراءات الجنائية )
( الطعن رقم 8334 لسنة 61 ق - جلسة 1998/2/22 - س 49 - ص 286 )

الموجز:
اشتراط توكيل خاص غير لازم إلا فى حالة تقديم الشكوى . عدم انسحاب ذلك على الإدعاء المباشر المادة الثالثة إجراءات .
القاعدة:
من المقرر أن المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية لا تشترط التوكيل الخاص إلا فى حالة تقديم الشكوى و لا ينسحب حكمها على الإدعاء المباشر .
( الطعن رقم 15474 لسنة 60 ق جلسة 1997/11/11 س 48 ص 1225

الموجز:
إشتراط تقديم شكوى من المجنى عليه أو وكيله الخاص فى الفترة المحددة بالمادة الثالثة اجراءات جنائية عن الجرائم المبينة بها . فى حقيقتة قيد على حرية النيابة فى تحريك الدعوى الجنائية . عدم مساسه بحق المجنى عليه أو من ينوب عنه فى الإدعاء المباشر خلال الأجل المذكور .

القاعدة:
من المقرر أن إشتراط تقديم الشكوى من المجنى عليه أو من وكيله الخاص فى الفترة المحددة بالمادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية عن الجرائم المبينة بها ومن بينها جريمة السب المقامة عنها الدعوى المطروحة ـ هو فى حقيقته قيد وارد على حرية النيابة العامة فى اتصال الدعوى الجنائية ولا يمس حق المدعى بالحقوق المدنية أو من ينوب عنه بأى صورة من الصور فى حدود القواعد العامة فى أن يحرك الدعوى أمام محكمة الموضوع مباشرة عن طريق الدعوى المباشرة خلال الثلاثة أشهر التالية ليوم علمه بالجريمة ومرتكبها .
( الطعن رقم 13909 لسنة 62 ق جلسة 1997/9/28 س 48 ص 946 )

الموجز:
سلامة حكم بالادانة فى جريمة السب العلنى . رهينة ببيان عنصرالعلانية وطريقة توافرها فى واقعة الدعوى وألفاظ السب التى بنى قضاؤه عليها .عنصر العلانية - لا يكفى لتوافره أن تكون عبارات السب مكتوبة . وجوب أن يكون الجانى قصد إذاعة ما أسنده إلى المجنى عليها . إغفال الحكم بيان مقصد الطاعنين من فعلهم والفاظ السب . قصور.

القاعدة:
لما كان من المقررأنه يجب لسلامة الحكم بالادانة فى جريمة السب العلنى أن يبين عنصر العلانية وطريقة توافرها فى واقعة الدعوى وأن يشتمل بذاته على بيان ألفاظ السب التى بنى قضاءها عليها حتى يتسنى لمحكمة النقض القيام بوظيفتها فى مراقبة تطبيق القانون على الوجه الصحيح .كان ما حصله الحكم فى صدد بيانه واقعة الدعوى لا يتوافر فيه عنصر العلانية ذلك بأنه لا يكفى لتوافرالعلانية أن تكون عبارات السب مكتوبة بل يجب أن يكون الجانى قد قصد إذاعة ما أسنده إلى المجنى عليها وكان الحكم قد أغفل بيان مقصد الطاعنين من فعلهم ، كما خلا من بيان الفاظ السب فإنه يكون مشوباً بالقصور .
( المواد 310 إجراءات و 171 ، 306 عقوبات )

  الموجز:
مكتب المحامى محل خاص . الجهر بالسب أمام موكليه . لا يجعله محلاً عمومياً بالصدفة ولا تتحقق به العلانية التى يتطلبها القانون للسب الذى يجهر به فى المحل الخاص المطل على طريق عام .

القاعدة:
لما كان من المقرر أن مكتب المحامى بحكم الأصل محلاً خاصاً . وكان ما ذكره الحكم المطعون فيه على الصورة السالف بيانها لا يجعل مكتب المحامى محلاً عمومياً بالصدفة ولا تتحقق به العلانية التى يتطلبها القانون للسب الذى يجهر به فى المحل الخاص المطل على طريق عام ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً قصوراً يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة .
( المادتان 171 , 306 عقوبات ـ المادة 310 من قانون الاجراءات الجنائية )
( الطعن رقم 15237 لسنة 61 ق - جلسة 1995/12/27 س 46 ص 1303)لطعن رقم 12971 لسنة 60 ق - جلسة1998/5/4 - س49 - ص 636 )

الموجز:
حق المجنى عليه فى جريمتى القذف والسب المنصوص عليهما فى المادتين 303 ، 306 عقوبات فى الشكوى . انقضاؤه . بمضى ثلاثة أشهر من يوم علمه بالجريمة ومرتكبها دون تقديمها . اتصال المحكمة فى هذه الحالة بالدعوى معدوم . عدم جواز تعرضها لموضوعها وإلا كان حكمها معدوم الأثر . أساس ذلك ؟ الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية والدعوى المدنية التابعة لها . جوهرى . وجوب تعرض المحكمة له اغفال ذلك . قصور . رجوع وجه النعى إلى سبب متعلق بالحكم ذاته ووحدة الواقعة وحسن سير الدالة يوجب امتداد أثر نقص الحكم لمحكوم عليه آخر . متى كان طرفا فى الخصومة الاستئنافية .

القاعدة:
لما كانت المادة الثالثة من قانون الاجراءات الجنائية بعد أن علقت رفع الدعوى الجنائية فى جريمتى القذف والسب المنصوص عليهما فى المادتين 303 ، 306 من قانون العقوبات على شكوى المجنى عليه نصت فى فقرتها الأخيرة على أنه - لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجنى عليه بالجريمة ومرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك - مما مفاده ان حق المجنى عليه فى الشكوى ينقضى بمضى ثلاثة أشهر من يوم علمه بالجريمة ومرتكبها دون أن يتقدم بشكواه ويكون اتصال المحكمة فى هذه الحالة بالدعوى معدوما ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها فإن هى فعلت كان حكمها وما بنى عليه من اجراءات معدوم الاثر ، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية والدعوى المدنية التابعة لها ـ هو دفع جوهرى يتعين على محكمة الموضوع ان تعرض له وتمحصه وتقول كلمتها فيه بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضت به ويحقق الغرض الذى قصده الشارع من استيجاب وتسبيب الاحكام وحتى يمكن لمحكمة النقض ان تراقب صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار اثباتها بالحكم ، لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على هذا الدفع الجوهرى فانه يكون قاصرا قصورا يبطله ويوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنة والمحكوم عليه الآخر الذى كان طرفا فى الخصومة الاستئنافية اذ أن وجه النعى الذى أقرته المحكمة انما يرجع الى سبب متعلق بالحكم ذاته فضلا عن وحدة الواقعة وحسن سير العدالة .
( المادتين 303 ـ 306 من قانون العقوبات ، المادة 3 إجراءات )
( الطعن رقم 40182 لسنة 59 ق جلسة 1995/4/27 س 46 ص 776 )

الموجز:
دخول العبارات موضوع السب والقذف فى نطاق ما تجيزه المادة 309 عقوبات . أثره ؟ القضاء بالبراءة فى صدد الدعوى الجنائية المقام على عدم تأثيم الفعل جنائياً . أثره ؟

القاعدة:
لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده من جريمتى السب والقذف على أساس أن العبارات موضوعها تدخل فى نطاق ما تجيزه المادة 309 من قانون العقوبات ، ومفهوم ذلك أن تلك العبارات لا تسرى عليها مواد السب والقذف وغير معاقب عليها بعقوبة جنائية ، وهو قضاء ينطوى ضمناً على الفصل فى الدعوى المدنية المقامة من الطاعن بما يؤدى إلى عدم اختصاص المحاكم الجنائية بها ، لأن القضاء بالبراءة فى صدد الدعوى الجنائية المقام على عدم تأثيم الفعل جنائياً انما يتلازم معه الحكم بعدم الاختصاص بنظر الدعوى المدنية ولو لم ينص على ذلك فى منطوق الحكم .
( الماده304 إجراءات ، المادة 309 عقوبات )
( الطعن رقم 49035 لسنة 59 ق - جلسة 1994/5/15 - س 45 - ص 661 )

الموجز:
تقدير ما إذا كانت عبارات السب والقذف مما يستلزمه الدفاع موضوعى . مثال لتسبيب سائغ .

القاعدة:
من المقرر أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذى يستلزمه وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطاً بالضرورة الداعية إليه ، فقد جرى قضاء النقض على أن الفصل فيما إذا كانت عبارات السب والقذف مما يستلزمه الدفاع متروك لمحكمة الموضوع ، لما كان ذلك وكان ما ساقه الحكم فى مدوناته سالفة البيان - من استخلاصه لوقائع القذف والسب وتقديره لما ورد بصحيفة استئناف الدعوى المستعجلة من عبارات على أنها تعد قذفاً وسباً وليست من مستلزمات الدفاع فىتلك الدعوى - سائغاً وصحيحاً ومتفقاً مع صحيح القانون وكافياً بالتالى فى استظهار عناصر جريمتى القذف والسب اللتين دان بهما الطاعن وأدلة ثبوتهما فى حقه وهو ما ينفى عن الحكم قالة القصور فى التسبيب ودعوى مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه.
( المادة 309 عقوبات )
( الطعن رقم 22221 لسنة 59 ق - جلسة 1994/2/15 - س 45 - ص 263 )

الموجز:
سلامة حكم الادانة فى جريمة السب العلنى - رهينة ببيان العلانية وطريقة توافرها . اغفال الحكم التحدث عن ركن العلانية وكيفية توافره فى حق الطاعن من حيث طبيعة المكان الذى حدث فيه السب والمنزل الذى تقطن به المدعية بالحق الدني وما اذا كان قد حصل الجهر به بين سكان ذلك وما إذا كانوا من الكثرة بحيث يجعل مكان الحادث محلاً عاماً . قصور.

القاعدة:
من المقررأنه يجب لسلامة الحكم بالادانة فى جريمة السب العلنى أن يبين العلانية وطريقة توافرها فى واقعة الدعوى حتى يتسنى لمحكمة النقض القيام بوظيفتها فى صدد مراقبة تطبيق القانون على وجهه الصحيح . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن عن هذه الجريمة دون أن يتحدث عن توافر ركن العلانية وكيفية توافره فى حقه من حيث طبيعة المكان الذى حدث فيه السب (المنزل الذى تقطن به المدعية بالحق المدنى) وما اذاكان قد حصل الجهر به بين سكان ذلك المنزل وما إذا كانوا من الكثرة بحيث تجعل مكان الحادث محلاً عاماً فإنه يكون قاصر البيان عن توافر أركان الجريمة التى دان الطاعن الأول بها مما يوجب نقضه .
( وفقا للمادتان 171 , 306 من قانون العقوبات ـ المادة 310 إجراءات )
( الطعن رقم 20867 لسنة 59 ق - جلسة 1994/1/27س 45 ص 164)

اهم الدفوع
* الدفع بانتفاء الركن المادى * الدفع بعدم الاعتداد بالسب
*الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد لمضى 3 أشهر وفقا للمادة 3 اجراءات
*الدفع بأن السب كان ردة فعل لسب الشاكى للمتهم ,,جريمة السب لاتقوم الااذا صدر السب من المتهم ابتداء ’’
*الدفع بتوافر حسن النية * الدفع بتوافر حق الدفاع امام القضاء
* الدفع بعدم توافر الواقعة المستوجبة للعقاب
* الدفع بعدم توافر الواقعة المستوجة للاحتقار
* الدفع بانتفاء الركن المعنوى للقذف
* الدفع باستعمال الحق كسبب للاباحة
* الدفع بتوافر حق التبليغ
* الدفع بتوافر صدق الواقعة
* الدفع بتوافر واجب اداء الشهادة كسبب للاباحة
* الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمحامى لانه وكيل خصومة
* الدفع بالتقادم القصير 3 أشهر
* الدفع بتوافر الحق فى نشر الاخبار
* الدفع بتوافر حق النقد فى السب كسبب لاباحة الحق .

السبت، 16 يوليو 2016

من أحكام محكمة النقض فى إذن التفتيش . تنفيذه



التفتيش المحظور . هو الذي يقع على الأشخاص والمساكن بغير مبرر من القانون . حرمة المتجر . مستمدة من اتصاله بشخص صاحبه أو مسكنه . صدور أمر من النيابة العامة بتفتيش أحدهما أو كليهما . شموله بالضرورة ما يكون متصلاً به كالمتجر ‏. أثر ذلك ؟

لما كان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أنه صدر أمر من النيابة العامة بضبط وتفتيش الطاعن - وليس والده / ..... - ومسكنه وملحقاته ، ولما كان من المقرر أن التفتيش المحظور هو الذي يقع على الأشخاص والمساكن بغير مبرر من القانون ، أما حرمة المتجر - محل البقالة - فمستمدة من اتصاله بشخص صاحبه أو مسكنه ، وإذاً فما دام هناك أمر من النيابة العامة بتفتيش أحدهما أو كليهما ، فإنه يشمل بالضرورة ما يكون متصلاً به والمتجر كذلك ، ومن ثم فإن إطلاق القول ببطلان تفتيش المتجر لعدم التنصيص عليه صراحةً في الأمر يكون على غير سند صحيح من القانون . (الطعن رقم 31264 لسنة 4 جلسة 2016/01/27)

من أحكام محكمة النقض المصرية فى التجمهر



مسئولية المشتركين في التجمهر وفقاً للمادة 3 من القانون 10 لسنة 1914‏ . مناط تحققها ؟ وقوع جريمة تنفيذاً لقصد آخر غير الغرض من التجمهر أو ارتكابها بقصد تنفيذ الغرض من التجمهر في رأي مقارفها . مقتضاه : عدم مسئولية باقي المشتركين في التجمهر عنها .‏ متى كان الالتجاء إليها لتنفيذ ذلك الغرض بعيداً عن المألوف .‏

لما كانت الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر قد نصت على أنه : " إذا وقعت جريمة بقصد تنفيذ الغرض المقصود من التجمهر فجميع الأشخاص الذين يتألف منهم التجمهر وقت ارتكاب هذه الجريمة يتحملون مسئوليتها جنائياً بصفتهم شركاء إذا ثبت علمهم بالغرض المذكور " ، فيجب لأخذ المشتركين في التجمهر وفقًا لذلك النص ، فضلاً عن ثبوت علمهم بالغرض الممنوع ، ووقوع الجريمة أثناء اشتراكهم في التجمهر ، أن يثبت أن وقوعها كان بقصد تنفيذ الغرض من التجمهر ، فإن كانت قد وقعت تنفيذاً لقصد آخر سواء أكان قد بيَّته أو أضمره مقارفها ، أم كان قد نبت عنده فجأة ، فلا يسأل عنها باقي المشتركين في التجمهر ، كما لا يسألون عنها إذا ارتكبها مقارفها بقصد تنفيذ الغرض من التجمهر في رأيه ، متى تبيَّن أن الالتجاء إليها لتنفيذ ذلك الغرض كان بعيداً عن المألوف . (الطعن رقم 15321 لسنة 85 جلسة 2016/02/03)

من أحكام محكمة النقض حول سلطة المحكمة فى التقدير


اقتصار العيب الذي شاب الحكم المطعون فيه على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم . يوجب تصحيح محكمة النقض له والحكم ‏بمقتضى القانون .‏ عدم خضوع هذا الخطأ لأي تقدير موضوعي بعد ثبوت إسناد محكمة الموضوع التهمة مادياً للمحكوم عليه واقتصار الأمر على تقدير العقوبة المناسبة عن جريمته . مقتضاه : تعرض محكمة النقض له والحكم به دون حاجة لنقض الحكم وتحديد جلسة لنظر الموضوع بوصف الطعن ‏للمرة ‏الثانية ‏. ‏أساس ذلك ؟ مثال .

لما كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات ‏الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تصحح محكمة النقض الخطأ وتحكم ‏بمقتضى القانون ، ولما كان الخطأ الذي انبنى عليه الحكم – في هذه الحالة – لا يخضع لأي تقدير ‏موضوعي بعد أن قالت محكمة الموضوع كلمتها من حيث ثبوت إسناد التهمة – مادياً – إلى المحكوم عليه ‏وأصبح الأمر لا يقتضي سوى تقدير العقوبة المناسبة عن جريمته . لما كان ذلك ، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على ‏التعرض له والحكم به دون حاجة إلى نقض الحكم وتحديد جلسة لنظر الموضوع بوصف أن الطعن للمرة ‏الثانية – من أجل هذا السبب وحده– فإن المحكمة إعمالاً للسلطة المخولة لها تصحح الحكم المطعون فيه ‏بمعاقبة المحكوم عليه بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر عاماً عن جريمة الضرب مع سبق الإصرار المفضي إلى الموت بوصفها الجريمة الأشد بدلاً من العقوبة المقضي بها عليه عملاً بنص المادة 32/2 من قانون العقوبات . (الطعن رقم 25951 لسنة 85 جلسة 2016/02/06)

حكم نقض حول سلطة المحكمة في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى

حق محكمة الموضوع استخلاص الواقعة من أدلتها أو عناصرها ‏المختلفة . ما دام سائغاً ‏. وجوب بناء الأحكام على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها . ‏استناد الحكم إلى رواية ‏أو واقعة لا أصل لها فى التحقيقات . يعيبه . متى كانت هي عماد الحكم . استناد قاضي الموضوع في حكمه على وقائع لا أثر لها بالتحقيقات وما بها من أدلة . 


لما كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها أو عناصرها ‏المختلفة ، إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغاً وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في أوراق الدعوى ؛ فالأحكام يجب أن تبنى على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها ، ‏فإذا استند الحكم إلى رواية أو واقعة لا أصل لها في التحقيقات ، فإنه يكون معيباً لابتنائه على ‏أساس فاسد ، متى كانت الرواية أو الواقعة هى عماد الحكم ، فلا مشاحة أن يقدر قاضي ‏الموضوع التحقيقات وما بها من أدلة وأن يستخلص منها الوقائع التي يعتقد ثبوتها ويبني ‏عليها حكمه ، ولكن بشرط أن تكون هذه الوقائع متمشية مع تلك التحقيقات وما بها من أدلة ، ‏بحيث إذا كان لا أثر لها في شئ منها فإن عمل القاضي في هذه الصورة يعتبر ابتداعاً ‏للوقائع وانتزاعاً لها من الخيال ، وهو ما لا يسوغ له إتيانه ؛ إذ هو مكلف بتسبيب حكمه تسبيباً ‏من جهة الوقائع على أدلة تنتجها ، ومن جهة القانون على نصوص تقتضي الإدانة في تلك ‏الوقائع الثابتة .

 (الطعن رقم 25951 لسنة 85 جلسة 2016/02/06)

من أحكانم محكمة النقض فى الاختلاف في ذكر اسم المتهم بين ديباجة الحكم ومنطوقه

الاختلاف في ذكر اسم المتهم بين ديباجة الحكم ومنطوقه . خطأ مادي . غير مؤثر في سلامة الحكم . علة ذلك ؟

لما كان الاختلاف في ذكر اسم المتهم بين ديباجة الحكم ومنطوقه ، ليس إلا خطأً مادياً ، ولا تأثير له في حقيقة الواقع من أنه هو لا غيره الذي صدر الحكم عليه باسمه الصحيح الوارد في منطوق الحكم ، وهذا الخطأ المادي لا يؤثر في سلامة الحكم .
(الطعن رقم 18521 لسنة 84 جلسة 2016/02/14)

تغيير اسم الطاعن سهواً بتقرير أسباب الطعن

تغيير اسم الطاعن سهواً بتقرير أسباب الطعن . لا يمنع من قبول الطعن شكلاً . حد ذلك ؟

من المقرر أن تغيير اسم الطاعن سهواً بتقرير أسباب الطعن لا يمنع من قبول الطعن شكلًا ، مادام واضحاً للمحكمة اسم الطاعن الحقيقي . (الطعن رقم 18521 لسنة 84 جلسة 2016/02/14)

رقم الطعن  18521 لسنة 84

حكم هام لمحكمة النقض فى النعي ببطلان تشكيل هيئة المحكمة


صدور الحكم المطعون فيه ‏في ظل ‏العمل بالقانون 46 لسنة 1972‏ من دائرة مشكلة من ثلاثة من الرؤساء بمحكمة الاستئناف ‏ بمعاقبة الطاعن بنص المادة 240 عقوبات ‏. صحيح . النعي ببطلان تشكيل هيئة المحكمة مُصدرة الحكم لمخالفته نص المادة 366 إجراءات ‏. غير مقبول . أساس ذلك ؟ ‏

لما كان القانون رقم 107 لسنة 1962 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية قد استحدث في المادة 366 من قانون الإجراءات الجنائية تنظيماً خاصاً بتشكيل محكمة الجنايات يقضي بأن تؤلف هذه المحكمة من ثلاثة من المستشارين ومع ذلك تشكل محكمة الجنايات من مستشار فرد من بين رؤساء الدوائر عند النظر في جناية من الجنايات المنصوص عليها في المادتين 51 ، 240 من قانون العقوبات وفى القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له ما لم تكن هذه الجناية مرتبطة ارتباطاً غير قابل للتجزئة بجناية أخرى غير ما ذكر فتكون محكمة الجنايات المشكلة من ثلاثة مستشارين هي المختصة بنظر الدعوى برمتها ، وهو ما تم إلغائه بالقانون رقم 46 لسنة 1972 لنعود للأصل العام وتختص بنظر الجنايات محكمة مُشكلة من ثلاثة من مستشاري محكمة الاستئناف عملاً بنص المادة 366 من قانون الإجراءات الجنائية ، وهو القانون الذي صدر الحكم المطعون فيه في ظله ، وكان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه صدر بعد التعديل الأخير ، كما أن المحكمة قد قضت بمعاقبة الطاعن بنص المادة 240 من قانون العقوبات دون غيرها من نصوص قانون الأسلحة والذخائر وذلك من دائرة مشكلة من ثلاثة من الرؤساء بمحكمة استئناف .... ، فإنه يكون قد صدر من هيئة مُشكلة وفق القانون ، ويكون ما يثيره الطاعن بشأن تشكيل هيئة المحكمة مُصدرة الحكم غير سديد . (الطعن رقم 8695 لسنة 78 جلسة 2016/02/14)

الطعم رقم 8695 لسنة 78

من أحكام محكمة النقض فى إثبات الحكم المطعون فيه ارتكاب الطاعن جريمة الاشتراك في جناية الاختلاس ‏بظرفيها المشددين‏ المنصوص عليهما بالفقرة الثانية من المادة ‏‏112 عقوبات ‏. يوجب عقابه بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها ‏بالفقرة المذكورة . إعماله للمادة 17 عقوبات على العقوبة المغلظة لا ‏على عقوبة الاختلاس المجرد ‏. صحيح . علة ذلك ؟

إثبات الحكم المطعون فيه ارتكاب الطاعن جريمة الاشتراك في جناية الاختلاس ‏بظرفيها المشددين‏ المنصوص عليهما بالفقرة الثانية من المادة ‏‏112 عقوبات ‏. يوجب عقابه بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها ‏بالفقرة المذكورة . إعماله للمادة 17 عقوبات على العقوبة المغلظة لا ‏على عقوبة الاختلاس المجرد ‏. صحيح . علة ذلك ؟

لما كان الحكم المطعون فيه - على نحو ما سبق بيانه - قد بيَّن الظرفين المشددين ‏لجريمة الاختلاس بأن انتهى صحيحاً أن المتهم الأول من الأمناء على الودائع - أمين حفظ ‏الإدارة الجنائية بجهة عمله - واختلس ملفات القضايا موضوع جريمة الاختلاس ، وارتكب ‏تزويراً في محررات رسمية ارتبط بالاختلاس ، وأن الطاعن - موظف تنفيذ بذات الجهة - ‏على علم بصفة المتهم الأول وطبيعة عمله وعدم صحة ما أمده به من بيانات وعدم ‏اختصاصه بتحريرها ، بما يوفر في حق الطاعن جريمة الاشتراك في جناية الاختلاس ‏بظرفيها المشددين ، ويحق عقابه بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها بالفقرة الثانية من المادة ‏‏112 من قانون العقوبات ، بغض النظر عن طبيعة الظرفين - من الظروف الشخصية أم ‏العينية - وبما يكون إعمال الحكم للمادة 17 من قانون العقوبات على العقوبة المغلظة لا ‏على عقوبة الاختلاس المجرد من الظروف يتفق وصحيح القانون ، ويكون النعي عليه في ‏هذا الشأن غير سديد .‏ (الطعن رقم 10148 لسنة 85 جلسة 2016/02/14)

رقم الطعن 10148 لسنة 85 

من أحكام محكمة النقض المصريه فى مسئولية الشريك عن جميع الظروف المشددة ‏المقترنة بالجريمة التي تقع بناءً على اشتراكه

مسئولية الشريك عن جميع الظروف المشددة ‏المقترنة بالجريمة التي تقع بناءً على اشتراكه . ‏ ولو كان يجهلها .‏ محاسبته على كل جريمة تقع ولو كانت غير التي قصد ارتكابها . ما دامت نتيجة محتملة لفعل ‏الاشتراك الذي قارفه ‏. مثال .


لما كان القانون يعاقب الشريك بالعقوبة المقررة للجريمة التي تقع بناءً على اشتراكه ، ويجعله مسئولاً عن جميع الظروف المشددة التي تقترن بنفس الجريمة ولو كان يجهلها ، ويحاسبه على كل جريمة تقع ولو كانت غير التي قصد ارتكابها لمجرد كونها نتيجة محتملة لفعل الاشتراك الذي قارفه ، بما يوجب القول أن اتفاق الطاعن مع الفاعل الأصلي والمتهم الآخر على ارتكاب الواقعة وتقديمه البيانات موضوع التزوير للفاعل الأصلي لإثباتها في دفاتر النيابة مع علمه بصفته الوظيفية ورسمية المحررات محل التزوير وعدم صحة البيانات المقدمة منه ، توصلاً لإثبات نتيجة غير صحيحة وهي انقضاء الدعاوى بالتصالح أو البراءة أو إيقاف العقوبة المقضي بها فيها ، يتناول بالبداهة كل النتائج الحتمية التي تقتضيها تلك الأعمال لإتمام جريمة الاشتراك في الاختلاس المغلظة بظرفيها آنفي الذكر ، بما يكون معه نعي الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير سديد . (الطعن رقم 10148 لسنة 85 جلسة 2016/02/14)

رقم الطعن 10148 لسنة 85

من أحكام محكمة النقض المصرية فى ( الدفع بعدم جواز نظر الدعوى الجنائيه لسابقه صدور حكم فيها )

الدفع بعدم جواز نظر الدعوى الجنائيه لسابقه صدور حكم فيها

حجية الأحكام وعناصرها:
* إن صدور الحكم والنطق به ينهي النزاع بين الخصوم ويخرج القضية من يد المحكمة بحيث لا يجوز أن تعود إلى نزرها بما لها من سلطة قضائية، كما لا يجوز لها تعديل حكمها فيها أو إصلاحها إلا بناء على الطعن فيه بالطرق المقررة أو بطريق تحصيح الخطأ المادي المنصوص عليه في المادة (337) إجراءات جنائية.
(نقض جلسة 10/10/1958 مجموعة القواعد القانونية س9 ص644)

* استقرت أحكام محكمة النقض على أنه يشترط لصحة الدفع بقوة الشيء المحكوم في المسائل الجنائية بما يتعين معه الامتناع عن نظر الدعوى أن يكون هناك حكم جنائي نهائي سبق صدروه في محاكمة جنائية في موضوع الدعوى سواء قضى بالإدانة وتوقيع العقوبة أو بالبراءة ورفض ـ توقيعها، أما إذا صدر حكم في مسألة غير فاصلة في الموضوع فانه لا يجوز حجية الشيء المقضي به. ولما كان من المقرر أن استئناف الحكم الصادر في المعارضة بعدم قبولها لرفعها عن حكم غير قابل لها يقتصر في موضوعه على هذا الحكم باعتباره حكماً شكلياَ قائماَ بذاته دون أن ينصرف أثر الاستئناف إلى الحكم الابتدائي لاختلاف طبيعة كل من الحكمين، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الاستئناف المقام من المطعون ضده عن الحكم الغيابي الابتدائي الصادر في موضوع الدعوى لسابقة الفصل فيه في الاستئناف المرفوع من ذات المطعون ضده عن الحكم الصادر في معارضته الابتدائية بعدم جوازها وهو ما لا يعتبر قضاء في موضوع التهمة بالبراءة أو بالإدانة يحوز حجية الشيء المحكوم فيه وتنقضي به الدعوى الجنائية ـ يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
(نقض جلسة 14/5/1984 مجموعة القواعد القانونية س35 ص 498)

* من المقرر أن مناط حجية الأحكام هي وحدة الخصوم والموضوع والسبب، وإذ كان ذلك وكان الطاعن لا يدعي محاكمة جنائية جرت له تتحد موضوعاً وسبباً وأشخاصاً مع الدعوى الماثلة وصدر فيها حكم معين فإن منعي الطاعن على الحكم بأن القضاء بإدانته إخلال بقاعدة قوة الشيء المقضي يكون غير سديد.
(نقض جلسة10/3/1974مجموعة القواعد القانونية س25 ص236)

* يشترط لصحة الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه في المسائل الجنائية: (أولاً) أن يكون هناك حكم جنائي سبق صدوره في محاكمة جنائية معينة. (ثانياً) أن يكون بين هذه المحاكمة التالية التي يراد التمسك فيها بهذا الدفع اتحاد في الموضوع واتحاد في السبب واتحاد في أشخاص رافعي الدعوى والمتهم أو المتهمين المرفوعة عليهم الدعوى. ووحدة الموضوع في كل قضية جنائية هو طلب عقاب المتهم أو المتهمين المقدمين للمحاكمة أما اتحاد السبب فيكفي فيه أن يكون بين القضيتين ارتباط لا يقبل التجزئة (Indivisibilitie) برغم اختلاف الواقعة في كل منهما، كأن تكون القضية المنظورة هي دعوى ارتكاب تزوير مخالصة وتكون القضية الصادر فيها الحكم المقول بأنه حائز لقوة الشيء المحكوم فيه هي دعوى الشهادة زوراً على صحة هذه المخالصة ويكون هذا الحكم المراد الاحتجاج به قد برأ الشاهد تأسيساً على اقتناع المحكمة بأن المخالصة صحيحة متناقضاً مع حكم البراءة متى ثبت أن أحدهم سواء أكان فاعلاً أصلياً أم شريكاً ـ كان ماثلاً في القضية التي صدر فيها الحكم النهائي بالبراءة مثلاً وأن براءته لم تكن مبنية عل أسباب شخصية خاصة به، ففي هذه الصورة يمتنع ن يحاكم من جديد هذا الذي كن ماثلاً في القضية السابقة ـ وذلك بديهي ـ كما تمتنع محاكمة زملائه، سواء أكانوا فاعلين أصليين أم شركاء من أجل الواقعة بعينها أم من أجل واقعة أخرى تكون مرتبطة بالأولى ارتباطاً لا يقبل التجزئة
(نقض جلسة 29/10/1934 مجموعة القواعد القانونية ج3 ص 374)

* من المقرر أن مناط حجية الأحكام هي وحدة الخصوم والموضوع والسبب ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها التي كانت محلاً للحكم السابق، ولا يكفي للقول بوحدة السبب في الدعويين أن تكون الواقعة الثانية من نوع الواقعة الأولى أو أن تتحد معها في الوصف القانوني أو تكون الواقعتان كلتاهما حلقة من سلسلة وقائع متماثلة ارتكابها المتهم لغرض واحد إذا كان لكل واقعة من هاتين الواقعتين ذاتية خاصة وظروف خاصة تتحقق بها المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل منها.
(نقض جلسة 26/12/1976 مجموعة القواعد القانونية س27 ص 987)

* واقعة تزوير صحيفة دعوى مدنية تختلف عن واقعة تزوير البيع موضوع هذه الدعوى، إذ لكل منهما ذاتية وظروف خاصة تتحقق بها الغيرية التي يمتنع بها القول بوحدة الواقعة في الدعويين.
(نقض جلسة 27/6/1960 مجموعة القواعد القانونية س11 ص 600)

* إن القضاء بالبراءة في تهمة التبديد لتشكك الحكمة في أدلة الثبوت فيها لا يقطع بصحة البلاغ المقدم عنها أو بكذبه، ولذا فإنه لا يمنع المحكمة المطروحة أمامها تهمة البلاغ الكاذب من أن تبحث هذه التهمة طليقة مـن كل قيد، ومن ثم فلا محل للنعي على الحكم المطعون فيه أنه لم يتقيد بالحكم الذي قضى ببراءة الطاعن من تهمة التبديد طالما أنه لم يقطع بكذب بلاغ المطعون ضدها.
(نقض جلسة 3/2/1975 مجموعة القواعد القانونية س26 ص 132)

* قوة الشيء المقضي به مشروطة باتحاد الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين، ودعوى إصدار شيك بدون رصيد تختلف موضوعاً وسبباً عن دعوى تزوير الشيك واستعماله مع العلم بتزويره.
(نقض جلسة 30/5/1976 مجموعة القواعد القانونية س27 ص 558)

* من المقرر أنه متى صدر حكم بالبراءة على أسباب عينية مثل أن الجريمة لم تقع أصلاً، أو على أنها ليست في ذاتها من الأفعال التي يعاقب عليها القانون فإنه يكتسب حجية بالنسبة إلى وحدة المساهمية والأثر العيني للحكم وكذلك قوة الأثر القانوني للارتباط بين المتهمين في ذات الجريمة فضلاً عن أن ضمير المجمع يرفض المغايرة بين مصائر المساهمين في جريمة واحدة الذين تتكافأ مراكزهم في الاتهام إذا قضى بتبرئة أحدهم وبإدانة غيره اتحاد العلة ولا كذلك إذا كان الحكم بالبراءة مبنياً على أسباب خاصة بأحد المساهمين دون غيره فيها فإنه لا يجوز الحجية إلا في حق من صدر لصالحه ولا يفيد منه الآخرون، وإذا كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه وتصحيحه بالقضاء ببراءة الطاعنين مما أسند إليهما.
(نقض جلسة 22/3/1984 مجموعة القواعد القانونية س35 ص 335)

* لما كان الواضح من مدونات الحكم المطعون فيه أن القضاء ببراءة حائز الأرض بني على أسباب شخصية لصيقة بذات المتهم الذي جرت محاكمته استناداً إلى عدم ثبوت أنه هو الذي قام بعملية التجريف في الأرض ولا تتصل بذات واقعة التجريف التي ارتكبها الطاعن وثبتت في حقه، وكانت أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة إلا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً وهو الأمر الذي لم يتوفر في الدعوى المطروحة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل.
(نقض جلسة 14/6/1984 مجموعة القواعد القانونية س35 ص 595)

* تنص المادة (454) من قانون الإجراءات الجنائية على أن تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة إليه بصدور حكم نهائي فيه بالبراءة أو بالإدانة وإذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون ومن ثم كان محظوراً محاكمة الشخص عن الفعل ذاته مرتين، لما كان ذلك وكان القول بوحدة الجريمة أو بتعددها هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض، كما أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم وتوافر الشروط المقررة في المادة (32/2) من قانون العقوبات أو عدم توافرها وإن كان من شأن محكمة الموضوع وحدها، إلا أنه يتعين أن يكون ما ارتأته من ذلك سائغاً في حد ذاته ـ لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد اكتفت في رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى (خيانة أمانة) لسبق الفصل فيها بقوله باستقلال كل من سندي الدعويين عن الآخر دون أن يبين من الوقائع التي أوردتها ما إذا كان المبلغان المثبتان بالسندين قد سلما إلى المحكوم عليه في الوقت نفسه والمكان ذاته أم لا وظروف هذا التسليم وما إذا كان الحكم الصادر في الدعوى الأولى نهائياً، وبذلك جاء الحكم مشوباً بقصور في بيان العناصر الكافية والمؤدية إلى قبول الدفع أو رفضه بما يعجز محكمة النقض عن الفصل فيما هو مثار من خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون ـ الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
(نقض جلسة 16/11/1975 مجموعة القواعد القانونية س26 ص 696)

* لا يصح القول بوحدة الغرض فيما يتعلق بالأفعال عند تكررها إلا إذا اتحد الحق المعتدي عليه وقد يختلف السبب ـ على الرغم من وحدة الغرض، متى كان الاعتداء المتكرر على الحق قد وقع بناء على نشاط إجرامي خاص.
(نقض جلسة 2/5/1966 مجموعة القواعد القانونية س17 ص 541)

* ولا يصح في المواد الجنائية الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها إذا لم يتوافر شرط اتحاد السبب في الدعويين، ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون محل الحكم السابق، وفي الجرائم التي تتكون من سلسلة أفعال متعاقبة ترتكب لغرض واحد لا يصح القول بوحدة الواقعة فيما يختص بهذه الأفعال عند تكررها إلا إذا اتحد الحق المعتدي عليه، فإذا اختلف، وكان الاعتداء عليه قد وقع بناء على نشاط إجرامي خاص عن طريق تكرار الفعل المرتكب في مناسبات مختلفة، فإن السبب لا يكون واحداً على الرغم من وحدة الغرض.
(نقض17/6/1946 مجموعة القواعد القانونيةج7 ص182)

* وأنه مهما قيل في مدى حجية الأحكام الجنائية الصادرة بالبراءة أو الصادرة بالعقوبة فيما يختص بالدعوى المدنية المترتبة على الجريمة، فإنه في المواد الجنائية يجب دائما للتمسك بحجية الأحكام الصادرة بالعقوبة تحقق الوحدة في الموضوع والسبب والخصوم، بالحكم بإدانة متهم عن واقعة جنائية يكون حجة مانعة من محاكمة هذا المتهم مرة أخرى عن ذات الواقعة.. ولا يكون كذلك بالنسبة إلى متهم آخر يحاكم عن ذات الواقعة. وإيجاب تحقق هذه الوحدة أساسه ما تتطلبه المبادئ الأولية لأصول المحاكمات الجنائية من وجوب تمكين كل متهم من الدفاع عن نفسه فيما هو منسوب إليه ـ قبل حكم المحكمة عليه، حتى لا يجابه متهم بما يتضمنه حكم صادر بناء على إجراءات لم تتخذ في حقه.
(نقض جلسة 2/4/1945 المحاماة س27 ص 494)

* المقرر أنه متى أصدرت المحكمة حكماً في الدعوى فإنها لا تملك تعديله أو تصحيحه لزوال ولايتها في الدعوى، وذلك في غير الحالات المبينة في المواد (337) إجراءات جنائية و(367 و368) مرافعات، وفي غير حالة الحكم الغيابي.
(نقض جلسة 23/3/1959 مجموعة القواعد القانونية س10 ص 337)

* ثبوت اتحاد الدعويين سبباً وخصوماً وموضوعاً وأن حكماً نهائياً صدر بالإدانة في إحداهما وحاز قوة الأمر المقضي قبل الفصل في الأخرى يوجب الحكم فيها بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها ومخالفة ذلك يعد خطأ في تطبيق القانون.
(نقض جلسة 29/1/1973 مجموعة القواعد القانونية س24ص 108)

* إن جريمة الاعتياد على الإقراض بفوائد تزيد على الحد الأقصى الممكن الاتفاق عليها قانوناً المعاقب عليها بالمادة (339/3) من قانون العقوبات تتطلب مقارفة الجاني قرضين أو أكثر من قبيل ما نصت عليه تلك المادة، وتنص المادة (454) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو الإدانة وإذن فمتى كان الثابت بالحكم أن الطاعن لم يعقد سوي قرص واحد بعد أن حكم عليه بالإدانة لاعتياده على إقراض نفوذ بفوائد تزيد على الحد الأقصى، فإن الحكم بالمطعون فيه يكون مخطئاً فيما قضى به من إدانة الطاعن وتأسيساً على أنه وإن لم يتعاقد بعد الحكم إلا عن فرض واحد إلا أن هذا منه يدل على أن عادة الإقراض بالفوائد الربوية متأصلة فيه، ذلك بأن الحكم السابق صدوره على الطاعن قد عاقبه على الوقائع السابقة عليه باعتبارها عنصراً من عنصر الاعتياد الذي دانه به، ومن ثم فلا يصح اتخاذها عنصراً جديد وإلا كان تكراراً للمحاكمة على ذات الوقائع، الأمر الذي تنص المادة (454) من قانون الإجراءات صراحة على عدم جوازه.
(نقض جلسة 19/10/1953 طعن رقم 418 سنة 23ق)

* لما كان من المقرر أنه إذا استأنفت النيابة العامة وكان ميعاد المعارضة لا زال ممتداً أمام المحكوم عليه غيابياً ـ فيتعين إيقاف الفصل في استئناف النيابة العامة حتى ينقضي ميعاد المعارضة، أو يتم الفصل فيها، وترتيباً على هذا الأصل يكون الحكم الذي صدر من المحكمة الاستئنافية بتاريخ 6مايوسنة 1990 بناء على استئناف النيابة العامة للحكم الغيابي القاضي بالعقوبة قبل الفصل في المعارضة التي رفعت عنه من المحكوم عليه غيابياً ـ الطاعن ـ معيباً بالبطلان، إلا أنه لما كان هذا الحكم قد أصبح نهائياً باستنفاذ طرق الطعن المقررة قانوناً ـ بالمعارضة الاستئنافية سالفة البيان والطعن عليه بطريق قبوله ومصاردة الكفالة، فإنه ينتج أثره القانوني تنتهي به الدعوى الجنائية عملاً بنص المادة (454) من قانون الإجراءات الجنائية، لما كان ذلك، فإنه كان من المتعين على المحكمة الاستئنافية وقد عرض عليها الاستئناف الذي رفع من المتهم ـ الطاعن ـ عن الحكم المعارض فيه أن تضع الأمور في نصابا، وتقضى بعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيها، ومتى كانت المحكمة الاستئنافية قد قضت بتأييد الحكم المستأنف ـ القاضي بعدم جواز نظر المعارضة ـ وكان هذا القضاء يلتقي في النتيجة مع الحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، مما يغني عن الفضاء بتصحيح الحكم المطعون فيه، والحكم بمقتضى القانون على النحو المار بيانه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل.
(الطعن رقم 5241 لسنة 63 ق جلسة 10/2/1999)

* لما كان مبدأ حجية الأحكام يفترض وحدة الموضوع والسبب والخصوم فإذا كانت الواقعة المادية التي تطلب سلطة الاتهام محاكمة المتهم عنها قد طرحت على المحكمة التي خولها القانون سلطة الفصل فيها، فإنه يمتنع بعد الحكم النهائي الصادر منها إعادة نظرها، حتى ولو تغاير الوصف القانوني طبقاً لأحكام القانون الذي يطبقه قضاء الإعادة، وإلي هذا الأصل أشارت المادة (445) من قانون الإجراءات الجنائية حين نصت على أنه يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد الحكم فيها نهائياً بناء على ظهور أدله جديدة أو ظروف جديدة أو بناء على تغيير الوصف القانوني للجريمة 0 لما كان ذلك وكانت واقعة الضرب التي أسندت إلى المطعون ضده وحكم عليه من أجلها من محكمة الجنح بحكم نهائي وبات هي الواقعة ذاتها التي قدم بها من جديد إلى محكمة الجنايات بوصف جديد هو الضرب المفضي إلى موت المجني عليها، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر ذلك من بأسباب سائغة، فإن ما انتهى إليه من القضاء بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية لسابقة الفصل فيها يكون قد وافق صحيح القانون.
(الطعن رقم 15548 لسنة 67 ق جلسة 11/7/1999)

* إنه من المقرر أن مناط حجية الأحكام هي وحدة الخصوم والموضوع والسبب، ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلاً للحكم السابق ولا يكفي للقول بوحدة السبب في الدعويين أن تكون الواقعة الثانية من نوع الواقعة الأولى أو أن تتخذ معها في الوصف القانوني أو أن تكون الواقعتان كلتاهما حلقة من سلسلة وقائع متماثلة ارتكبها المتهم لغرض واحد إذا كان لكل واقعة من هاتين الواقعتين ذاتيه خاصة وظروف خاصة تتحقق بها المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل منها وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت اختلاف ذاتيه الواقعة محل الدعوى الراهنة وظروفها والنشاط الإجرامي الخاص بها عن الواقعة الأخرى اختلافاً تتحقق به هذه المغايرة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون فيما قضى به من رفض الدعوى بعد جواز نظر الدعوى السابقة للفصل بها.
(الطعن رقم 28909 لسنة 67 ق جلسة 7/5/2000)

الأحد، 10 يوليو 2016

شروط الطعن بالنقض من النيابة العامة إذا فوتت على نفسها حق استئناف حكم أول درجة


شروط الطعن بالنقض من النيابة العامة إذا فوتت على نفسها حق استئناف حكم أول درجة

- من المقرر أنه إذا فوتت النيابة العامة على نفسها حق استئناف حكم محكمة أول درجة فإن هذا الحكم يحوز قوة الأمر المقضى وينغلق أمامها طريق الطعن بالنقض إلا أن ذلك مشروط بأن يكون الحكم الصادر - بناء على استئناف المتهم - قد جاء مؤيداً لحكم محكمة أول درجة فيصدق القول بأن الحكمين الابتدائي والاستئنافي قد اندمجا وكونا قضاءً واحداً.

- من المقرر أنه إذا ألغي الحكم الابتدائي في الاستئناف أو عدل، فإن الحكم الصادر في الاستئناف يكون قضاءً جديداً منفصلاً تماماً عن قضاء محكمة أول درجة ويصح قانوناً أن يكون محلاً للطعن بالنقض من جانب النيابة العامة مع مراعاة ألا ينبني على طعنها - مادامت لم تستأنف حكم محكمة أول درجة - تسويئ لمركز المتهم المكتسب من الحكم المطعون فيه بالاستئناف فيه وحده . لما كان ذلك وكانت النيابة العامة - الطاعنة - وإن ارتضت الحكم الصادر من محكمة أول درجة بحبس المطعون ضده ستة أشهر مع الشغل عن الواقعة المسندة إليه بعدم استئنافه مع ما شابه من خطأ في تطبيق القانون باعتباره الواقعة جنحة بالمخالفة لحكم المادة 21 من القانون رقم 146 لسنة 1988 بشأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها التي اعتبرت الواقعة جناية، إلا أنه لما كانت المحكمة الاستئنافية

- في المعارضة الاستئنافية المرفوعة من المطعون ضده ....- قد سايرت محكمة أول درجة واعتبرت الواقعة جنحة ثم قضت فيها بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي ثلاث سنين، فقد غدا هذا الحكم الذي يكون بقضائه ذاك قد أفاد معنى براءة المطعون ضده لعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية عليه، حكماً قائماً بذاته

مستقلاً عن ذلك الحكم الذي ارتضته النيابة العامة وبالتالي يكون طعنها فيه بطريق النقض جائزاً . لما كان ذلك وكان الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون فهو مقبول شكلاً .

(الطعن 19497 لسنة 65 ق جلسة 1/ 11/ 2004)

جريمه الاحتيال


جريمه الاحتيال
نعرض في هذا الباب القواعد العامة التي تخضع لها فكرة الاحتيال في قانون العقوبات ثم نتبع ذلك بتفصيل الأركان العامة لجريمة الاحتيال في الفصل الأول ونبين العقاب عن الاحتيال في الفصل الثاني،على ما سيلي بيابنه.


مبحث تمهيدي
القواعد العامة التي تخضع لها
فكرة الاحتيال

- مفهوم الاحتيال :
لم يستخدم المشرع تعبير " النصب " في المادة 399 ع. أ. بدلا من ذلك استخدمت المادة السابقة تعبير "الاحتيال"، ليؤدي نفس مفهوم النصب، بقولها" كل من توصل إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو سند أو توقيع هذا السند أو إلى إلغائه أو إتلافه أو تعديله وذلك بالاستعانة بطريقة احتيالية أو .... ". من هذا يبين أن جريمة الاحتيال أو النصب هي" الاستيلاء على مال منقول مملوك للغير بنية تملكه بطريقة بوسيلة احتيالية ".
- المجني عليه في جريمة الاحتيال :
يحمي تجريم الاحتيال مصلحتين" الأولى هي الملكية، والثانية هي الإرادة في التعاقد. فالاحتيال يقع اعتداء على ملكية المجني عليه حيث يلزم لوقوع الجريمة نية التملك لدى الفاعل. فإذا احتال شخص على آخر ليستعير منه كتابا أو ماكينة ري لمدة مؤقتة يردها بعد ذلك، لا يرتكب جريمة الاحتيال .
وإذا كان المال محل الجريمة في حيازة غير المالك واستطاع الفاعل أن يحتال عليه ليتحصل على ذلك المال، فإن الجريمة تقع اعتداء على مالك المنقول. كما أن حائزه يعتبر مضرورا مباشرة من الجريمة ويستطيع الادعاء مدنيا أمام القضاء الجنائي .
أما في حالة بيع ملك الغير كوسيلة من الوسائل الاحتيالية ، فإن صاحب العقار محل البيع ليس مجنيا عليه في النصب لأنه من الغير بالنسبة للبيع الذي لم يكن طرفا فيه كما أنه ليس مضرورا مباشرا من الجريمة، لأنه إذا حاول المشتري أن يستولي على العقار، فإن ما يحدث لصاحب العقار من أضرار سواء من جراء الاستيلاء على العقار أم بسبب اعتداء المشتري أو البائع عليه ليس مرتبطا بعلاقة مباشرة بالجريمة، لأنه ناتج من عمل منفصل عنها إذ، إنه لاحق على وقوعها. وبالتالي لا اختصاص للمحكمة الجزائية بنظر دعواه المدنية.
وإذا كان المال محل البيع منقولا ولم يكن في حيازة الفاعل، فإن القواعد السابقة تسري أيضا، ذلك أن صاحب المنقول من الغير. أما إذا كان المال المنقول في حوزة الفاعل، فإن صاحب المنقول مجني عليه أيضا من الجريمة ومضرور بصفة مباشرة منها .
وبالإضافة إلى حماية الملكية ، فإن القانون يحمي الإرادة من أن تقع محلا لوسائل احتيالية في التعاقد. وهنا يختلف الاحتيال في النصب عن التدليس المدني على ما سيلي.
ويلاحظ أنه لا يحول دون وقوع جريمة الاحتيال أن يرتكب المجني عليه خطأ مهما بلغت جسامته حتى ولو كان التعاقد بين المتهم والمجني عليه الذي سلم المال بمناسبته يرمي إلى ارتكاب جريمة. فإذا احتال شخص على امرأة وأقنعها بأنه مالك لشقة وأنه يوافق على تأجيرها لأعمال الدعارة وحصل منها على مبلغ نقدي، فإن جريمة النصب تقوم رغم ذلك. وكذلك الحال إذا دفع المجني عليه مبلغا من المال لرشوة شخص اتضح أنه ليس موظفا عاما.
- خصائص الجاني والمجني عليه في الاحتيال :
يتميز الجاني في جريمة الاحتيال بارتفاع في مستوى ذكائه، لأنه إذا كان الاحتيال من السذاجة بحيث لا ينطلي على الرجل العادي، فإنه لا يكفي لوقوع جريمة الاحتيال. فيلزم أن يكون الاحتيال له حبكة أو قابل للتصديق بحيث يقع فيه الرجل ذو الذكاء المتوسط. وهذا يعني أن الجاني عادة رجل ذو ذكاء أعلى من المتوسط.
أما بالنسبة للمجني عليه في الاحتيال فهو ينتمي عادة إلى متوسطي الذكاء. فهو ليس منخفض الذكاء بشكل ملحوظ، لأن القانون لا يحمي المغفلين، ذلك أنه إذا كانت الوسائل الاحتيالية من الوضوح بحيث لا تنطلي إلاّ على السذج من الناس فلا تقع جريمة الاحتيال.
فهل هذا يعني أن المجني عليه في جريمة الاحتيال لا يمكن أن يكون من مرتفعي الذكاء ؟ في واقع الأمر ليس في القانون ما يمنع أن يكون المجني عليه في النصب من مرتفعي الذكاء وإن كان ينتمي في كثير من الأحيان إلى طبقة متوسطي الذكاء. وبالتالي فإنه لا يجوز دفع مسئولية بعض شركات توظيف الأموال عن جريمة النصب إذا كان الاحتيال الذي صدر منها قد أدى إلى وقوع كثير من المثقفين في حبائلها، بل وكثير من رجال القضاء أنفسهم.
- الاحتيال مضمونه الكذب :
لا يقوم الاحتيال إذا كانت الوقائع التي يذكرها الشخص والتي أدت إلى تسليم المال من شخص آخر وقائع صحيحة غير مكذوبة. وبناء عليه ذهبت محكمة النقض إلى أنه إذا كانت المحكمة قد اعتبرت ما وقع من المتهمين نصبا بناء على أنهما توصلا إلى الاستيلاء على المال من المجني عليها عن طريق إيهامها باحتمال مهاجمة اللصوص لها وسلب أموالها والاستعانة في ذلك بذكر حادث معين من حوادث السرقات التي وقعت في الجهة، وكانت قد قالت في حكمها ما يفيد أن الحادث المشار إليه وقع فعلا وأن المجني عليها كانت تعلم بوقوعه وقت أن ذكره المتهمان، فذلك لا تتوافر به الطرق الاحتيالية) ).
ويستوي بعد ذلك أن يكون الكذب شفويا أو مكتوبا. فإذا كان مكتوبا، فإنه يمكن أن يشكل جريمة التزوير مرتبطة بجريمة الاحتيال .
- التفرقة بين الاحتيال والتدليس المدني :
إذا كان الاحتيال إيقاعا للمتعاقد في غلط، فإن التدليس المدني أيضا إيقاع له في غلط. غير أن هناك عدة فوارق تميز بين الاحتيال والتدليس المدني، أهمها :
1- الاحتيال يشكل جريمة أي يؤدي إلى المساءلة الجنائية بينما لا يرتب التدليس إلاّ المسئولية المدنية في إبطال العقد.
2- التدليس المدني عيب من عيوب الإرادة بينما الاحتيال اعتداء على الملكية، بالإضافة إلى كونه عيبا من عيوب الإرادة. وعلى ذلك إذا كان الاحتيال لا يرمي إلى تملك شيء معين فهو من قبيل التدليس المدني وليس النصب. فمن استعمل وسائل احتيالية لإقناع امرأة أن تتزوجه، فإنه لا يرتكب جريمة الاحتيال، وإنما يجوز لها طلب إبطال العقد للتدليس.
3- تقوم التفرقة بصدد الاحتيال بين الاحتيال الذي يؤدي إلى تسليم المال وبين الاحتيال الذي كان يرمي إلى تسليم المال ولكنه أوقف أو خاب أثره لسبب لا دخل لإرادة الفاعل فيه. ففي الحالة الأولى تقوم جريمة النصب. وفي الحالة الثانية تقوم جريمة الشروع في الاحتيال. أما التدليس المدني فليس له إلاّ صورة واحدة وهي التي يؤدي فيها إلى التعاقد.
4 - الاحتيال كنشاط هو الذي يؤدي إلى تسليم مال منقول. أما إذا كان موضوعه عقارا أو تمكينا من منفعة فهو تدليس مدني وليس احتيالا جنائيا. غير أنه يلاحظ أن تسليم عقد العقار يعتبر تسليما لمنقول. فالمحرر الذي يحتوي على العقد هو منقول وتقوم جريمة النصب بالاستيلاء عليه بناء على الاحتيال.
ويلاحظ أنه إذا تحايل الفاعل على الورثة لإقناعهم أن مورثهم كان قد باع لهم عقارا بعقد ابتدائي وطب منهم أن يقوموا بتسجيله فوافقوا بناء على هذا الاحتيال، فإنه يمكن اعتبار ذلك نصبا طالما استولى الفاعل على عقد موثق بناء على هذا الاحتيال لأنه يعتبر عقدا جديدا مختلفا عن العقد الابتدائي. هذا مع العلم بان التوثيق هو تدخل لموظف رسمي على العقد الابتدائي الذي كان مع الفاعل .
5 - التدليس المدني يمكن أن يقع بالكتمان أي بالسلوك السلبي. فكما يقوم التدليس بسلوك إيجابي، فإنه يتوافر أيضا بسلوك سلبي. من أمثلة ذلك أن يمتنع المؤمن عليه من ذكر مرض خطير مصاب به في عقد التأمين. أما الاحتيال فهو دائما سلوك إيجابي. فإذا اعتقد المجني عليه أن شخصا ما له أهمية معينة أو مركز معين أو أنه وكيل عن شركة معينة، دون تدخل من الفاعل أو من الغير بناء على تواطؤ بينهما، فإن ذلك لا يُعد احتيالا ولا تقع به جريمة النصب. ولكن يُعد تدليسا مدنيا .
وقد أجازت المادة 186من قانون المعاملات المدنية الاتحادي صراحة أن يقوم التدليس بالسكوت عمدا عن واقعة إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة. فتنص المادة السابقة على أنه " يعتبر السكون عمدا عن واقعة أو ملابسة تغريرا إذا ثبت أن من غُرر به ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة ".
6 - التدليس المدني يتعلق عادة بخاصية في الشيء، كدرجة جودة سلعة من السلع أو موقع عقار من العقارات أو قابلية أرض للبناء أو عدم قابليتها ذلك. أما في حالة الاحتيال، فإن الكذب فيه يصل إلى درجة الإيهام بشيء موجود بينما هو غير موجود .
7 - بينما حدد المشرع في المادة 399 عقوبات اتحادي وسائل الاحتيال على سبيل الحصر ، فإن وسائل التدليس المدني غير محددة ، فهي كل وسيلة يرمي صاحبها إلى إيقاع المتعاقد في غلط .
8 - لا يشترط في التدليس أن يصل إلى درجة جسامة معينة. وآية ذلك أن التدليس يمكن أن يقوم بمجرد الكذب أو حتى بالامتناع ( ). أما الاحتيال فيشترط فيه أن ينطلي على الرجل متوسط الذكاء. فعلى حين لا يقوم الاحتيال إذا كان واضحا لا يقنع الرجل دون الذكاء المتوسط، فإن التدليس يقوم في جميع الحالات دون هذا الشرط .
ويلاحظ أن وصف وقائع معينة بأنها طرق احتيالية هي مسألة قانون. وبالتالي يجوز لمحكمة النقض أن تراجع محكمة الموضوع وتقرر أن الأمر يشكل تدليسا مدنيا وليس احتيالا جنائيا إذا اقتضى الأمر ( ).
- التفرقة بين الاحتيال وغيره من جرائم الأموال :
التمييز بين الاحتيال والسرقة :
يتفق الاحتيال والسرقة في أن كليهما جريمتان من جرائم الأموال المنقولة، وكلاهما يقعان اعتداء على الملكية وهما من الجرائم العمدية غير أن فروقا تبقى بينهما، هي :
1- في السرقة لا يوجد تسليم أصلا وأحيانا يوجد تسليم اليد العارضة
2- إن الفاعل في الاحتيال يحصل على المال من المجني عليه لنفسه أي أن المجني عليه يتخلى عن الحيازة الكاملة للفاعل وهو ما لا يتوافر بالنسبة للسرقة.
3- إن الاحتيال يقع اعتداء على الإرادة في التعاقد بالإضافة إلى الاعتداء على الملكية ، أما السرقة فتقع اعتداء على الحيازة بالإضافة إلى الملكية.
- الاحتيال وخيانة الأمانة :
تتفق جريمة الاحتيال وخيانة الأمانة في أن كليهما من جرائم الأموال المنقولة وتقعان اعتداء على الملكية وأنهما من الجرائم العمدية. هذا بالإضافة إلى أن هناك تسليما في الحالتين للمال من المجني عليه إلى الفاعل.
غير أن فروقا توجد بينهما هي :
1- لا يشترط في الاحتيال وجود عقد من عقود الأمانة ، بينما يلزم ذلك كشرط مسبق( مفترض) في جريمة خيانة الأمانة .
2 - الاحتيال اعتداء على الملكية والإرادة في التعاقد، أما خيانة الأمانة فاعتداء على الملكية والثقة.
3 - التسليم من المجني عليه في الاحتيال ناقل للحيازة الكاملة، أما في خيانة الأمانة فهو ناقل للحيازة الناقصة.
4 - لحظة وقوع الجريمة في الاحتيال هي عند التسليم. أما خيانة الأمانة فإنها لا تقوم إلاّ بعد التسليم عند الاختلاس أو التبديد.
5 - يعاقب على الشروع في الاحتيال ، أما في خيانة الأمانة فلا يتصور الشروع فيها .


الفصل الأول
الأركان العامة لجريمة الاحتيال

النشاط في جريمة الاحتيال هو الاحتيال، والنتيجة هي تسليم المنقول. ويلزم أن يكون الاحتيال هو الذي تسبب في تسليم المنقول، وهذا ما يُطلق عليه علاقة السببية .

المبحث الأول
الاحتيــــال

- المقصود بالاحتيال :
لم تضع المادة 399ع. أ. تعريفا للاحتيال ولكنها حددت مفهومه عن طريق تعداد وسائله المتمثلة في :
- الاستعانة بطريقة من الطرق الاحتيالية
- اتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة
- التصرف في عقار أو منقول يعلم أنه غير مملوك له أو ليس له حق التصرف فيه
- التصرف للمرة الثانية فيما سبق أن تصرف فيه الفاعل
وعلى أية حال فإن الاحتيال جوهره الكذب، فلا يقوم الاحتيال لو كان المتهم يقول الصدق أو لم يكن فعله يوصف بالكذب؛ فمن يفتح حسابا في أحد البنوك لكي يستغل تلك الشيكات في التعامل مع الناس مع أنها بدون رصيد، مستوليا بذلك على سلع يشتريها باستعمال تلك الشيكات لا يوصف فعله بالكذب لمجرد أنه يستعمل شيكات بدون رصيد. لذلك قضت محكمة التمييز بدبي بأن مجرد فتح حساب في مصرف وإصدار شيكات وتقديمها كثمن لبضاعة دون أن يكون مصحوبا بطرق احتيالية لا يشكل الجريمة المنصوص عليها في المادة 399 عقوبات بالنسبة للمستفيد من الشيكات( ). فحتى لو أكد المتهم أن الشيك له رصيد ، فإن ذلك لا يعدو أن يكون نوعا من الكذب العاري الذي لا يكفي للقول بتوافر الاحتيال.
- تعداد الطرق الاحتيالية على سبيل الحصر :
جاء تعداد الطرق الاحتيالية على سبيل الحصر وليس على سبيل المثال وبالتالي فإنه يتعين على الحكم الصادر بالإدانة عن جريمة النصب أن يبين الطريقة الاحتيالية التي استعان بها المتهم في استيلائه على أموال الغير، وإلاّ كان حكمها قاصرا في تسبيبه متعينا النقض ( ).
- قاعدة عدم تجريم الكذب العاري :
صحيح أن الاحتيال كذب ولكنه كذب مؤيد أي ليس مجرد كذب فيلزم أن يتخذ الكذب صورة من الصور التي نصت عليها المادة 336عقوبات.
فالأصل أن قانون العقوبات لا يعاقب على الكذب العاري وهذا ما يميزه عن قواعد الأخلاق. فالكذب العاري لا يُعد احتيالا في النصب، ذلك أنه يلزم أن يبذل المجني عليه حدا أدنى من الحرص. فإذا فرّط في حق نفسه، فلا يحميه قانون العقوبات عندئذ. تطبيقا لذلك قضت محكمة تمييز دبي بأنه في جريمة الاحتيال "لا يكفي لقيام الوسائل الاحتيالية فيها مجرد الأقوال والادعاءات الكاذبة وأنه يجب أن يكون الكذب مصحوبا بأعمال مادية أو مظاهر خارجية تحمل المجني عليه على الاعتقاد بصحته وأن يسلم ماله نتيجة لهذا الاعتقاد "( ). تطبيقا لذلك قضت المحكمة بأنه إذا استولى المتهم من المجني عليه على أموال بزعم استثمارها في البورصات دون توافر طريقة احتيالية معينة، فإن جريمة الاحتيال لا تتوافر( ). وقضت محكمة استئناف ابو ظبي بأن النصب لا يقع إذا اكتفى المتهم بأن أوهم المجني عليه بأنه يضارب بالأموال في إحدى الشركات وأنه بذلك يحقق أرباحا على غير الحقيقة فصدقه المجني عليه وسلمه أمواله لهذا الغرض فتسبب في خسارة كبيرة له( ). كما قُضي بأنه إذا كان المجني عليه في تهمة نصب هو من رجال الدين وقد دفع المبلغ للمتهم على أن يقدمه رشوة لموظف لتأدية عمل، فإن استيلاء المتهم على هذا المبلغ لا يعتبر جريمة معاقبا عليها، طالما أن ما بدر من الفاعل هو كذب عاري عن استخدام أية وسيلة احتيالية. وبالتالي لا يقوم الاحتيال وخاصة أن المجني عليه من رجال الدين المفروض فيهم أنهم يعلمون أن الرشوة حرام وبالتالي فإن المجني عليه قد تساهل في حق نفسه بتصديقه كذبا عاريا من شخص غير موظف وبدفعه مبلغا لرشوته( ).
وإذا كان الكذب العاري يصلح أن يكون تدليسا مدنيا، فإنه بهذه الصفة يجيز إبطال العقد، ولكنه لا يرتب المسئولية الجنائية بحسب الأصل.
- الاستثناءات على قاعدة عدم تجريم الكذب العاري :
على الرغم من الأصل هو عدم تجريم الكذب العاري ، فإنه يجوز أن يُعد ذلك احتيالا تقع به جريمة النصب في حالات هي :
1 - استثناءات تشريعية :
أجازت المادة 399 ع. أ. أن يقوم الاحتيال دون أن يقترن بوسائل احتيالية في حالة التصرف في ملك الغير وفي حالة ادعاء اسم كاذب أو صفة غير صحيحة، وذلك بالإضافة إلى التصرف للمرة الثانية فيما يملكه الفاعل نفسه.
2 - استثناءات قضائية :
اعتبر القضاء أن بعضا من الكذب يرقى إلى الوسائل الاحتيالية نظرا للظروف التي تحيط بهذا الكذب ، منها :

أ - إساءة استعمال الصفة :
إذا كان المتهم ذا صفة معينة تحمل المجني عليه على تصديقه نظرا لما تبعثه من ثقة أو مصداقية، فإن القضاء يعتبر الكذب العاري منه احتيالا تقع به جريمة النصب وليس كذبا مجردا من أي مظهر على ما سيلي بيانه.
ب - النشر :
يتجه القضاء إلى اعتبار النشر في حد ذاته من الوسائل الاحتيالية حتى لو اقتصر الأمر على ترديد مزاعم المجني عليه( )، وذلك نظرا للثقة التي يبعثها النشر في الصحف في نفوس عامة الناس( ). وقد قُضي بوقوع جريمة الاحتيال نظرا إلى الطريقة التي اتبعها المتهم للوصول إلى اكتساب ثقة الجمهور من خلال حملة دعائية لشركة تغري الجمهور بالمكسب الكبير الذي ينتظرهم وذلك بأن تخيّر أكبر جريدتين يوميتين استقر اسم إحداهما في ذهن الجمهور مقترنا بالصدق والتعقل وهي جريدة الأهرام( ).ويتجه القضاء الفرنسي أيضا إلى اعتبار النشر من الوسائل الاحتيالية( ) .

جـ - حالة الالتزام بالصدق :
إذا كان المشرع يلقى واجبا بالصدق على بعض الأشخاص، فإن ذلك يقابله عادة مصداقية في أقواله أو ما يقدمه من أوراق قام هو بكتابتها، وأحيانا يترتب عليها صرف مبالغ مالية ، عندئذ يظهر فرض الاحتيال.
تطبيقا لذلك قُضي في فرنسا بوقوع جريمة الاحتيال من الطبيب الذي يقدم بيانات كاذبة عن زيارات منزلية قام بها للكشف عن المرضى وقام بناء على ذلك بصرف مبالغ من جهة التأمينات الاجتماعية( ).
ومن أمثلة قيام واجب الصدق حالة تحرير ميزانية الشركات. فالميزانية أداة الشركة لإظهار موقفها المالي أمام الغير. ونظرا للثقة المنبعثة منها، فإن إعداد ميزانية كاذبة يُعتبر كافيا لوقوع الوسائل الاحتيالية وقيام الجريمة إذا ترتب عليها تسليم أموال. ويعتبر الاكتتاب في الشركات من قبيل تسليم الأموال في جريمة الاحتيال إذا تمّ ذلك الاكتتاب باتباع الكذب في حساب الأرباح والخسائر أو الميزانية التي تم نشرها في الصحف العامة .
وجدير بالذكر أن مراجعي الحسابات يتدخلون عادة بإقرارهم أن الميزانية صادقة وأنها تعبر عن المركز المالي للشركة في تاريخ معين. هذا الإقرار يعتبر من الوسائل الاحتيالية إذا كان كاذبا باعتباره تدخلا من الغير وفقا للقواعد العامة.
وقد كانت الاستثناءات التشريعية التي أجازت فيها المادة 336عقوبات أن يقوم الاحتيال بناء على مجرد الكذب، سببا في وجود نوعين من الاحتيال : الاحتيال بالمعنى الدقيق وما يُعد احتيالا حكما.





المطلب الأول
الطرق الاحتيالية بالمعنى الدقيق

- تعداد الطرق الاحتيالية :
يستعين المتهم في الطرق الاحتيالية بمظهر خارجي يقنع المجني عليه بصدق كذبه .
هذه المظاهر الخارجية تتخذ عدة صور :
1 - الاستعانة بشيء
2 - الاستعانة بشخص
3 - الاستعانة بالصفة

أولا - الاستعانة بشيء :
يُعد الكذب احتيالا إذا استعان المتهم بأمر خارجي لتأييد مزاعمه. فالاحتيال كذب مؤيد وليس كذبا عاريا. ومن أمثلة الأشياء الخارجية التي يستعين بها الجاني أن ينشئ شركة وهمية ويقيم لها مقرا به سكرتيرة وموظفون واضعا على هذا المقر لافتة باسم الشركة، وكذلك النشر في الصحف اليومية عن تلقيه مقدم شقة للتمليك يقوم ببنائها بسعر اقتصادي. فإذا ما استولى على الملايين حاول الهرب بها إلى الخارج،كان ذلك منه احتيالا.
ومن هذه الوسائل أيضا أن يحيط الجاني نفسه بمظاهر الثقة. فقد قُضي بأن المتهم الذي تقدم إلى بعض تجار الدقيق بوصفه مخبرا بالتموين راكبا سيارة في شكل السيارات التي يركبها عادة موظفو الحكومة والإداريون، فإن هذا يُعد من الوسائل الاحتيالية إذا كان يتقاضى منهم مبالغ نظير سكوته على مخالفات تموينية ، بينما هو لا يعمل بالتموين ( ) .
ومن مظاهر الثقة التي يحيط الجاني نفسه بها أن يدير مستوصفا للعلاج وأن يظهر أمام المرضى الذي يأتون المستوصف بمظهر الطبيب يرتدي معطفا أبيض كما يفعل الأطباء ويوقع على الكشف الطبي بسماعه يحملها معه فيدفعون أتعابا له كطبيب( ). كما قُضي بأنه إذا تظاهر المتهم باتصاله بالجن والتخاطب معهم ثم أخذ يتحدث إلى بيضة ويرد على نفسه في أصوات مختلفة ليلقي في روع المجني عليه أنه يتخاطب مع الجن حتى حصل بذلك منه على مالهم، فإنه يُعد مرتكبا لجريمة النصب ( ).
ومن الأشياء الخارجية أن يحيط الجاني نفسه بمظاهر الثراء كأن يصل في سيارة ملاكي غالية الثمن لكي يعطي نفسه مظهر التاجر الثري، بينما هو في الحقيقة مفلس، حتى يقنع الآخرين بالاشتراك معه في تجارته، فيستولي على أموالهم ويختفي. وإذا قدم المتهم قطعة نحاسية مطلاة بقشرة من الذهب وأوهم المجني عليه بأنها من الذهب ورهنها ضمانا للوفاء بقرض تحصل عليه بناء على تقديم هذه القطع، فإن ما صدر منه يُعد نصبا( ). كما يقوم الاحتيال في حالة تقديم كمبيالة صورية ومعدومة السبب لتعزيز طلب حجز ما للمدين لدى الغير ( ) .
ومن مظاهر الاحتيال نظرا للاستعانة بشيء أو بمظهر خارجي أن يقوم شخص بوضع ضمادة على يده أو على رجله أو أن يقوم بثني أحد أطرافه لكي يقنع المارة أنه عاجز عن التكسب ويستحق الإحسان.
والاستعانة بشيء أو بمظهر خارجي بفرض أن الأمر يتعلق بواقعة كاذبة أصلا يريد الجاني أن يقنع بها المجني عليه. فإذا كان الأمر غير كاذب فلا احتيال حتى ولو استولى الفاعل على مال للمجني عليه. فإذا أقنع الجاني المجني عليه بضرورة تسليمه المال بسبب حوادث السرقة التي تقع في المنطقة، وكانت هذه الوقائع صحيحة ، فإن ذلك ليس من قبيل النصب( ). كما أنه إذا لم تكن الوسيلة من شأنها أن تقنع الشخص متوسط الذكاء وكان الكذب بالتالي واضحا فإن الاحتيال لا يتوافر( ).
وعلى الرغم من أن الكذب قد يكون شفويا أو مكتوبا، فإن كتابة الكذب لا يخلق منه شيئا خارجيا من شأنه أن يعضد الكذب. فالشيء الذي يستعين به المتهم يجب أن يكون خارجيا أي مستقلا عن الكذب نفسه. فإذا قدم أحد العاملين بشركة للقطاع الخاص أوفده رب العمل في مهمة للشركة، كشفا حرره بنفسه عن مصروفات أنفقها أثناء المهمة، طالبا استردادها، فإن الورقة التي قدمها لا تعد شيئا خارجيا، بل هي الكذب نفسه بدلا من أن يكتفي الفاعل بقوله قام بتقديمه مكتوبا. ويختلف الأمر لو أنه قدم فواتير من محلات وفنادق مزورة ، لأن الفرض في الفاتورة أن من قام بتحريرها شخص مختلف وليس المتهم نفسه. وبالمثل إذا قدم المتهم إلى المجني عليه تذكرة أحد الملاهي زاعما أنها غير مستعملة ، بينما هي مستعملة فصدقه ونقده ثمنها ، فإن ذلك لا يعد شيئا خارجيا عن الكذب وبالتالي فلا تقوم به جريمة الاحتيال.
وقد يستعين الجاني بحيلة وليس بشيء محدد. ومن ذلك أن يضع النار عمدا في محل تجاري مؤمن عليه ويتوصل بذلك إلى الاستيلاء على قيمة التأمين( ). وقد يدعي المتهم سرقة شيء مؤمن عليه ويقوم بتحرير محضر بلك في قسم الشرطة ويقدمه لصرف قيمة التأمين. فالمحضر هنا هو الشيء الخارجي .
وقد قُضي بوقوع الاحتيال من المتهم إلي لجأ إلى حيلة مؤداها أن شخصا كان يريد بيع عقار فطلب من آخر متخصص في بيع العقارات البحث عن مشتر. قام هذا الوكيل، وهو مدير شركة في نفس الوقت، ببيع العقار إلى شركته بسعر منخفض وقام هو بالشراء من هذه الشركة لنفسه بسعر أكثر انخفاضا من الثمن الأصلي. وبهذا توصل إلى إخفاء حقيقة المتعاقد الأصلي واستولى على فارق الثمن لنفسه( ).
ثانيا - الاستعانة بشخص :
بدلا من الاستعانة بشيء قد يستعين الجاني بشخص الغير لإقناع المجني عليه بصدق مزاعمه. لذا قضت محكمة تمييز دبي بأن استعانة المتهم بشخص آخر على تأييد أقواله وادعاءاته المكذوبة وتدخل الأخير لتدعيم مزاعمه من قبيل الأعمال الخارجية التي يرقى الكذب فيها إلى مرتبة الطرق الاحتيالية الواجب تحققها في جريمة النصب( ). غير أنه يتعين أن يكون " الشخص الآخر قد تدخل بسعي الجاني وتدبيره وإرادته لا من تلقاء نفسه بغير طلب أو اتفاق"( ).
وإذا أيد شخصان كل منهما مزاعم الآخر في أنه قادر على إعادة الأشياء المسروقة نظير مبلغ، فإن جريمة الاحتيال تقوم إذا استوليا على هذا المبلغ دون رد المسروقات( ). كما قُضي بأنه إذا عثر ولد صغير في الطريق على ورقة بنكنوت ضائعة فجاء رجل وأخبره أنها ضائعة منه واستتشهد برجل آخر لكي يؤكد قوله وأقسم على ذلك فسلمه الولد ورقة البنكنوت ثم اتضح بعد ذلك أن الورقة لشخص ثالث، فإن الواقعة تُعد نصبا( ). في هذا الحكم يثار التساؤل حول المجني عيه، هل هو صاحب المنقول أم هو من له الحيازة ؟ إذا تذكرنا أن النصب من الجرائم التي تقع اعتداء على الملكية لأدركنا أن صاحب المنقول هو المجني عليه، أما من له الحيازة بعد عثوره على المنقول، فهو ليس مجنيا عليه، بل هو ليس مضرورا من جريمة النصب لأنه ليس له حق على هذا المنقول. ولكن اللبس ينشأ عندما نتذكر أن تسليم المنقول في النصب يكون بناء على الطرق الاحتيالية. غير أن هذا مردود عليه بأنه لا يلزم أن يكون التسليم من المجني عليه وإن كان عادة ما يحدث هذا التسليم من جانبه .
وقد ينسب الغير كذبا أنه يؤيد مزاعم الجاني، بل قد يكون وجود هذا الغير نفسه مزعوما. وبناء عليه قُضي بأنه إذا ادعى الجاني أنه مندوب عن جمعية صورية وأيّد أقواله بخطاب نسبه إلى مدير وهمي لهذه الجمعية وتمكن من الحصول على تبرعات لكي تنفقها الجمعية على أوجه الخير، فإن جريمة الاحتيال تقوم طالما استولى على أموال بهذه الطريقة .
وإذا كان الاحتيال يقوم إذا استعان الجاني بالغير لتأييد صحة مزاعمه، فإن الجريمة لا تقوم إذا سأل المجني عليه شخصا آخر وأيد هذا الأخير عن جهل وحسن نية مزاعم الجاني. وبالمثل إذا تدخل الغير من تلقاء نفسه ودون سابق اتفاق مع الجاني وأيّد مزاعم هذا الأخير عن حسن نية، فإن تدخل هذا الغير لا يعد من قبيل الاستعانة بالغير.
فإذا توافر التواطؤ بين الغير والجاني ، فإن هذا الغير يُعد شريكا بالمساعدة في وقوع جريمة النصب. أما إذا كان حسن النية وسأله الجاني فأيّد مزاعمه، فإن القصد الجنائي لا يتوافر لديه ولا يقوم اشتراك في جريمة النص.
ويثور التساؤل حول تدخل شخص الغير إذا ما كان وكيلا عن المتهم: هل يحقق الوسيلة الاحتيالية، أم أنه لا يعد من الغير إذ هو المعبر القانوني عن موكله ؟ في واقع الأمر يمكن اعتبار تدخل الوكيل تدخلا من الغير في مفهوم الطرق الاحتيالية، طالما لم تقتصر على ترديد ما يقوله موكله. وتلك هي القاعدة العامة التي يجب مراعاتها في كل تدخل من الغير. هذا التدخل لا بد أن يضفي تعزيزا على أقوال المتهم ولا يردد الكلام على عهدة الراوي.
وبالنسبة لمدير الشركة، فإنه وإن كان الممثل القانوني للشركة، فإن تدخله لتأييد نشرات أو مكاتبات أعدت باسم الشركة يعد تدخلا من الغير، نظرا لانفصال الشخصية القانونية للشركة عن مديرها. وإذا كنا قد أجزنا اعتبار تدخل الوكيل تدخلا للغير، فإن هذا يسري أيضا بالنسبة للعلاقة بين الشركة ومديرها. ومن باب أولى، فإن تدخل مراقب الحسابات في الميزانية يتحقق به معنى الاحتيال.
ثالثا – الاستعانة بصفة صحيحة :
نقصد بهذه الطريقة أن الجاني يستخدم صفة صحيحة له في الزعم بأمر مكذوب فيصدقه المجني عليه تحت تأثير هذه الصفة العالقة به. فالأمر يتعلق بإساءة استعمال صفة الجاني.
ويلاحظ أن المادة 399 ع. أ. لم تشر إلى إساءة استعمال الصفة ولكنها أشارت فقط بصيغة عامة إلى الاحتيال وإلى الطرق الاحتيالية. غير أن القضاء يعتبر أن إساءة استعمال الصفة من الوسائل الاحتيالية نظرا للثقة التي تحيط بالصفة الصحيحة للفاعل .
فالزعم الذي يصدر من صاحب الصفة الحقيقية ليس مجرد كذب عادي. أما إذا كانت الصفة نفسها كاذبة كأن يزعم شخص أنه يعمل بالبنك وهو ليس كذلك، فإن هذا الزعم يُعد كذبا عاديا يحتاج إلى الاستعانة بشيء أو الاستعانة بشخص أي بمظاهر خارجية ( ورقة من البنك أو شخص الغير) حتى يعد زعمه من الطرق الاحتيالية.
ومن التطبيقات على ذلك ما قضت به محكمة تمييز دبي من أن جريمةالنصب وفقا للمادة 399 عقوبات تتحقق – في صورة الطرق الاحتيالية – إذا تقدم المتهم بصفته الحقيقية مسيئا استغلالها ومضيفا إليها من العناصر أو السلطات والمزايا ما ليس لها ومستعينا بهذا المجموع من العناصر لحمل المجني عليه على تسليم مال( ). ومن ذلك أيضا ما قُضي به من وقوع النصب من عسكري البوليس الذي استولى بعد تنفيذه حكما شرعيا على مبلغ من المال من شخص بإيهامه بضرورة دفع رسم تنفيذا لهذا الحكم( ). كما قُضي بوقوع النصب من المتهم الذي يعمل ممرضا بإحدى المستشفيات نزل فيها أخو المجني عليها وتوصل بهذه الصفة إلى الاستيلاء منها على مبلغ من النقود على زعم أنه ثمن للحقن اللازمة لعلاج أخيها( ). كما حكم بأنه إذا كان المتهم من رجال الدين الذي أوهم المجني عليها أن في إمكانه أن يسحر لها ليصلحها مع زوجها وكانت صفته الدينية من شأنها توليد الاعتقاد لدى المجني عليها بصدق اعتقاده يصبح مرتكبا لجريمة النصب إذا استولى منها على مبلغ من المال نظير ذلك( ).
- معيار الإيهام في الطرق الاحتيالية : معيار الرجل العادي
يُقصد بالإيهام الذي يتولد لدى المجني عليه ذلك الاعتقاد الذي يُحتمل أن يؤدي عند الرجل العادي إلى تسليم المال. فإذا كان الرجل العادي لا ينخدع بالطرق الاحتيالية كأن يكون الاحتيال مفضوحا أي لا يقع فيه ّالشخص الساذج فإن الفعل لا يمثل جريمة النصب.
وقد أشارت المادة 399 ع. أ. صراحة إلى هذا المعيار بقولها " متى كان من شأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على التسليم ".


المطلب الثاني
الطرق الاحتيالية حكما

خرج المشرع على قاعدة عدم اعتبار الكذب العادي احتيالا في حالتين اعتبرها طرقا احتيالية حكما ، وهما :
- التصرف في ملك الغير
- تصرف الشخص في ملكه للمرة الثانية
- ادعاء اسم كاذب أو صفة غير صحيحة

الفرع الأول
التصرف في ملك الغير

- قيام الاحتيال بالكذب العادي :
يُعد التصرف في ملك الغير من بين وسائل النصب بالإضافة إلى الطرق الاحتيالية السابق بيانها. ولكن ما يميز هذه الوسيلة للاحتيال عن الطرق الاحتيالية هو أن المشرع يعاقب على مجرد الكذب فيها، كمن يتصرف في ملك الغير كأن يبيع شيئا إلى المجني عليه، مدعيا أنه ملكه ولما قبض الثمن تبين للمجني عليه أن البائع لم يكن مالكا لهذا الشيء. فالتصرف في ملك الغير ليس من الطرق الاحتيالية السابق إيرادها والتي يلزم لتوافرها الاستعانة بشيء أو بشخص أو بصفة. ومع ذلك فإن المشرع يعتبرها احتيالا على سبيل الاستثناء مع أن الجاني لم يستعن بشخص الغير أو بمظاهر خارجية لإقناع المجني عليه أنه المالك. كما أن صفة المالك ليست من الصفات التي يمكن أن يوهم المتهم بها الغير فيصدق ادعاءه.
- شروط الاحتيال بوسيلة التصرف في ملك الغير :
يلزم لقيام هذه الوسيلة الاحتيالية توافر عنصرين:
الأول : التصرف في عقار أو منقول
الثاني - عدم ملكية الجاني لهذا المال
أولا - التصرف في عقار أو منقول :
إذا كان الاحتيال لا يقع إلاّ على منقول، فإن الوسيلة الاحتيالية توجد بالتصرف في منقول أو عقار. ويقصد بالتصرف البيع أو تقرير حق عيني على الشيء كالرهن. ولا يشمل التصرف أعمال الإدارة مثل الإيجار والوديعة والعارية إلاّ إذا اقترنت بوسيلة احتيالية أخرى من الطرق الاحتيالية بالمعنى الدقيق أو ادعاء اسم كاذب أو صفة غير صحيحة. فإذا أجر شخص لآخر شقة على أنها ملك له ولم تكن كذلك، فإن كذب هذا المتهم غير المصحوب بطريقة أخرى للاحتيال لا يكفي وحده لقيام الاحتيال.
وتقع جريمة الاحتيال سواء أكان التصرف واقعا على عقار كأرض زراعية أم منزل يبيعه غير المالك. ويمكن أن يرد التصرف على منقول كمن يبيع ساعة يد ليست له. ويلاحظ أن الجاني عندما يبيع منقولا ليس له يرتكب جريمة خيانة الأمانة أيضا إذا كان أمينا عليها. وهنا يتعلق الأمر بتعدد معنوي للجرائم وتنطق المحكمة بعقوبة الجريمة الأشد وهي خيانة الأمانة. ذلك أنه يجوز للمحكمة أن تحكم بالغرامة بالإضافة إلى الحبس عن خيانة الأمانة، بينما لا تملك إلاّ الحكم بعقوبة الحبس عن جريمة النصب. أما إذا كان المتهم قد سرق هذا المنقول، ثم باعه على أنه مملوك له، فإن الأمر يتعلق بتعدد حقيقي وليس بتعدد معنوي للجرائم، ذلك أن جريمة السرقة قد وقعت قبل جريمة النصب. أما إذا كان المتهم قد سرق المنقول ليقوم ببيعه فإن ارتباطا لا يقبل التجزئة يقوم بين الجريمتين ويعاقب الفاعل عن الجريمة الأشد. أما إذا تبين أن الفاعل سرق المنقول واحتفظ به مدة ثم قام ببيعه، فإن المحكمة يمكن أن تستنتج من ذلك عدم وجود ارتباط بين السرقة والاحتيال، لأن الفاعل قد يسرق المنقول ليحتفظ به. عندئذ يعاقب الفاعل عن كلتا الجريمتين بحكم منفصل لعدم توافر الارتباط.
ثانيا - عدم ملكية الجاني وعدم حقه في التصرف :
لا جريمة إذا باع شخص مالا يملكه حتى ولو رفض تسليمه إلى المشتري بعد أن قبض الثمن. فالأمر عندئذ يتعلق بنزاع مدني والأمر أيضا لا يثير مشكلة قانونية إذا تصرف الجاني في شيء (عقارا أو منقولا ) لا يملكه وقبض الثمن. فالأمر يتعلق بالاحتيال هنا طبقا للمادة 399 ع.أ.
غير أن مجرد بيع ملك الغير ليس من شأنه إحداث ضرر لمالك هذا المنقول أو العقار. أما إذا حاول المتهم الحصول على المنقول أو تعدى على صاحب العقار محاولا تمكين المشتري من حيازته، فإن الضرر يتولد من جريمة مستقلة كالسرقة أو الضرب والجرح. فصاحب المنقول أو العقار ليس مجنيا عليه في جريمة الاحتيال ولا هو مضرور مباشرة منها .
ويلزم ألاّ يكون المجني عليه في الاحتيال عالما بأن العقار أو المنقول ملكا لشخص آخر، لأنه إن سلم البائع الثمن أو عربونا، فإن هذا التسليم لا يكون مرتبطا بعلاقة سببية مع الاحتيال. هذا بالإضافة إلى أن الاحتيال إيهام، وهو ما لا يتوافر إذا كان المجني عليه عالما الحقيقة ( ) .
وبمراجعة المادة 339 ع.أ. يلاحظ أنها تشترط لوقوع التصرف في ملك الغير كوسيلة للنصب ألاّ يكون الجاني مالكا للشيء وليس له حق التصرف فيه " إما بالتصرف في مال ثابت أو منقول ليس ملكا له ولا له حق التصرف فيه" ، ذلك أن هناك حالات مختلفة للملكية تثير بعض المشاكل القانونية، وهي :
- أن يكون المتهم مالكا للشيء وله حق التصرف فيه.
- أن يكون المتهم مالكا وليس له حق التصرف.
- أن يكون المتهم غير مالك ولكن له حق التصرف فيه.

الحالة الأولى - المتهم مالك وله حق التصرف :
قد يبدو أن لا مشكلة تثار في هذه الحالة ، ذلك أن المتهم هنا يبيع أو يتصرف بوجه آخر في شيء له ملكيته ولم تغل يده من التصرف فيه لأي سب. فإذا لم يسلم الشيء المبيع، فإن الأمر يتعلق بنزاع ذي طابع مدني وليس جزائي.
غير أن هناك شبهة للاحتيال في حالة ما إذا قام المالك ببيع شقة يملكها أو قطعة أرض إلى شخص آخر وقبض عربونا منه مع أنه سبق أن باعها لشخص آخر قبله وقبض عربونا أيضا منه. غير أنه من الوجهة القانونية لا يمكن اعتبار ذلك مكونا لجريمة الاحتيال طالما ظل المتهم مالكا للعقار ولم يسجل هذا العقار للبائع الأول، لأنه بالتسجيل تنتقل الملكية في العقارات وليس بمجرد تحرير العقد الابتدائي. تطبيقا لذلك قضت محكمة النقض المصرية بأنه إذا كانت الواقعة الثابتة أن المتهم مستعينا ببعض السماسرة أوهم المجني عليه برغبته في أن يبيع لكل منهم المنزل المملوك له ولوالدته ولأخوته، وقدم كل منهم مستندات الملكية والتوكيل الصادر إليه من شركائه. وكان في كل مرة يحصل على مبلغ تُدفع مقدما على سبيل العربون ويحرر بالبيع عقدا ابتدائيا ثم يمتنع عن تحرير عقد نهائي قابل للتسجيل، فإن استعانته بسمسار لإيجاد مشتر للمنزل وتقديمه مستندات الملكية وعقد الإيجار وسند الوكالة عن والدته وأخوته وإحضار هؤلاء وتقريرهم بالموافقة على البيع، كل هذا لا يكون طرقا احتيالية بالمعنى القانوني، فإن الوقائع المتعلقة به صحيحة وعقود البيع الابتدائية الصادرة للمجني عليهم السابقين لا تعتبر مشروعات كاذبة لأن المتهم إذا كان قد بيت النية على عدم إتمام أية صفقة، فإن نيته هذه لم تتعد شخصه ولم يكن لها أي مظهر خارجي يدل عليها وقت التعاقد. فلم يكن لها من تأثير في حمل المجني عليهم على دفع المبالغ التي استولى منهم عليها( ) .
غير أن قانون العقوبات الاتحادي قد أدخل تلك الحالة ضمن الطرق الاحتيالية في مفهوم جريمة النصب بالنص عليها في المادة 399 منه ، على ما سيلي بيانه .
فالملكية لا تنتقل في العقارات إلاّ بالتسجيل ومعنى هذا أن البائع لا ينقل الملكية بمجرد إبرام العقد الابتدائي، فإذا أعاد بيعه لآخر لا يقوم الاحتيال. وبالمثل - وهنا تظهر خطورة الأمر - إذا تصرف المشتري للعقار بأن باعه لشخص آخر فهو يبيع ما لا يملكه ويتعرض للعقاب بوصف النصب، حتى ولو كان قد دفع الثمن كاملا .
وليس للمشترى أن يتصرف إذن في عقار لم يقم بتسجيل عقده. أما إذا رفع دعوى صحة ونفاذ عقد البيع، فإن مجرد رفع هذه الدعوى لا ينقل ملكية العقار له. أما إذا حصل المشتري على حكم في دعوى صحة ونفاذ عقد البيع، فإن هذا الحكم لا ينقل ملكية العقار له، بل هو حجة فقط على البائع دون غيره. فالعبرة إذن بتسجيل الحكم نفسه أو بتسجيل العقد ( ) . أما تسجيل صحيفة الدعوى فإنه لا يقوم مقام تسجيل العقد أو تسجيل الحكم ولكنه فقط يجعل تصرف البائع غير نافذ في مواجهة المشتري .
ويختلف الوضع بالنسبة للمنقولات عن العقارات. فالملكية تنتقل في المنقولات بمجرد التعاقد إذا كانت من القيميات، أما إذا كانت من المثليات فلا تنتقل الملكية إلى المشتري إلاّ بالتسليم، وعلى ذلك يجوز للبائع أن يبيع هذه المثليات مرة أخرى ، دون أن يتعرض للعقاب( ).ع
الحالة الثانية - المتهم مالك وليس له حق التصرف :
قد تُغل يد المالك عن التصرف في ملكه بسبب الحجز على المال. ويثور التساؤل عندئذ إذا قام المالك ببيع هذا المال حول انطباق وصف النصب عليه. فالمشتري في هذا الفرض ينخدع في هذه الملكية ويقبل على الشراء. فإذا ما دفع المشتري الثمن لم يستطع أن يمتلك الشيء المبيع.
وقد رجحت محكمة النقض المصرية هذا الرأي الثاني عندما قضت بعدم وقوع جريمة النصب من شخص باع أطيانه المحجوز عليها بعد إخطاره بتنبيه نزع ملكيتها وتسجيل هذا التنبيه، على أساس أن تسجيل تنبيه نزع الملكية وإن كان يترتب عليه غل يد المدين في التصرف في العقار، إلاّ أنه لا يخرج العقار من ملكه( ). وإذا كانت جريمة الاحتيال( النصب) لم تقع في هذه الحالة طبقا للوسيلة الثانية من وسائل النصب وهي التصرف في ملك الغير، فإنها يمكن أن تقع إذا انطبق على سلوك الجاني طريقة من الطرق الاحتيالية.تطبيقا لذلك قُضي بوقوع جريمة النصب من المتهم الذي باع منزله بعد أن استخرج شهادة مزورة من الشهر العقاري تفيد أن هذا المنزل خال من التصرفات والتسجيلات مع أنه محجوز عليه وقد صدر بشأنه أوامر اختصاص( ). فقد بدر من الجاني طرق احتيالية وهي استخراج الشهادة المزورة وهو ما يكفي لوقوع جريمة النصب.
الحالة الثالثة : المتهم غير مالك ولكن له حق التصرف
يكون للمتهم حق التصرف في مال لا يملكه متى كان وكيلا عن المالك في التصرف. فالوكيل الذي خوله الموكل حق التصرف في المال ولكن اشترط عليه أن يعرض عليه الثمن قبل أن يبيع، لا يعد مرتكبا لنصب إذا ما باع هذا المال - ويبقى النزاع بينهما مدنيا .
أما إذا باع الوكيل لحساب نفسه أي باعتباره مالكا لهذا المال وليس وكيلا، فإنه يرتكب جريمة الاحتيال لأنه يبيع ما ليس مملوكا له. وهو وإن كان له حق التصرف، فإن هذا يكون بوصفه وكيلا عن البائع وهو المالك.

الفرع الثاني
تصرف الشخص في ملكه
للمرة الثانية
يتميز قانون العقوبات الاتحادي في معالجته للاحتيال باعتبار تصرف المالك فيما يملك نصبا إذا كان تصرفا للمرة الثانية، وذلك درءا لما قد يحدث في بعض الحالات من انتفاء صفة الاحتيال عن سلوك المالك الذي يتصرف في ملكه لأكثر من شخص ويقبض من كل منهم الثمن بالكامل أو عربونا.فتنص المادة (399) ع.أ. على عقاب من " تصرف في شيء من ذلك مع علمه بسبق تصرفه فيه أو التعاقد عليه ..".
وواضح من عموم صياغة المادة السابقة أنها تسري على المنقولات، كما تسري على العقارات، فتقع الجريمة ممن يبيع سيارته للمرة الثانية كمن يبيع منزله للمرة الثانية.
ومؤدى ذلك أن المشرع يعتد بالتصرف الأول دون الثاني, لا عبرة بأن يكون العقد أو التصرف الثاني مسجلا، بينما العقد الأول غير مسجل. ويؤدي ذلك إلى اختلاف بين ما يقرره القانون الجنائي وما يقرره القانون المدني؛ هذا الأخير يستلزم في التصرف في العقارات أن يكون مسجلا حتى يرتب آثاره من ناحية انتقال الملكية، بينما يهدر القانون الجنائي – في خصوص جريمة النصب – هذا التصرف المسجل مع إعطاء أسبقية للعقد غير المسجل عليه . هذا التنازع يتم حله لصالح أحكام القانون الجنائي التي تعتبر من قبيل الأحكام الخاصة التي تقيد الحكم العام؛ فإذا كان الأصل أن العقد المسجل في العقارات يُعتد به دون العقد غير المسجل، فإن ذلك لا يسري إذا قام المالك ببيع عقار له للمرة الثانية مع قبض الثمن أو جزء من الثمن من المشتري للمرة الثانية ، حيث يشكل الأمر جريمة النصب.

الفرع الثالث
ادعاء اسم كاذب أو صفة غير صحيحة

- مظاهر الخروج على القواعد العامة في هذه الوسيلة الاحتيالية:
خروجا على قاعدة أن الكذب العاري ليس احتيالا، اعتبرت المادة 399 ع. أ. أن ادعاء اسم كاذب أو صفة غير صحيحة يكفي لوقوع الاحتيال، مثله في ذلك مثل التصرف في ملك الغير. ومؤدى ذلك أنه لا يلزم توافر مظهر خارجي خادع، بل يكفي مجرد الكذب، فقد قضت المحكمة الاتحادية العليا بأن اتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة كاف لقيام جريمة المادة 399 عقوبات اتحادي دون حاجة إلى الاستعانة بأفعل خارجية أو أساليب احتيالية أخرى متى كان من شأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على تسليم ماله( ). كما أكدت محكمة تمييز دبي على نفس المبدأ في قضائها( ).
والسبب في ذلك أن المشرع قدّر أن التعامل بين الناس بالاسم أو الصفة يحمل عادة على التصديق في المعاملات المالية أن ذلك يستحق أن يعاقب عليه بوصف الاحتيال.
ويلزم لذلك أن يقوم الفاعل بنشاط إيجابي وهو الزعم أو الادعاء بالاسم الكاذب أو الصفة غير الصحيحة. فإذا لم يبدر منه هذا الزعم وإنما اعتقد المجني عليه بسبب تشابه في الاسم أن الشخص هو ابن لتاجر كبير أو لمسئول معروف أو اعتقد المجني عليه أن المتهم يعمل بالنيابة العامة لأنه رآه مرة أو أكثر في مكتب أحد وكلاء النائب العام، فإن ذلك لا يعد من قبيل انتحال اسم كاذب أو صفة غير صحيحة.
تطبيقا لذلك قُضي في فرنسا بأن المتهم الذي كان يعمل مندوبا لمحل تجاري ثم انقطعت علاقته بهذا المحل لا يرتكب جريمة النصب إذا سلمه المجني عليه مبلغا من النقود بهذه الصفة معتقدا على غير الحقيقة أنه ما زال على عمله القديم، طالما لم يقم المتهم بسلوك إيجابي لتأكيد ذلك ( ).
ويلاحظ على هذه الوسيلة من وسائل الاحتيال أنه إذا كان الرجل العادي لا ينخدع بالكذب الصادر من المتهم بخصوص اسمه أو صفته، فإن جريمة النصب ( الاحتيال ) لا تقوم، لعدم وجود الاحتيال. فلا يقع الشروع في جريمة النصب ( الاحتيال ) إذا كان المتهم يدعي أنه ضابط بوليس ولا يظهر من ملبسه ومظهره أنه كذلك( ).
ومن الضروري التفرقة بين الزعم بالاختصاص من الموظف العام الذي تقوم به جريمة الرشوة وبين ادعاء صفة غير صحيحة والذي تقع به جريمة الاحتيال. هذه الجريمة هي التي تقوم وليست الرشوة إذا لم يكن الفاعل موظفا عاما أو كان موظفا عاما بجهة أخرى غير التي يزعم اختصاصه بعمل فيها، لأنه في هذه الحالة الأخيرة يعتبر شخصا عاديا وليس موظفا في هذه الجهة.
وبناء عليه فإن الاحتيال يقوم بمقتضى هذه الوسيلة عن طريق :
- انتحال اسم كاذب
- انتحال صفة غير صحيح
(أ) انتحال اسم كاذب :
إذا ادعى شخص كذبا اسما لشخص معروف، فإن جريمة الاحتيال تقوم إذا تمكن بذلك من الاستيلاء على نقود منه. وقد يكون الادعاء قاصرا على الانتماء إلى عائلة معينة. وقد يكون الاسم لشخص من الأثرياء أو لشخص من المسئولين أو غير ذلك مما كان له الأثر في أن يثق المجني عليه فيه وينقده أموالا.
غير أن التسمي باسم الشهرة لا يعتبر انتحالا لاسم كاذب. طالما لم يعمل المتهم على أن يلتبس الأمر على المجني عليه.
ويلاحظ أن انتحال الاسم الكاذب إذا كان مكتوبا ووقع عليه المتهم فإنه يرتكب جريمة التزوير في حالة تعدد معنوي مع جريمة النصب ويعاقب على أشدهما. فعقوبة التزوير في أوراق عرفية هي الحبس مع الشغل بينما عقوبة الاحتيال هي الحبس. أما التزوير في أوراق رسمية فهي جناية وبالتالي أشد من عقوبة الاحتيال .
(ب) انتحال صفة كاذبة :
لم تضع المادة 339ع. أ. تعريفا للصفة غير الصحيحة ولكن أحكام القضاء أعطت أمثلة لهذه الصفة مثل ادعاء الوظيفة أو المهنة أو القرابة سواء قرابة النسب أو المصاهرة ( ) .
فمن قبيل الادعاء بصفة كاذبة أن ينتسب شخص كذبا إلى مهنة كمن يدعي أنه طبيب أو محام. وقد قُضي بوقوع جريمة النصب ممن يدعي أنه تاجر إذا توصل بذلك إلى الاستيلاء على منقول مملوك للغير( ). كما قُضي في فرنسا بأن من يدعي أنه عاطل عن العمل ويتوصل بذلك إلى الحصول على تعويضات البطالة، فإنه يرتكب جريمة الاحتيال( ). كما قُضي في مصر بأن من ذهب إلى زوجة وادعى أنه موفد من قيل زوجها لأخذ شيء فصدقته وأعطته إياه، يرتكب جريمة النصب باعتبار أنه انتحل صفة غير صحيحة وهي صفة الوكالة( ).
ولكن القضاء الفرنسي لم يعتبر ادعاء الشخص بأنه بالغ مع أنه قاصر أو أنه دائن أو مالك من قبيل انتحال صفة غير صحيحة( ). كما قُضي في مصر بأن من يدعي بأنه مالك للشيء المفقود لا يعد منتحلا صفة غير صحيحة ولا ينسب إليه النصب بهذا الوصف ( ) .
ويثير الادعاء بصفة الموظف أو بأن الموظف يختص بالعمل المطلوب في نظير فائدة معينة مشكلة التمييز بين جريمة النصب وجريمة الرشوة. بادئ دي بدء يتعين القول بأن الزعم بالاختصاص يعاقب عليه بوصف جناية الرشوة وليس بوصف جنحة النصب، ذلك أن المادة 236 عقوبات تنص على أنه " يُعاقب بالسجن مدة لا تجاوز خمس سنين كل موظف عام أو مكلف بخدمة عامة طلب أو قبل لنفسه أو لغيره عطية أو مزية من أي نوع أو وعدا بشيء من ذلك لأداء عمل أو للامتناع عن عمل لا يدخل في أعمال وظيفته. وقد انتهت محكمة تمييز دبي إلى القول بوقوع النصب من منتحل الوظيفة العامة( ). وبناء عليه ، فإن هناك فارقا بين الزعم بالوظيفة الذي تقع به جنحة الاحتيال والزعم بالاختصاص ( أي من موظف غير مختص ) والذي تقع به جناية الرشوة.


المبحث الثاني
تسليم مال منقول مملوك للغير

- ضرورة التسليم :
التسليم في النصب له أهمية، ذلك أن به تقع الجريمة تامة . فإذا استخدم الفاعل وسيلة احتيالية لكن المجني عليه لم يقم بتسليم المال لسبب خارج عن إرادة الفاعل، فإن ما بدر من الفاعل هو الشروع في النصب المعاقب عليه بنص خاص لأن النصب جنحة.
والتسليم كما يقوم بالمناولة اليدوية يمكن أن يتم لو أن المجني عليه قد أصدر أمرا إلى البنك بتحويل مبلغ من حسابه إلى حساب المتهم الذي احتال عليه ( ) .
والاحتيال وحده لا يكفي لوقوع جريمة الشروع في الاحتيال. فإذا كان الاحتيال يرمي إلى الحصول على ميزة أو منفعة مثلا وليس مالا منقولا، فإن الشروع في النصب لا يقوم . ذلك أن الشروع هو جريمة موقوفة أو جريمة خائبة كانت ستتم لولا سبب خارج عن إرادة الفاعل. أما في هذه الحالات، فإن حصول الفاعل على الميزة أو المنفعة لا تقوم به جريمة الاحتيال تامة. وبالمثل إذا كان المال محل الاحتيال مملوكا للفاعل واحتال لاسترداده من الغير فلا نصب إذا تم هذا الاسترداد. ولا شروع إذا خاب أثره وكذلك لا يتوافر الاحتيال ولا الشروع فيه إذا انتحل شخص صفة غير صحيحة لحمل بائع على تقسيط الثمن وعجز عن دفع باقي الأقساط لأن البضاعة التي تسلمها المشتري سلمت على سبيل البيع( ). أما الاحتيال فكانت غايته ليس الحصول على البضاعة ولكن قبول البائع تقسيط الثمن. فلا نستطيع اعتبار تقسيط الثمن من قبيل تسليم شيء من البائع إلى المشتري. ومن نفس المنطق فإن جريمة الاحتيال لا تقوم إذا أوهم شخص رجل الجمارك بأن قيمة للبضاعة أقل من الحقيقة وتمكن بذلك من دفع رسم أقل مما ينبغي. فالمتهم هنا لم يحصل على شيء من الجمارك. أما ما حصل عليه المتهم من أوراق التخليص من الجمارك، فإنه قد حررت بقيمة ما دفعه بالفعل وليست بقيمة أكبر.
ويثار التساؤل حول وجود التسليم إذا احتال شخص على آخر ليقوم بالتوقيع على عقد من العقود أو سند من السندات إذا أحضر المتهم السند وعرضه على المجني عليه وأقنعه بالاحتيال أن يوقع على هذا السند، هل ينتفي التسليم ؟ وبالمثل يثار التساؤل إذا أوهم المتهم ورثة المتوفى بأن مورثهم باع لهم عقارا بعقد ابتدائي وأقنعهم بالذهاب معه لتسجيله في الشهر العقاري، هل يعد ذلك تسليما ؟ الحقيقة أن السند الذي حصل عليه المتهم مختلف، بعد تسجيله ، عن ذلك الذي كان عليه العقد الابتدائي، ومن ثمّ نستطيع القول بأن هناك تسليما. وقد قُضي فعلا بأنه إذا صدر من المتهم احتيال وكان من نتيجته أن وضع المجني عليه إمضاءه على السند، فإن ذلك يتحقق معه التسليم لأن السند أصبح مختلفا عن السند الأول الذي كان مع المتهم( ). وقد حسمت المادة (399) عقوبات اتحادي هذه المسألة بقولها " كل من توصل إلى الاستيلاء .. على مال أو سند أو توقيع هذا السند ....".
وإذا مارس المتهم احتيالا وأقنع بذلك المحكمة فتحصل على حكم لصالحه. هل يعد ذلك من قبيل الاحتيال لأن المتهم قام بالاحتيال على القاضي بتقديمه مثلا مستندات مزورة أو شهود زور أقنعوا المحكمة بصحة دعواهم. يذهب اتجاه في الفقه إلى ذلك( ) ، بينما ذهب اتجاه آخر إلى نفي تهمة النصب على أساس أن مهمة القاضي هي فحص المستندات والتحقق من صحة الشهود. هذا بالإضافة إلى صعوبة القول عن حكم حاز قوة الأمر المقضي به أنه وليد نصب، بل الفرض أنه عنوان للحقيقة ورمز للعدل. والحقيقة أنه من الناحية العملية لا نحتاج إلى تجريم النصب إذا ثبت أن الأوراق مزورة أو ثبت أن هناك شاهد زور. فثمة تجريم للتزوير وتجريم لشهادة الزور وكذلك رشوة لشاهد الزور.
وإذا كان يلزم التسليم لوقوع جريمة الاحتيال تامة، فإن السؤال الذي يثار هو: هل يلزم في التسليم أن يصدر من شخص أم أنه من الممكن تصور التسليم من آلة ؟ وهل يشترط في التسليم أن يكون ناقلا للحيازة الكاملة أو أنه يكفي أن يكون ناقلا للحيازة الناقصة أو اليد العارضة ؟
أثيرت المشكلة الأولى في حالة التسليم الذي يصدر من أجهزة التوزيع الآلية. فتلجأ بعض البنوك إلى إعطاء كارت لعملائه ليتعامل مع شباك التوزيع الأوتوماتيكي. فإذا قام العميل بسحب مبلغ أكثر مما له في حسابه ، فهل يصدر منه نصب بسبب الاحتيال الذي يمارسه نحو الآلة ويتمثل في تقديم كارت البنك ؟
ذهب رأي إلى أن النصب لا يكون إلاّ بإقناع شخص وبالتالي فلا نصب يقع في هذه الحالة، وذهب آخرون إلى أن الاحتيال يقوم طالما ليس في القانون ما يستلزم أن يصدر التسليم من إنسان. غير إن محكمة النقض الفرنسية قد قضت بعد تردد بأن هذا السلوك لا تقوم به جريمة النصب تأسيسا على أن ما قام به العميل من سحب أكثر مما يملكه في حسابه يرجع إلى نقص في كفاءة آلة التوزيع التي يجب أن تزود بمعلومات عن حساب كل عميل ولا تقوم بصرف ما يزيد على الحساب( ).
ولم ترجح المحكمة الحجة التي بمقتضاها لا تقوم جريمة الاحتيال إلا إذا كان التسليم من إنسان وليس من آلة( ). والدليل على ذلك أن القضاء الفرنسي حكم بوقوع النصب إذا أدخل المتهم قطعة معدنية بدلا من النقود في جهاز " الباركومتر " لإيقاف سيارته بطريقة قانونية في الشارع( ). وبالمثل فإن إدخال قطعة معدنية بدلا من النقود في جهاز التليفون اعتبره القضاء الفرنسي مشكلا لجريمة الاحتيال إذا تمكن المتهم من التحدث في التليفون بفضل هذه المناورة( ). غير أن إدخال قطعة معدنية في جهاز توزيع مشروبات أو سندوتشات يعد مكونا لجريمة السرقة على اعتبار أن إدخال هذه القطعة من قبيل السرقة مع استعمال مفاتيح مصطنعة. وهنا نلاحظ أن الوسيلة التي استخدمها المتهم هي نفسها إدخال قطعة معدنية بدلا من النقود. ومع ذلك فإن القضاء الفرنسي اعتبرها تارة من قبيل النصب وتارة أخرى من قبيل السرقة ، ناهيك عن أن المتهم الذي أدخل قطعة معدنية في جهاز " الباركومتر " لم يحصل على مال منقول، بل ما حدث هو أن مؤشر هذا الجهاز قد تحرك بحيث يشير إلى أن المتهم دفع نقودا. وأصبح وقوف السيارة غير مخالف عندئذ. هذا على خلاف حالة التليفون ، ذلك أن المتهم استهلك الكترونيات عند الاتصال وهو ما يُعد مالا منقولا في قضاء النقض المصري( ). غير أنه لا يخفى أن جريمة النصب تقع - وفقا للقانون - الفرنسي عند حصول المتهم على خدمة، ويعتبر القضاء الفرنسي إشارة الباركومتر إلى وقت معين من قبيل الخدمات ، لذلك قضى بوقوع جريمة الاحتيال.
وإذا أتينا إلى الشق الآخر من أوصاف التسليم لنتساءل: هل يلزم أن يكون ناقلا للحيازة الكاملة أم يكفي أن يكون ناقلا للحيازة الناقصة أو اليد العارضة ؟ لا يتصور الرأي الراجح في جريمة الاحتيال أن يكون التسليم فيها ناقلا للحيازة الناقصة أو اليد العارضة لأنه في الحالة الأولى يرتكب الفاعل جريمة خيانة الأمانة إذا تملك المال المنقول الذي أؤتمن عليه ويرتكب السرقة إذا تملك ما كان له يد عارضة عليه. أما إذا لم يتملك الفاعل المنقول كما في حالة الحيازة الناقصة ولكن اكتفى باستعمال الشيء كمن يحتال على شخص لكي يستعير منه ماكينة ري لاستخدامها وردها بعد ذلك، فإن هذا لا يقوم به النصب ولكن يقع به التدليس المدني. ويرجع السبب في ذلك إلى أنه يلزم توافر نية التملك في الجريمة. فالاحتيال اعتداء على الملكية وهو ما لا يتحقق في الحالة سابقة الذكر( ).
- المال محل التسليم :
لا تقع جريمة الاحتيال إلاّ على مال ذي قيمة مالية. فإذا توصل الجاني بالاحتيال إلى الاستفادة من منفعة، فإن جريمة الاحتيال لا تقع. ومن أمثلة ذلك من يظهر بطاقة تفيد أنه ضابط شرطة لمحصل الاتوبيس أو القطار، فلا يطالبه بدفع ثمن الانتقال. ذلك أن السفر من الخدمات وليس من الأموال. أما إذا أعطاه " الكمسري " تذكرة مجانا فإن جريمة النصب تقوم ، ذلك أن التذكرة مال منقول .
أما من يؤجر سيارة دون دفع الأجرة، فإنه يعاقب بنص خاص وفقا للمادة 395 ع.أ. والتي تعاقب على الحصول على خدمات كالركوب في سيارة أجرة بدون دفع الأجرة المستحقة. وتطبيقا لذلك أيضا قُضي بأن من يوهم سائق سيارة خاصة بأن مالك السيارة يطلب منه أن ينقله من مكان إلى مكان آخر فانخدع السائق وفعل ما طلب منه لا يرتكب جريمة النصب( ).
وكل ما ليس شيئا ماديا لا يصلح لوقوع جريمة الاحتيال. فمن يحتال على أقارب امرأة ليتوصل إلى الزواج منها لا يرتكب جريمة الاحتيال. ولكن يجوز طلب إبطال العقد للتدليس.
ومن ناحية أخرى تتفق جريمة الاحتيال مع جريمة السرقة في أن محل الجريمة منقول وليس عقارا. فمن يحتال على شخص ويتمكن بذلك من الانتفاع بقطعة أرض أو الاستيلاء عليها لا يعد مرتكبا لجريمة النصب. ولكن تقع هذه الجريمة إذا تمكن الجاني من الحصول على المستندات الخاصة بالعقار الموجود تحت يد المجني عليه. فمحل النصب هو المستندات وهي طبعا من المنقولات.
هذا المال المنقول يتعين أن يكون مملوكا للغير، فلا يقوم الاحتيال إذا استرد الدائن بوسيلة احتيالية مالا معينا لدى مدينه. أما إذا احتال الدائن على مدينه للحصول منه على مبلغ من المال يساوي قيمة ما عليه من دين يماطل في سداده، فإن قضاءا اتجه إلى عدم وقوع جريمة الاحتيال استنادا إلى حدوث مقاصة بين الدينين( وهو ما يسمح به القانون المدني " مادة 368 معاملات اتحادي"( ). غير أننا لا نوافق على هذا الحكم لأن أسلوب استرداد الدائن لدينه قد تم بطريقة غير قانونية بسبب الاحتيال. فإن كان المتهم قد استرد شيئا معينا بالذات فإن الاحتيال لا يقوم طالما أن المال ملك له. أما إذا تحصل على مبلغ من المال، فإن جريمة الاحتيال تقوم ولا يجديه بعد ذلك أن يتمسك بالمقاصة بين الدينين لأن دينه نشأ بطريق غير مشروع، ولذلك قُضي بوقوع النصب في حالة مماثلة ( ).
- مدى اشتراط الضرر في الجريمة :
هل يشترط لوقوع الجريمة تحقق الضرر ؟ تنص المادة 399 ع. أ. على عقاب " كل من توصل إلى الاستيلاء على مال منقول أو سند .. وكان من شأن ذلك الإضرار بغيره . " . هذا النص صريح في عدم تطلب شرط الضرر في الجريمة. فيكفي أن يكون هذا الضرر محتملا. وهذا يتفق وطبيعة جريمة النصب التي لا تقع فقط على الملكية كما هو الحال بالنسبة للسرقة، ولكن تقع أيضا اعتداء على الإرادة. فالجاني قد يضلل المجني عليه كي يوافق على التعاقد معه. تطبيقا لذلك قُضي بوقوع جريمة النصب ممن يخدع عميلا ليتعاقد مع شركة تأمين غير التي أراد العميل أن يتعاقد معها. ولا يحول دون وقوع الجريمة أن هذه الشركة ذات مركز مالي مضمون وأن شروط التأمين مماثلة بين الشركتين( ). كما قُضي بوقوع جريمة النصب ممن حصل على قرض بطريق الاحتيال ولو ثبت أنه قادر على الدفع( ) .


المبحث الثالث
علاقة السببية بين الاحتيال والتسليم
يقصد بعلاقة السببية في هذا المقام أن يكون تسليم المنقول قد تم بناء على تأثر واقتناع من المجني عليه بما قام به الفاعل من احتيال نحوه .
وللقول بتوافر علاقة السببية يلزم توافر شرطين :
الشرط الأول - تسليم المنقول بشكل لاحق على الاحتيال :
لا تتوافر علاقة السببية إذا كان التسليم سابقا على الاحتيال( ). فإذا كانت الواقعة تتلخص في أن مديرا لأحد البنوك قد وافق على منح أحد رجال الأعمال تسهيلات ائتمانية بناء على شيكات أعطاه بعضها قبل منح هذه التسهيلات وتعهد بتقديم الباقي بعد حصوله على التسهيلات. ولما حصل عليها قدم باقي هذه الشيكات التي اتضح أنها بدون رصيد، فإن جريمة النصب لا تقوم لأنه تحصل على التسهيلات الائتمانية قبل أن يمارس احتيالا بتقديم شيكات بدون رصيد. يضاف إلى ذلك أن استخدام شيكات بدون رصيد ليس من قبيل الوسائل الاحتيالية، ذلك أنها لا تتضمن بالضرورة أن لها رصيدا .
وبالمثل إذا كان الفاعل يحوز المنقول حيازة ناقصة قبل الاحتيال فلا تقوم علاقة السببية وبالتالي لا تقوم جريمة الاحتيال ولا الشروع فيها. غير أن الجريمة تقوم إذا تحصل الفاعل من المجني عليه على سند ملكية لهذا الشيء، لأن الجريمة ترد عندئذ على سند الملكية وليس على المنقول نفسه. فسند الملكية هو أيضا منقول.
الشرط الثاني : عدم علم المجني عليه بالحقيقة :
إذا مارس الفاعل احتيالا على المجني عليه وقام الأخير بتسليم المنقول على الرغم من علمه بالحقيقة، فإن التسليم لا يكون مرتبطا بالاحتيال بعلاقة السببية. فما قام به المجني عليه من تسليم للمنقول لا بد له من باعث آخر غير الاقتناع. فقد يرمي المجني عليه إلى ضبط المتهم متلبسا. عندئذ لا يحاسب المتهم إلاّ عن شروع وليس عن جريمة تامة ( ) .
الشرط الثالث : أن يكون الاحتيال من شأنه التسليم
إذا لم يكن الاحتيال من شأنه أن يؤدي إلى التسليم وفقا للمجرى العادي للأمور، فإن معنى ذلك أن هناك باعثا آخر للمجني عليه من تسليم المنقول. فقد قُضي بأنه إذا ادعى شخص بأنه مخبر بالبوليس واستولى بهذا الادعاء على مبلغ من النقود لا يكفي لإدانته عن جريمة الاحتيال طالما لم يوهمه باستعمال طرق احتيالية أنه يستطيع أن يلبي خدمة له في موضوع معين( ). فتسلم المال قد يكون على سبيل كسب الصداقة مع هذا الذي ادعى أنه مخبر وهو ما يثبت أن علاقة السببية منقطعة بين الاحتيال والتسليم. فلا تقوم الجريمة ولا حتى الشروع فيها على أساس أن الفاعل نفسه لم يقصد الحصول على مال وإنما أراد التفاخر. أما ما قام به المجني عليه من تسليم، فإنه عمل تطوعي من ناحيته لا يُسأل الفاعل عنه.
ومن نفس المنطق قُضي بعدم وقوع الاحتيال إذا أعطى المجني عليه شخصا مبلغا من المال بصفة إحسان لأنه من الفقراء وكان هذا الشخص قد ادعى أنه ابن عم مأمور المركز( ). فعلاقة السببية لا تقوم بين انتحال اسم كاذب وبين دفع المبلغ إذا كان الشاكي من عادته أن يحسن إلى الفقراء. وكذلك قُضي بأنه إذا كان المجني عليه يعتقد أن أعمال السحر هي من الدجل والشعوذة وأنه لم يسمح للمتهم بالحضور إلى المنزل لإتيان هذا العمل إلاّ لإقناع زوجته بصحة ما يعتقده فإن تسليمه المال إلى المتهم ليس بينه وبين الاحتيال علاقة سببية ( ).






المبحث الرابع
الركن المعنوي في جريمة الاحتيال

الاحتيال جريمة عمدية، ويعني هذا أنه يلزم توافر العلم والإرادة بخصوص النشاط والنتيجة .
أولا - العلم :
يلزم أن يكون الفاعل عالما أنه يمارس احتيالا أي أنه كاذب، فيلزم مثلا أن يكون عالما أن العقار أو المنقول الذي يتصرف فيه هو غير مملوك له. فإذا كان يعتقد أنه هو المالك فلا يقوم الاحتيال، كمن يشتري عقارا بعقد ابتدائي وقام ببيعه. فإذا كان البائع الأول قد قام ببيعه إلى شخص آخر وسجل عقده ، فإن المشتري الأول لا يصبح مالكا بمقتضى عقده الابتدائي. ولكن الجهل أو الغلط في قواعد القانون المدني ينفي القصد الجنائي وبالتالي جريمة النصب لأنها عمدية. فيجوز الاعتذار بالجهل بقانون آخر غير قانون العقوبات.
وبالمثل إذا كان المتهم يعتقد أنه مالك العقار أو المنقول لوجود نزاع جدي بينه وبين شخص آخر، فإن ذلك لا ينفي القصد الجنائي لديه ( ). وبالمثل فإن السمسار الذي يجهل أن البائع لا يملك العقار وتوسط في عملية الشراء لا يعد شريكا في جريمة الاحتيال ( ) .
ثانيا : القصـــد
يلزم توافر إرادة النتيجة وهي الاستيلاء على مال الغير، بالإضافة إلى العلم بالوقائع . فإذا كان غرض المتهم من وراء النصب هو أن يتسلم الشيء للانتفاع به ورده ثانية، فإن جريمة الاحتيال لا تقوم. ومن ذلك ما قُضي به من عدم وقوع الاحتيال إذا انتحل المتهم صفة غير صحيحة لكي يرضي البائع أن يبيع بثمن جزء منه معجل والجزء الآخر مقسط. فقصد الاستيلاء على ثروة الغير غير متوافر في هذه الحالة، حتى ولو عجز عن دفع بقية الأقساط دون قصد منه ( ). ويبقى النزاع خارج دائرة القانون الجنائي ليكتسب الصبغة المدنية .
بيد أنه يكتسب صفة الفاعل في نصب أحد المسئولين في شركة إذا استعمل وسائل احتيالية للتوصل إلى أحقية العاملين في الحصول على مكافآت. ولا يلزم أن يكون التسليم لنفسه فقط .
وفيما يتعلق بالباعث على الاحتيال، تسري القواعد العامة في عدم الاعتداد به، حتى ولو كان الدائن يرمي من وراء الاحتيال إلى أن يسترد قيمة ما له عند مدينه المماطل .
وجدير بالذكر أن محكمة الموضوع تستخلص توافر القصد الجنائي بالإضافة إلى توافر الوسيلة الاحتيالية باعتبارها من المسائل الموضوعية التي تدخل في مجال السلطة التقديرية لقاضي الموضوع بلا معقب عليها من محكمة النقض مادام استخلاصها في ذلك سائغا وله أصل ثابت بالأوراق( ).






الفصل الثاني
العقاب عن الاحتيال

- عقوبة جريمة الاحتيال :
تعاقب المادة 399 ع. أ. على الاحتيال بعقوبة الحبس أو الغرامة. وتجيز المادة ذاتها للمحكمة أن تأمر بوضع الجاني تحت ملاحظة البوليس مدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر .
ويلاحظ أن تنازل المجني عليه عن شكواه بشأن جريمة الاحتيال ليس من أثره انقضاء الدعوى الجزائية، طالما تكاملت عناصر الجريمة، مادام أن الفاعل في تلك الجريمة ليس بين الأصول والفروع أو بين الأزواج ( ).
-عقوبة الشروع في الاحتيال :
تقوم جريمة الشروع في احتيال في الحالات الآتية :
1 - عدم حدوث النتيجة :
إذا لم تحدث النتيجة لسبب لا دخل لإرادة الفاعل فيه، فإن جريمة الشروع في احتيال هي التي تقوم. من ذلك أن ينكشف أمر الاحتيال بسبب ذكاء المجني عليه الذي أدرك عدم صدق المزاعم أو أن يتدخل شخص فيكشف أمر المتهم .
وبناء عليه لا تبدأ الوسيلة الاحتيالية إلاّ إذا اتجه الجاني بالخطاب إلى المجني عليه . استنادا إلى ذلك قضت محكمة تمييز دبي بأن ضبط المتهم متلبسا عند شروعه في قتل زوجته بهدف الحصول على المبلغ المؤمن به على حياتها لا يعد شروعا في ارتكاب الاحتيال للحصول على مبلغ التأمين( ).
2 - انقطاع علاقة السببية :
إذا حدث تسليم المنقول ولكن علاقة السببية كانت منقطعة لسبب آخر، فإن الشروع في النصب هو الذي يقوم. من أمثلة ذلك ما سبق ذكره من حالة التسليم السابق على الاحتيال أو أن يكون التسليم قد حدث بباعث آخر وليس بتأثير الاحتيال كما لو كان بدافع الإحسان والشفقة إلى المتهم أو بدافع كسب المودة والصداقة.
ومن حالات الشروع في الاحتيال أن يكون المجني عليه قد أعد كمينا للمتهم لمساعدة رجال الشرطة للقبض على المتهم متلبسا بارتكاب الجريمة، فعلى الرغم من أن المجني عليه قد سلم المتهم المال، فإن هذا التسليم غير مرتبط بعلاقة السببية بالاحتيال، وإنما كان مرده الرغبة في ضبط المتهم متلبسا بارتكاب الجريمة. لذا قضت المحكمة الاتحادية بوقوع الشروع في نصب إذا كان المجني عليه من مرشدي الشرطة وقد اعد كمينا للقبض على المتهم بالاتفاق مع الشرطة وهو يحتال عليه( ). وقد أكدت المحكمة في هذا الحكم على أنه لا يلزم أن يكون المجني عليه معروفا باسمه، أي أن رجال الشرطة لها أن تحجب اسم المرشد السري عن المحكمة في جريمة الشروع في الاحتيال.
وتعاقب المادة 399 ع. أ. على الشروع في احتيال بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بالغرامة.


الباب الرابع
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد

- المجني عليه في جريمة الشيك بدون رصيد :
على خلاف غيرها من جرائم الأموال، تقع جريمة إعطاء شيك بدون رصيد ضد المصلحة العامة. تلك هي الثقة اللازمة لتيسير المعاملات التجارية وغيرها والتي تتزعزع لو رفض الأفراد العاديون وكذلك غيرهم من التجار قبول الشيكات كأداة وفاة. فما يريده المشرع هو أن تقوم الشيكات مقام النقود ولا يتأتى ذلك إلاّّ بتجريم كل فعل يمثل مساسا بهذه الوظيفة .
يترتب على ذلك أن المستفيد ليس هو المجني عليه الحقيقي في الجريمة، بل هو مضرور منها. ولا تمثل قيمة الشيك الضرر المباشر في الجريمة هنا وبالتالي لا يقبل من المستفيد أن يطالب باسترداد قيمة هذا الشيك أمام القضاء الجنائي ( ).
وإذا كانت جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تقع اعتداء على المصلحة العامة وليس على الملكية، فلا يحول دون وقوعها أن صاحب الشيك، وهو المدين وفى للمستفيد بدينه ولكنه لم يسترد الشيك منه. فيلزم في كافة الأحول أن يوجد رصيد كاف وقائم وقابل للسحب طالما ظل الشيك موجودا.
فلا يلزم أن ينشأ ضرر لأحد الأفراد من إعطاء الشيك بدون رصيد ، ذلك أن الجريمة تقع اعتداء على المصلحة العامة . وهي تفترض وجود مثل هذا الضرر الذي لحق بالمصلحة العامة بسبب عدم صرف الشيك .
فليست تلك الجريمة من جرائم الاعتداء على الملكية. ويترتب على ذلك نتيجتان : الأولى- أن الشيك أداة منفصلة عن سبب وجوده، عقدا كان أو دينا سابقا عليه. والثانية - أنه يلزم لوقوع الجريمة توافر نية التملك.
وعلى خلاف جريمة النصب، تقع جريمة إعطاء شيك بدون رصيد دون الاعتداد بعلم المجني عليه. فحتى ولو علم المجني عليه بأن الشيك بدون رصيد، فإن الجريمة تقع رغم ذلك لأنها اعتداء على المصلحة العامة وليست اعتداء على ملكيته ( ) .


الفصل الأول
الشرط المسبق في الجريمة : وجود شيك
تقوم جريمة إعطاء شيك بدون رصيد على أساس أن هناك صكا اكتسب صفة الشيك . فالقانون الجنائي يحمي – بهذا التجريم – الشيك دون غيره من الأوراق كالكمبيالة والسند الأذني .
وتعرف المادة ( 483) معاملات تجارية اتحادي الشيك بقولها " الشيك ورقة تجارية تتضمن أمرا صادرا من الساحب إلى المصرف المسحوب عليه بأن يدفع في اليوم المبين فيه كتارخ لإصداره مبلغا معينا من النقود لإذن شخص ثالث هو المستفيد أو لحامله ".
ويختلف مفهوم الشيك عن الكمبياله على ما حددته المادة ( 480) معاملات تجارية بقولها" الكمبيالة ( سند السحب ) ورقة تجارية تتضمن أمرا من الساحب إلى المسحوب عليه بأن يدفع مبلغا معينا من النقود بمجرد الاطلاع أو في تاريخ معين أو قابل للتعيين لإذن المستفيد ".
- شروط الشيك :
الأصل أنه يُرجع إلى قانون المعاملات التجارية لتحديد شروط الشيك. فتنص المادة (596) منه على البيانات التي يتعين أن يتضمنها الشيك بقولها : " يشتمل الشيك على البيانات الآتية :
1- لفظ شيك مكتوبا في متن الصك ، وباللغة التي كُتب بها .
2- أمر غير معلق على شرط بوفاء مبلغ معين من النقود
3- اسم من يلزمه الوفاء ( المسحوب عليه ).
4- من يجب الوفاء له أو لأمره
5- مكان الوفاء
6- تاريخ إنشاء الشيك ومكان إنشائه
7- توقيع من أنشأ الشيك ( الساحب ).
وقد اشارت المادة ( 597) معاملات تجارية إلى أن هذه البيانات جوهرية بقولها : " الصك الخالي من أحد البيانات المذكورة بالمادة السابقة لا يعتبر شيكا إلاّ في الحالات الآتية :
1- إذا خلا الشيك من بيان مكان الوفاء اعتبر المكان المبين بجانب اسم المسحوب عليه مكانا للوفاء ...
2- إذا خلا الشيك من بيان مكان الإنشاء اعتبر منشأ في المكان المبين بجانب توقيع الساحب ..... ".
مما سبق يتبين أن شروط الشيك تتلخص في التالي :
1 – شرط ثنائية الأطراف :
لا يستلزم قانون المعاملات التجارية ثلاثية الأطراف في الشيك، أي أنه لا يلزم أن يتضمن الشيك اسما مختلفا للساحب يختلف عن المستفيد ، والمسحوب عليه. فيجوز أن يكون الساحب هو نفسه المستفيد. بيد أنه لا يجوز أن يكون المسحوب عليه هو نفسه الساحب إلاّ إذا تعلق الأمر بشيك يسُحب بين فروع البنك الواحد، فهذا ما تجيزه المادة (604/3) معاملات تجارية. فتنص المادة 604 معاملات تجارية على أنه " 1- يجوز سحب الشيك لأمر ساحبه نفسه ، 2- ويجوز سحبه لحساب شخص آخر ، 3- ولا يجوز سحبه على ساحبه نفسه إلاّ في حالة سحبه بين فروع المصرف الواحد بعضها البعض أو بينها وبين المركز الرئيسي للمصرف، وبشرط أن يكون الشيك المسحوب مستحق الوفاء لحامله ".
وعلى الرغم من أن قانون المعاملات التجارية يخلو من نص في الحالة التي يتحد فيها المستفيد والمسحوب عليه، فإن المحكمة الاتحادية العليا رأت أن ذلك لا ينفي عن الورقة صفة الشيك ولا يحولها إلى حوالة مصرفية، مخالفة في ذلك ما انتهت إليه محكمة الاستئناف ( ). كما انتهت محكمة تمييز دبي إلى النتيجة ذاتها ( ). وكثيرا ما يحدث ذلك عندما يقدم البنك لعميله قرضا أو تسهيلات ائتمانية ويستكتب هذا العميل شيكات مسحوبة على حساب العميل لديه لصالح البنك (أي يمثل فيها هذا البنك مستفيدا ).
2- قيمة الشيك مبلغ من النقود :
الشيك هو أمر من الساحب إلى المسحوب عليه أن يدفع الى المستفيد مبلغا من النقود . وبناء عليه لا يجوز أن يكون محل الشيك شيئا آخر سوى النقود؛ فلا يجوز أن يكون محل الشيك إعطاء بضاعة معينة .
ويصح الشيك الذي يصدر على بياض بالنسبة لقيمته أي مع عدم كتابة قيمته، على أن يقدم بعد استيفاء ذلك البيان. فلا يصح الشيك إذا قُدم إلى الجهة المختصة (البنك للصرف أو النيابة للتبليغ عن الجريمة) إلاّ بعد استيفاء ذلك البيان. ويعتبر صدور الشيك على بياض تفويضا من الساحب للمستفيد في كتابة مبلغ الشيك على ما قضت به المحكمة الاتحادية العليا( ) ومحكمة التمييز بدبي( ).
وعادة ما تشكل قيمة الشيك دينا سابقا في ذمة الساحب، غير أن الشيك ورقة منفصلة بذاتها لا يجوز إثبات عكسها بأوراق أخرى كعقود بين الطرفين، ذلك أن المشرع أراد للشيكات أن تقوم مقام النقود. بل إن الشيك يصح على الرغم من سوء نية المستفيد وعلى الرغم من رفض دعواه المدنية التي رفعها على الساحب مطالبا إياه بالوفاء بقيمة الشيك ، وقد أكدت أحكام تمييز دبي على هذه النتيجة( ).
ورغم ذلك فإن الشيك على بياض يمكن أن يتعسف المستفيد من تفويض الساحب له في تكملة بيان قيمة الشيك، فنصبح أمام خيانة أمانة، ولا تقع جريمة إعطاء شيك بدون رصيد ، كما لو أعطى الساحب المستفيد شيكا على بياض على أن يكتب فيه قيمة البضاعة التي سوف يرسلها له. فإذا قام المستفيد بكتابة مبلغ يزيد على المتفق عليه وكان يزيد على رصيد الساحب، فإن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تعود لفعل المستفيد إخلالا بالأمانة. وقد انتهت محكمة تمييز دبي إلى هذا المفهوم عندما اعتبرت تجاوز المستفيد لحدود التفويض دفعا جوهريا من شأنه أن يدرأ مسئولية الساحب( ).
3- المسحوب عليه مصرف :
تستلزم المادة ( 598) من قانون المعاملات التجارية أن يكون المسحوب عليه مصرفا ، وذلك حتى تكتسب الورقة صفة الشيك ، فتنص المادة السابقة على أنه " 1- يجب أن يُسحب الشيك الصادر في الدولة والمستحق الوفاء فيها على أحد المصارف ". فما يتم تداوله بين الأفراد فقط من أوراق دون أن يكون المسحوب عليه بنكا لا يسري عليها صفة الشيك ، ولا تتمتع بالحماية الجزائية.
4-كتابة لفظ " شيك " عليه :
لا تكتسب الورق صفة الشيك في قانون المعاملات التجارية الاتحادي ألاّ إذا كان مدونا عليها كلمة " شيك" كأن يكتب عليها " شيك رقم ... " أو ادفعوا بموجب هذا الشيك ... . فتنص المادة (596) معاملات تجارية على أنه " يشتمل الشيك على البيانات الآتية : 1- لفظ شيك مكتوبا في متن الصك وباللغة التي كُتب بها ... " . وتنص المادة (597) معاملات تجارية على أن " الصك الخالي من أحد البيانات المذكورة بالمادة السابقة لا يعتبر شيكا إلاّ في الحالات الآتية : 1- إذا خلا الشيك من بيان مكان الوفاء ... 2- إذا خلا الشيك من بيان مكان الإنشاء ...".
وبالتالي فإن هذا البيان يُعد من الشروط الشكلية التي يتعين توافرها لاكتساب صفة الشيك في قانون المعاملات التجارية. ومع ذلك فإن أحكام القضاء الجزائي تتجه إلى إضفاء صفة الشيك ولو كان خاليا من هذا البيان، استنادا إلى ذاتية المصلحة التي يحميها قانون العقوبات واختلافها عن تلك التي يسعى إلى تحقيقها قانون المعاملات التجارية، حيث يحمي قانون العقوبات ظاهر الشيك. هذا المظهر يتحقق من الاطلاع على الشيك الذي يصبح محلا للثقة فيه ولو افتقد ذلك البيان الذي لا يتبينه الشخص العادي عندما يتعامل مع الشيكات. وقد انتهت المحكمة الاتحادية العليا إلى ذلك الرأي في قضائها( )، كما اتجهت محكمة تمييز دبي إلى النتيجة ذاتها ( ).

5- التوقيع :
لا تتوافر صفة الشيك إذا لم تكن الورقة ممهرة بتوقيع شخص معين. وبالتالي فإنه إذا أنكر المتهم أن التوقيع قد صدر منه فإنه يتمسك بتزوير الشيك، ومن واجب المحكمة أن تحيل الأمر إلى خبير للخطوط، فإن لم تفعل كان حكمها منطويا على إخلال بالحق في الدفاع، الامر الذي يستوجب نقضه( ). غير أنه إذا اعترف المتهم بالتهمة فإنه لا يجديه أن يعود إلى الطعن بالتزوير في بيان من بيانات الشيك مثل التوقيع أو التاريخ ( ).
وإذا ا اتفق الساحب والمستفيد على أن يحمل الشيك توقيعين ومع ذلك قبل المستفيد شيكا بتوقيع واحد، فإن هذا الشيك الأخير تنتفي عنه الحماية الجنائي، وذلك لافتقادة إلى شرط من شروط الشيك حسب ما اتفق عليه الطرفان( ).
6-التاريخ :
يلزم أن يكون الشيك مؤرخا، فتنص المادة (596) معاملات تجارية اتحادي على أنه" يشتمل الشيك على البيانات المطلوبة : ... 6- تاريخ إنشاء الشيك ومكان إنشائه ". ويصح الشيك الذي يصدر دون كتابة تاريخ الاستحقاق فيه ويعتبر ذلك تفويضا من الساحب للمستفيد بأن يكتب التاريخ( )، ويتعين أن يثبت فيه تاريخ معين عند تقديمه، ذلك أن هذا التاريخ هو الذي يستحق فيه الشيك. فإذا تم تقديم الشيك ورفض البنك صرفه بسبب عدم كتابة تاريخ الاستحقاق عليه، فإن الحكم الصادر بالبراءة يكون مستندا إلى صحيح القانون ( ).
وما دام أن الشيك مدون فيه تاريخ معين، فإنه يعبتر أداة وفاء حتى ولو ثبت أنه قد تم إصداره في وقت سابق على التاريخ المدون به( ). وقد قضت محكمة تمييز دبي بأنه لا يجدي المتهم أن يطعن بالتزوير بخصوص تاريخ الشيك ما دام أنه قد اعترف بالتهمة ( ).
ويجوز للساحب أن يسلم الشيك إلى المستفيد دون تحرير بيان التاريخ، ويعتبر ذلك تفويضا من الساحب للمستفيد في كتابة ذلك البيان( ). ومع ذلك فإن القضاء يعتبر تسليم الشيك بدون تاريخ قرينة بسيطة على ذلك التفويض يجوز إثبات عكسها، كما لو كان الشيك قد تم تسليمه إلى شخص ثالث غير المستفيد ضمانا لتسوية نزاع بينهما، أي على سبيل الأمانة ليسترده بعد تسوية النزاع، فلا يحق لمن سُلم إليه أن يقوم بتسليم الشيك إلى سخص ثالث دون احترام شروط الاتفاق بين المتخاصمين( ).
أما إذا كان الشيك يحمل تاريخين، فإنه يفقد صفة الشيك الواجب الوفاء به عند إصداره ويعتبر تاريخ الشيك تاريخا لإصداره. فالشيك ذو التاريخين يتحول إلى صك مديونية( سند إذني )،وهو لا يكتسب صفة الكمبيالة لأن تلك الورقة يجب أن تحمل كلمة " كمبيالة " مكتوبة عليها. وعلى أية حال فإنها تفقد صفة الشيك ولا تقع الجريمة عند عدم وجود رصيد. غير أن الشيك لا يعتبر ذا تاريخين إذا ثبت من التحقيق وأقوال الشهود أن تاريخ تحريره يختلف عن تاريخ استحقاقه( ).
ويُعد من قبيل حمل الشيك لتاريخين تحوله إلى أداة ائتمان وجود تاريخ واحد عليه ثم تعديل هذا التاريخ ولو تم ذلك بموافقة المستفيد بعد فشل الساحب في تدبير المبلغ الذي يداينه به، فإذا خلص الحكم إلى أن الورقة قد فقدت بذلك منذ اللحظة التي تم فيها إضافة التاريخ الثاني إليها وإلى حين تقديمها للبنك مقوماتها كأداة وفاء وانقلبت إلى أداة ائتمان وبذلك تخرج من نطاق تطبيق المادة 401 من قانون العقوبات( ).ولا يغير من ذلك وجود توقيع للساحب بجوار التاريخ اللاحق( ).
فمادام الشيك يحمل تاريخا واحدا، فإنه يكون صحيحا ولا يتم اللجوء إلى ورقة أخرى أو إثبات آخر للنيل منه، مادام أنه صحيح كورقة مستقلة بذاتها. ولا يؤثر في توافر صفة الشيك أنه قد سُلم قبل ميعاد استحقاقه. فمادام أن تاريخا واحدا مدون به، فإنه لا يتحول إلى أداة ائتمان( ).
ويعتبر من قبيل الشيك الذي يحمل تاريخين ذلك الشيك الذي تم التأشير بظهره بما يفيد أنه لضمان التزام معين ويحق للمستفيد فيه أن يقدمه عند عدم الوفاء بهذا الالتزام، ذلك أنه لا يصبح عندئذ واجب الدفع بمجرد الاطلاع عليه. فقد قضت المحكمة الاتحادية العليا بأن الشيك الذي ظهر بالعبارة التالية " أمانة في حالة أخلّ أبو وليد يكون نافذا الشيك ويحق للطرف الأول صرفه في الوقت الذي يراه "( )، يفقد صفة الشيك .

- المبادئ القانونية التي تحكم الشيك أمام القضاء الجزائي :
يمكن القول بأن القضاء الجزائي أرسى مبادئ أساسية تحكم مسألة الشيك الذي تنعطف عليه الحماية التي يقررها قانون العقوبات ، من أهم هذه المبادئ ما يلي :
1- الشيك أداة وفاء وليس أداة ائتمان :
الشيك ورقة مستحقة الدفع وفقا للتاريخ المدون بها. يترتب على ذلك النتائج القانونية التالية:
- العبرة بالتاريخ الثابت بالشيك، هذا التاريخ يدل على أنه قد تم إعطاوه فيه، ولا يجوز إثبات العكس.
- إذا حمل الشيك تاريخين، فإنه يفقد الحماية المقررة له في قانون العقوبات.
- يصح الشيك ولو كان على بياض، ويعتبر ذلك تفويضا من الساحب إلى المستفيد أن يكتب القيمة في المكان المخصص لها وأن يكتب التاريخ إذا كان بيان التاريخ ناقصا
- بيان التاريخ هام ولا يجوز تقديم الشيك دون استيفائه، والاّ كان شيكا غير صحيح، وبالتالي يجب أن يكون مدونا فيه تاريخ استحقاقه عند تقديمه إلى البنك.
2- الشيك ورقة قائمة بذاتها :
الشيك ورقة منفصلة عن التعاملات التي كانت سببا في إنشاء الشيك. وبناء عليه فإنه لا يجوز إثبات عكس ما هو مدون في الشيك من بيانات استنادا إلى عقود بين الطرفين، مادام أن الساحب قد طرح الشيك في التداول أي أجاز للمستفيد أن يقدمه إلى البنك. ذلك أن المشرع قد أراد أن يكون الشيك ورقة قائمة بذاتها. وقد رتبت أحكام القضاء على ذلك نتيجة مؤداها أن النزاع حول سبب تحرير الشيك لا يؤثر في قيام الدعوى الجزائية إذا لم يتم صرفه في تاريخ استحقاقه( ). فإذا كان الشيك يمثل قيمة صفقة بين طرفين ولم يوف البائع بالتزامه بالتسليم، فإن ذلك لا يسوغ منه أن يصدر أمرا إلى البنك بعدم الصرف. فالشيك أصلا منفصل عن سببه، لكي يقوم مقام النقود. تطبيقا لذلك قضت محكمة تمييز دبي بأن إصدار الشيك نتيجة معاملات مشوبة بالتدليس أو صدوره على سبيل الضمان لا أثر له على المسئولية الجنائية( ). كما قضت المحكمة ذاتها بأن الجريمة تقوم ولو كان الشيك ناشئا من علاقة إيجارية وتختص المحكمة الجزائية بنظر الدعوى( ).
3-مبدأ الذاتية :
ويقصد به أن الشيك في مفهوم قانون العقوبات يتميز ببعض خصائص من الذاتية تميزه أحيانا عن الشيك في مفهوم القانون التجاري، وذلك بسبب اختلاف المصالح التي يحميها قانون العقوبات عن تلك التي يسعى القانون التجاري إلى تحقيقها. فهذا القانون الأخير يتخيل الشيك كأداة لتيسير التعاملات بين الأفراد وكذلك بين التجار والشركات التجارية ، أما قانون العقوبات فإنه يرمي إلى توفير الثقة في الشيكات حتى تقوم مقام النقود.
وقد ترتب على ما سبق أن القضاء الجزائي يحمي ظاهر الشيك أحيانا ولو افتقد إلى شرط من شروطه في القانون التجاري كما لو كان غير مدون عليه لفظ " الشيك " ، على ما سبق بيانه.


الفصل الثاني
الركن المادي للجريمة

- النشاط المعاقب عليه ومبدأ الشرعية :
النشاط المعاقب عليه في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد يتكون من عنصرين : الأول - فعل الإعطاء والثاني - عدم وجود رصيد. ومعنى ذلك أن أي نشاط آخر لا يتوافر فيه هذان العنصران يفلت من العقاب المقرر لجريمة إعطاء شيك بدون رصيد. فمن أصدر شيكا وكان له رصيد ولكن البنك رفض صرف قيمة الشيك بسبب أنه يتطلب تحرير الشيك على نموذج مطبوع أو لانقضاء مدة معينة دون تقديمه للصرف، فإنه لا يرتكب رغم ذلك جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. ولكن هذا لا يمنع من مساءلته عن جريمة النصب إذا توافرت سائر أركانها .
- عناصر الركن المادي :
يتكون الركن المادي في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد – على ما تنص عليه المادة 401 ع.أ. - من عدة صور من النشاط المعاقب عليه ؛ هذه الصور هي :
- إعطاء شيك بدون مقابل كاف وقائم وقابل للصرف
- سحب الرصيد بعد الإعطاء
- الأمر بعدم الصرف
- تحرير الشيك أو توقيعه بطريقة تمنع صرفه
- التظهير المعاقب عليه
أولا - إعطاء الشيك بدون رصيد :
المقصود بالإعطاء :
لا يعاقب قانون العقوبات على مجرد تحرير شيك دون طرحه في التداول أي إعطائه للمستفيد. فإذا حرره صاحب الشيك واحتفظ به، فإنه لا يرتكب جريمة إذا كان بدون رصيد.
فإذا طرحه الساحب في التداول أي قدمه إلى المستفيد مع حق هذا الأخير في أن يقدمه إلى البنك، فإن معنى الإعطاء المعاقب عليه يتحقق إذا لم يكن هناك رصيد له. ولا يؤثر في توافر الجريمة أن يكون المستفيد نفسه سيء النية يعلم بأن الشيك بدون رصيد( ). لذا قُضي بصحة الشيك الذي يكون فيه المستفيد من الشيك هو ذاته البنك المسحوب عليه، مما يفيد علم البنك بعدم وجود رصيد كاف للساحب، وكثيرا ما يحدث ذلك عندما يقدم البنك قرضا للساحب مع ضمان حقه بتوقيع العميل على تلك الشيكات .
ويتحقق معنى الإعطاء ولو كان الشيك على بياض، مادام أن تسليم الشيك كان متضمنا الطرح في التداول، ذلك أن عدم كتابة بيان معين كبيان المبلغ أو التاريخ يعتبر تفويضا من الساحب للمستفيد أن يدون تلك البيانات. إلى ذلك انتهت – بحق – المحكمة الاتحادية في أحكامها بقولها " من المقرر أن إعطاء الشيك بتسليمه المستفيد يعني تخلي الساحب عن حيازته ودخوله في حيازة المستفيد وأن توقيع الساحب للشيك على بياض دون إثبات البيانات الأخرى لا يؤثر في صحة الشيك إذ يعتبره أن مصدره قد فوض المستفيد في وضع هذه البيانات "( ).
والفاعل في تلك الجريمة هو من قام بنشاط الطرح في التداول ، أي من قام بالتوقيع على الشيك وليس من يقوم بمجرد المناولة المادية، ذلك لأن الجريمة هي فعل الساحب وليس القائم بالمناولة. وتقع المسئولية الجنائية على القائم بالتوقيع حتى لو لم يكن له مصلحة كمدير شركة يمتلكها شخص آخر وقد خوله بالتوقيع على الشريكات ضمن أعمال الإدارة التي يقوم بها هذا المدير لشركته. كما يُسأل صاحب التوقيع الثاني مع صاحب التوقيع الأول إذا كان الشيك يصدر بتوقيعين( ).
- صور لا يتحقق فيها معنى الإعطاء :
إذا سُلم الشيك على سبيل الأمانة إلى شخص آخر فوضعه هذا الأخير في التداول، فإن الأول لا يكون مرتكبا جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. فالإعطاء يتضمن عنصرا معنويا هو نية التخلي عن الشيك. فلا يعد إعطاء معاقبا عليه أن يعطي الساحب الشيك للمستفيد مشترطا عليه ألاّ يضعه في التداول. ومن التطبيقات على يد الأمين على الشيك ما قضت به المحكمة الاتحادية العليا من توافر تلك الصفة " إذا كان تحرير الشيك موضوع الدعوى قد تم ضمانا لتسوية النزاع بينه وبين المستفيد وسلمه دون أن يكون له تاريخ إلى شخص ثالث غير الأخير على سبيل الأمانة بإبصال قدمه ليسترده بعد تسوية النزاع "( ).
كما أن معنى الأمانة يتحقق إذا تغيرت يد المستفيد على الشيك من صاحب الحق في تقديم هذا الشيك إلى أمين عليه . بذلك قضت المحكمة الاتحادية العليا استنادا إلى " المادة (3) من الاتفاقية المبرمة بين .... و .... تلزم الشاكي بإعادة الشيكات الثمانية التي تمت جدولتها بعد استلامه للدفعة النقدية البالغة ... درهم وتحصيله الشيكات البديلة بالأرقام ..و ... ، وذلك دون عرضها على المصارف المسحوب عليها أو تظهيرها إلى طرف ثالث، إلاّ أن الشاكي وبعد استلامه للشيكات البديلة وصرف قيمتها رفض إعادة الشيكات المعنية وقدمها للمصارف المسحوب عليها "( ).
وبالمثل فإن الشيك المكتوب على بياض الذي سُرق وقام سارقه بوضع اسمه كمستفيد منه ووضعه في التداول لا يجعل الساحب مسئولا عن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد( ). وما يُقال عن السرقة يُقال عن الفقد وكذلك إكراه الساحب على الكتابة.
وكذلك فإنه إذا كان الشيك محل الدعوى قد تحصل عليه الشاكي بالاحتيال من المتهم، فإنه لا محل لمساءلة المتهم عن جريمة أعطاء شيك بدون رصيد.وإذا كانت الدعوى لا تزال منظورة أمام محكمة أخرى عن الاحتيال، فإن من واجب المحكمة التي تحاكم المتهم عن أنه " أعطى بسوء نية للمستفيد ... الشيك رقم ... بقيمة ... دون أن يقابله رصيد قائم وقابل للسحب " أن توقف نظر الدعوى حتى ينتهي الفصل في الدعوى الرفوعة عن الاحتيال تطبيقا للمادة (149) إجراءات جزائية اتحادي التي تنص على أنه " إذا كان الحكم في الدعوى الجزائية يترتب على نتيجة الفصل في دعوى جزائية أخرى وجب وقف الأولى حتى يتم الفصل في الثانية "( ).
وبالمثل لا تقع جريمة خيانة الأمانة إذا كان تسليم الشيك على سبيل الأمانة لكي يقوم المستلم بتسليمه إلى صاحب الحق، فبدلا من ذلك قام باختلاسه لنفسه وملأ بيانات ذلك الشيك الذي على بياض واضعا اسمه عليه. بذلك قضت المحكمة الاتحادية العليا – بحق – استنادا إلى أن الشيك عندئذ يعتبر أمانة لدى المستلم وبالتالي فإنه كان من المتعين على محكمة الموضوع أن تمحص دفاع المتهم، فإن لم تفعل كان حكمها مشوبا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بالحق في الدفاع بما يوجب نقضه والإحالة( ).
تطبيقا لما سبق قضت المحكمة الاتحادية العليا يعدم تحقق الإعطاء إذا كان الشيك قد أُعطي على سبيل الوديعة لدى أحد المحامين فسلمه إلى الشاكي. في ذلك تقول المحكمة " التسليم في مدلوله القانوني هو مناولة مصحوبة بإرادة التخلي عن الحيازة والملكية لدى الساحب وإرادة اكتسابها لدى المستفيد ويترتب على ذلك أنه إذا ناول الساحب الشيك الذي لا يقابله رصيد إلى مودع لديه، فهو لا يرتب بذلك الجريمة ، فالمودع لديه يحوز الشيك لحساب الساحب ، فهو بذلك لم يخرج من حيازته " ( ).
ويختلف الوضع إذا تعلق الأمر بشيك ضمان حرره الساحب ليودعه لدى الدائن لضمان تسديده لدينه . فإن الساحب يرتكب جريمة إعطاء شيك بدون رصيد عندما يعطي هذا الشيك دون أن يقابله رصيد كاف ، ذلك أن من حق الدائن وهو المستفيد أن يطلب صرفه .
تأييدا لذلك قضت المحكمة الاتحادية العليا بأنه الشيك ورقة تستحق الوفاء لدى الاطلاع عليها وبأنه لا عبرة بما يقوله الطاعن من أن تحرير الشيك كان ضمانا لتسوية المسحوبات المشتركة في الحساب الجاري موضوع التعامل"( ).وفي نفس الاتجاه قضت محكمة تمييز دبي بأن تحرير الشيك على سبيل الضمان لا أثر له على المسئولية الجنائية ( ).
أما إذا سلم الساحب الشيك إلى وكيله ليقوم بتسليمه فيما بعد إلى المستفيد، فإن هذا التسليم لا يُعد إعطاء. بل إن تصرف الوكيل هو إلذي يمثل الإعطاء. لكن النشاط يصدر من الساحب وليس الوكيل رغم ذلك لأن الوكيل يقوم بهذا الإعطاء بالنيابة عن الساحب. لكن هذا الوكيل يمكن أن يُعد شريكا في الجريمة إذا كان عالما بأن الشيك بدون رصيد.
-عدم وجود مقابل :
ويعتبر الرصيد بدون مقابل في عدة حالات :
أولا - عدم وجود رصيد
ثانيا - عدم كفاية الرصيد
ثالثا - عدم قابلية الرصيد للصرف
رابعا - الأمر بعدم السحب
والعبرة في تحديد الوقت الذي يُعتد به لتحديد ما إذا كان الرصيد قائما وكافيا هي تاريخ استحقاق الشيك،وليس تاريخ إعطائه. والحقيقة أن تاريخ استحقاق الشيك أي التاريخ المدون به يعتبر هو التاريخ الذي أعطي فيه. بذلك قضت محكمة تمييز دبي( ).
الحالة الأولى : عدم وجود رصيد على الإطلاق :
قد لا يكون هناك رصيد أو حتى حساب في البنك، فتقع الجريمة عند إعطاء الشيك. وقد يكون للساحب رصيد ثم يقوم بسحبه قبل أن يعطي الشيك. فالعبرة بحالة الحساب وقت إصدار الشيك أي إعطائه إلى المستفيد .
غير أنه إذا كان هناك حساب آخر يضمن الحساب الأول المكشوف، فإن الجريمة لا تقع. كما لا تقع إذا كان هناك وديعة تضمن الحساب المكشوف، سواء مقدمة من الساحب أو مقدمة من الغير. ويتحمل البنك مسئولية مدنية إذا سمح لصاحب الوديعة أن يسحبها قبل انقضاء المدة التي اتفق على تجميد الوديعة خلالها ضمانا لحساب العميل. ولا نخال أن البنك يتحمل مسئولية جنائية في هذه الحالة لأن النشاط المعاقب عليه هو نشاط الساحب وليس نشاط البنك .
وعلى أية حال فإن على البنك أن يبين في إفادته حالة الرصيد : هل يوجد رصيد أو لا ؟ هي يكفي الرصيد أو لا ؟ أما إذا اكتفى البنك بأن أشر على الشيك بالرجوع على الساحب، فإن على النيابة العامة أن تستعلم عن حالة الرصيد، كما أن على المحكمة – قبل إصدار حكمها بالإدانة أن تستبين ذلك الأمر، وإلاّ كان حكمها قاصر التسبيب فاسد الاستدلال متعين النقض( ).
الحالة الثانية : عدم كفاية الرصيد
في هذه الحالة يوجد حساب للعميل الذي حرر الشيك ولكن الحساب غير كاف .
فالنشاط المعاقب عليه هو الإعطاء، أما تحرير الشيك والاحتفاظ به، فهما من الأعمال التحضيرية طالما لم يتم تسيم الشيك أي طرحه في التداول( ).
والعبر ة بوقت الإعطاء الذي يدل عليه تاريخ الشيك. أما تقديم الشيك إلى البنك فهو إجراء كاشف للجريمة التي وقعت قبل ذلك( ). فلا يحول دون وقوع الجريمة أن يقوم الساحب بتكملة الرصيد أو بوضع ر صيد إذا لم يكن موجودا من قبل( ). فالجريمة تقع تامة في لحظة إعطاء الشيك وهو بدون رصيد. ومعنى ذلك أيضا أنه لا يحول دون قيام الجريمة أن يقوم البنك بصرف الشيك الذي ليس له رصيد من حسابه الخاص من باب المجاملة للساحب العميل على أن يرجع عليه بعد ذلك بالمبلغ المدفوع( ).
وإذا كان الرصيد قائما وكافيا لحظة تحرير الشيك ولكن الساحب قام بسحبه كله أو جزءا منه بحيث أصبح غير كاف، فإن الجريمة تقع ليس في لحظة إعطاء الشيك ولكن في لحظة إصدار الأمر إلى البنك بسحب كل أو جزء منه بحيث أصبح الباقي غير كاف لتغطية الشيك . وتقع الجريمة بإصدار مثل هذا الأمر حتى ولو كان هناك مبرر لهذا الإجراء كما لو خالف المستفيد اتفاقا له مع الساحب حرر بمناسبته هذا الشيك، ذلك أن قانون العقوبات يحمي الثقة التي يولدها الشيك في المعاملات( ).
الحالة الثالثة : عدم قابلية الرصيد للسحب
قد يكون الرصيد غير قابل للسحب بسبب الحجز عليه أو فرض الحراسة عليه أو لأي سبب آخر ويقوم صاحبه بإصدار شيكات على الرغم من علمه بذلك، فتقوم الجريمة عند إعطائه لهذا الشيك. وبالمثل فإنه إذا أُشهر إفلاس تاجر، فإن رصيده في البنك يدخل في التفليسة ويكون غير قابل للسحب، فيرتكب الجريمة إذا قام على الرغم من ذلك بإصدار شيك مسحوبا على ذلك الحساب.
أما إذا صدر الحكم بالحجز على الحساب في البنك أو التحفظ على أموال الساحب بعد أن قام بإعطاء شيكات على هذا الحساب، فإنه لا يتعرض للمسئولية الجنائية بسبب توافر حادث مفاجئ استجد بعد إعطائه الشيك( ).
ثانيا- استرداد كل المقابل أو جزءا منه :
صورة هذا النشاط تتحقق في الفرض الذي فيه يعطي الساحب الشيك إلى المستفيد وهو له رصيد كاف وقائم وقابل للصرف ولكنه يقوم باسترداد كل أو جزء من الرصيد بحيث لا يكفي المتبقي منه للوفاء بقيمة الشيك. وواضح أن الجريمة تتحقق ليس عند إعطاء الشيك ولكن عند فعل السحب المؤثم. أما عن مكان ارتكابها فإن الجريمة في هذه الحالة تقع في المكان الذي يتواجد فيه البنك باعتبار أن استرداد المقابل يكون من البنك.
ثالثا - الأمر بعدم الصرف
تقع الجريمة في هذه الحالة ليس من لحظة إعطاء الشيك ولكن من لحظة صدور الأمر بعدم الصرف . وإنكار حق الساحب في أن يصدر أمرا إلى البنك بعد الصرف يفيد أن الرصيد أصبح ملكا للمستفيد من لحظة إعطاء الشيك. أما إذا كانت المحكمة هي التي أصدرت الأمر بعدم صرف شيك معين، فإن ذلك من شأنه أن يحول دون وقوع الجريمة ( ).
ولا عبرة بالبواعث التي حدت بالساحب إلى إصدار مثل هذا الأمر، فسواء أكانت بواعث مشروعة أم غير مشروعة، فإن الجريمة تقوم ( ). فلا يحول دون وقوع الجريمة أن يسدد الساحب قيمة الشيك للمستفيد إذا لم يسترد منه الشيك ، فقام هذا الأخير بتقديم الشيك إلى البنك طالبا صرفه( ). ذلك أن المشرع أراد أن يحمي الشيك بغض النظر عن سبب تحريره. فالشيك ورقة تجارية أريد لها أن تقوم بما تقوم به النقود من وظيفة.
وعلى الرغم من ذلك فإن هناك أسبابا لإباحة هذه الجريمة أهمها ما جاء بقانون المعاملات التجارية من جواز المعارضة في دفع قيمة الشيك لحامله عند ضياعه ( مادة 625 معاملات تجارية )؛ فتنص هذه المادة الأخيرة على أنه " 1- إذا ضاع شيك لحامله أو هلك جاز لمالكه أن يعارض لدى المسحوب عليه في الوفاء بقيمته .. " . ونرى أن هذا الحق في المعارضة يمتد في حالة فقد الشيك القابل للتظهير ،حيث إن القياس جائز في مواد الإباحة .
وعلى هذا فإن الأمر الصادر من الساحب إلى البنك بعدم صرف الشيك يعد استعمالا للحق الذي يقرره القانون( ). فالمادة 53 ع.أ . تنص على أنه " لا جريمة إذا وقع الفعل بنية سليمة استعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون، وفي نطاق هذا الحق " .
بناء عليه قُضي بنقض الحكم على سند من أن المتهم تمسك بأن الشيك محل الاتهام كان قد فُقد منه وقام بتبليغ البنك عنه وأن المستفيد ساومه على إرجاع الشيك نظير دفع مبلغ معين ولم تحقق المحكمة دفاعه( ).
وبالمثل فإنه يجوز في حالة إفلاس المستفيد أن يصدر الساحب أمرا بعدم الصرف له، سواء أُشهر إفلاسه بالفعل أو أُقيمت دعوى شهر الإفلاس( )، حماية لحق الدائنين وهو ما تقرره أحكام الإفلاس( ).
وحيث إن القياس جائز في مواد الإباحة فإن الرأي على قياس حالة سرقة الشيك حالة فقدانه أو تفليس المستفيد( ).وما يُقال عن السرقة والفقد يُقال أيضا عن التبديد إذا كان إعطاء الشيك على سبيل الأمانة( ). تطبيقا لذلك قضت محكمة تمييز دبي بأن السرقة البسيطة والسرقة بظروف والحصول على الورقة بالتهديد أو خيانة الأمانة وبطريق النصب يعتبر في حكم ضياع الشيك ( ).
ويتجه الفقه إلى اعتبار أن الأمر الصادر بعدم الصرف في حالة السرقة أو النصب أو خيانة الأمانة وسيلة لدفع الاعتداء الواقع على أمواله من باب الدفاع الشرعي. كما أن الأمر بعدم الصرف في حالة إفلاس المستفيد يُعد، وفقا لهذا الرأي، من قبيل الدفاع الشرعي عن حقوق الدائنين( ).
غير أننا لا نتفق مع هذا الرأي ونرى أنه في حالة السرقة لا يصدر من الفاعل نشاط أصلا لأنه لم يقم بوضع الشيك في التداول، فلا مجال للحديث عن الدفاع الشرعي وما يُقال عن السرقة يُقال أيضا عن خيانة الأمانة لأن المودع لديه هو الذي يضع الشيك في التداول. أما النصب فإن القول بتوافر الدفاع الشرعي غير مقبول للأسباب الآتية :
1 - إنه يلزم في الدفاع الشرعي أن يوجه الدفاع إلى مصدر الاعتداء، الأمر الذي لا يتوافر هنا. ذلك أن الأمر بعدم الصرف عندما يمثل جريمة يقع اعتداء على المصلحة العامة . إذن ففعل الساحب موجه إلى المصلحة العامة وليس إلى مصدر الاعتداء. فلا يجوز في الدفاع الشرعي أن يوجه المدافع دفاعه إلى مصدر آخر غير الذي صدر منه الاعتداء .
2 - إن جريمة النصب تتم باستيلاء الفاعل على الشيك بناء على الاحتيال. ومعنى ذلك أن الأمر بعدم الصرف لاحق على تمام الجريمة. والقاعدة تقضي بأنه لا يجوز الدفاع بعد انتهاء الجريمة.
3 - الدفاع الشرعي عن المال غير جائز في الجرائم المنصوص عليها في الباب العاشر من الكتاب الثالث وهو الذي يشتمل على جرائم النصب وخيانة الأمانة. فالمادة (56) ع.أ. تنص على شروط الدفاع الشرعي ومنها " ثانيا- أن يتعذر على المدافع الالتجاء إلى السلطات العامة لاتقاء الخطر في الوقت المناسب ". وبالتالي فإن استعمال الحق المقرر في القانون هو أساس الإباحة وليس الدفاع الشرعي خاصة وأن الدفاع – المتمثل في عدم صرف الشيك - موجه ضد المصلحة العامة وليس ضد فعل التاجر .
ولكن لا يجوز إصدار أمر بعدم الدفع بزعم أن المستفيد قد خان أمانة التوقيع على الشيك وملأ بيانات الشيك الذي سلم إليه على بياض باتفاق بينهما . ذلك أن هذا الادعاء يتطلب لإثبات صحته أن يفصل القضاء فيه بدعوى مستقلة( ) .
رابعا – تحرير الشيك أو توقيعه بطريقة تمنع صرفه :
يعتبر قانون العقوبات الاتحادي أن تغيير التوقيع بسوء نية من صور النشاط في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد، فتنص المادة (401) ع. أ على أنه " يعاقب بالحبس أو بالغرامة .... أو كان قد تعمد تحريره أو توقيعه بصورة تمنع من صرفه ". ومن الجلي أن الساحب لو تعمد أن يوقع بتوقيع غير مطابق لما هو مودع لدى البنك فإنه يكون قد وقعه بطريقة تمنع صرفه، ومن ثم فإنه يقع تحت طائلة التجريم .
وقد اعتبرت محكمة تمييز دبي أن هذه صورة من صور النشاط تتحقق عندما يضيف الساحب تاريخا آخر إلى تاريخ الإنشاء خلسة ودون علم المستفيد بقصد عدم صرفه، فالشيك عندئذ يفقد صفة الشيك، كما أن تدوين تاريخ لاحق يؤدى بالبنك إلى عدم صرفه بسبب عدم حلول تاريخ الاستحقاق( ). وتستلزم المحكمة لوقوع الجريمة أن يثبت في حق المتهم أنه قصد تحرير الشيك على هذا النحو خداعا للمستفيد منه والحيلولة بينه وبين صرف قيمته من البنك المسحوب عليه وأن يدلل الحكم على توافر هذا القصد بأسباب سائغة وكافية لاستخلاصه( ).
- حكم تظهير الشيك :
يجرم قانون العقوبات الاتحادي تظهير الشيك الذي صدر بدون رصيد مادام المستفيد كان يعلم وقت التظهير أنه بدون رصيد. فتنص المادة (410/2) عقوبات على أنه " ويعاقب بالعقوبة ذاتها من ظهر لغيره أو سلمه صكا لحامله وهو يعلم أن الصك ليس له مقابل قائم يفي بقيمته أو أنه غير قابل للسحب".
ويجب أن نتذكر أن جريمة قد تمت عند إعطاء الشيك للمستفيد وكان بدون رصيد، وفاعل هذه الجريمة هو معطي الشيك. وما التظهير إلاّ إحلال لشخص المظهر إليه محل المستفيد الأصلي. فلا يؤثر التظهير على أركان الجريمة . إلى هذا انتهت محكمة النقض المصرية ( ). فالمجني عليه وهو المظهر يتحول إلى متهم إذا لم يكن عالما بأن الشيك بدون رصيد عندما تلقاه، ففضل أن يتخلص منه بتظهيره للغير.
أما سلوك المستفيد الذي قد يعلم وقت تلقيه الشيك أنه بدون رصيد، بل قد يحرض الساحب على إصدارة، كما لو كان يسعى إلى الحصول على ضمانة لصفقة أبرمها مع الساحب (بائع سيارات مثلا) فقد فضل المشرع الفرنسي أن يحسم مشكلة قبول الشيك بدون رصيد مع علم المستفيد بأنه بدون رصيد، وذلك بنص خاص عندما جرّم قبول شيك بدون رصيد مع العلم بأنه كذلك ( مرسوم بقانون في 24مايوسنة 1938 ) ( ) .
وعلى أية حال فإن هذا لا يحول دون مساءلة المستفيد الذي يطلب من شخص أن يكتب له شيكا ليضمن الوفاء بالتزامه مع علمه بأن هذا الشخص ليس له حساب في البنك. فهذا الشخص الأول يُعد شريكا بالتحريض وفقا للقواعد العامة.
-الحدود الزمنية للالتزام بوجود رصيد :
إذا أعطى الساحب شيكا فإنه يلتزم بأن يكون للشيك رصيد كاف وقابل للسحب ويقع عليه هذا الالتزام حتى يتم صرف قيمة الشيك، ولكن إذا لم يتقدم المستفيد من الشيك إلى البنك طالبا الصرف مدة كبيرة من الزمن، هي يبقى الرصيد دائما، أم أن هناك فترة زمنية يلتزم خلالها الساحب بالإبقاء على الرصيد لتغطية الشيك ؟
تنص المادة (618) معاملات تجارية اتحادي على أن " الشيك المسحوب في الدولة أو خارجها والمستحق الوفاء يها يجب تقديمه للوفاء خلال ستة أشهر". ويُثار التساؤل عندئذ عن مدى التزام الساحب بالإبقاء على الرصيد بعد تلك المدة .
على هذه التساؤل أجابت المحكمة الاتحادية العليا بأن ميعاد الشهور الستة المنصوص عليها في المادة (618) من قانون المعاملات التجارية الاتحادي التي يتعين على المستفيد أن يتقدم خلالها لسحب الرصيد " لا يترتب عليه ( على هذا الميعاد ) فقدان الشيك لطبيعته كأداة وفاء تجري مجرى النقود، ويقتصر أثر انقضائه على مجرد حرمان المستفيد من التمسك بالدفوع التي قد تكون له قبل الساحب والقول بغير ذلك يقضي على وظيفة الشيك وتنحسر عنه الحماية المقررة للتعامل به "( ).وبالتالي فإن المحكمة الاتحادية تستلزم – بحق - أن يظل الرصيد قائما باستمرار بغض النظر عن قدرة المستفيد على سحبه أو لا. وقد رتبت المحكمة على ذلك خطأ الحكم الذي انتهى إلى عدم قيام الجريمة، اكتفاء منه بتوافر الرصيد وقت استحقاق الشيك فقط. ومن ثم فإن الحكم يخطئ إذا استند إلى أن " إفادة البنك المسحوب عليه كشفت أن رصيد الساحب في تاريخ استحقاق الشيك كان كافيا للوفاء بقيمة الشيك وأن عدم صرفه كان بسبب تأخر المستفيد من تقديمه خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة (618) من القانون سالف الذكر وخلص الحكم إلى عدم توافر أركان جريمة إعطاء شيك بدون رصيد دون أن يتحقق من وجود الرصيد وكفايته في تاريخ تقديم الشيك للصرف أو يبين الأثر القانوني للمادة (618) على قيام جريمة إعطاء شيك بدون رصيد، مما يصمه بالقصور فضلا عن مخالفة القانون ، الأمر الذي يتعين معه نقضه ".
كما قضت المحكمة الاتحادية بأنه " من المقرر أنه إذا تراخى المستفيد فلم يتقدم إلى البنك إلاّ بعد انقضاء ميعاد استحقاقه فإن هذا ليس بذي أثر على توافر أركان الجريمة لأن الشيك لا تزول صفته بقوات المواعيد، إذ مازال صالحا للتداول بين أشخاص يضعون فيه ثقتهم التي يتعين أن يحميها القانون ... مادام الشيك قد استوفى الشكل الذي تطلبه القانون لكي يجري مجرى النقود ويكون مستحق الأداء بمجرد الاطلاع عليه دائما "( ). وقد أرست محكمة تمييز دبي هذا المبدأ أيضا في العديد من أحكامها ( ).
وقد سبق أن أيدت محكمة النقض المصرية وجهة النظر هذه عندما حكمت بأن " عدم تقديم الشيك في هذا الميعاد لا يترتب عليه زوال صفته ولا يخول الساحب استرداد مقابل الوفاء وإنما يخوله فقط أن يثبت، كما تقول المادة 193 من القانون المذكور أن مقابل الوفاء موجود ولم يستعمله في منفعته"( ) .
وعلى هذا فإن الرصيد يصبح ملكا للمستفيد من وقت إعطاء الشيك حتى وإن لم يستطع صرفه لعدم تقديم الشيك في الميعاد، فإذا أصدر الساحب شيكا مستخدما نفس الرصيد، فإنه يرتكب جريمة إعطاء شيك بدون رصيد بالنسبة للشيك الثاني ( ) .
وبناء عليه فإن إفادة البنك بأن الشيك قديم لا تقطع بوقوع جريمة إعطاء شيك بدون رصيد ( )، بل يجب أن تتضمن الإفادة توافر حالة من الحالات التي تقع بها الجريمة ، مثل عدم وجود رصيد ، عدم كفايته ، وجود أمر من الساحب له بعدم الصرف ......
والمعروف أن مدة تقادم الدعوى في الجنح هي ثلاث سنوات. وهذا يسري على حالة إعطاء شيك بدون رصيد في وقت الإعطاء. أما في حالة إصدار أمر بعدم الدفع فإنها تبدأ من وقت إصدار هذا الأمر.

الفصل الثالث
الركن المعنوي
- شكل الركن المعنوي :
جريمة إصدار شيك بدون رصيد جريمة عمدية ومعنى ذلك أنها لا تقوم على مجرد الخطأ، بل يلزم توافر العلم والإرادة بخصوص النشاط والنتيجة.
وتُثار مشكلة قانونية حول طبيعة القصد الجنائي، هل هو قصد عام أو هو قصد خاص يتطلب بالإضافة إلى العلم وإرادة النشاط والنتيجة أن يكون المتهم قاصدا الإضرار بالمجني عليه وعدم دفع قيمة الشيك ؟ أو بمعنى آخر إذا حرر الساحب شيكا وهو يعلم أنه بدون رصيد كاف ولكنه كان يأمل أن يكمل هذا الرصيد قبل أن يذهب المستفيد إلى البنك لتحصيل الشيك، هل يتوافر القصد الجنائي وتقوم الجريمة رغم ذلك ؟ قد يبدو من صياغة المادة 401 ع.أ. " من أعطى بسوء نية صكا ( شيكا ) " أنها لا تنطبق على المثال السابق الذي كان فيه الساحب حسن النية يتوقع أن يصبح الرصيد كافيا .
غير أن تفسير أحكام القضاء لهذا التعبير " سوء نية " لم يتجه نفس الوجهة السابقة، ذلك أنها قضت بأن المقصود بسوء النية هو أن الساحب كان عالما بأن الشيك بدون رصيد كاف، وأن سوء النية مترادف في رأيها، لمجرد العلم( ). لذلك قضت المحكمة الاتحادية العليا بأنه" من المقرر أن سوء النية في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد يتوافر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق كما أن سحب مقابل الوفاء قبل تاريخ استحقاقه يتوافر به القصد الجنائي بمعناه العام في الجريمة المذكورة والذي يكفي فيه علم مصدر الشيك بأنه إنما يعطل دفع الشيك الذي سحبه من قبل ، ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دفعته إلى ذلك لأنها من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسئولية الجنائية( )، إذ لم يستلزم المشرع نية خاصة لوقوع هذه الجريمة"( ). وقد انضمت محكمة التمييز بدبي إلى نفس التفسير، مؤكدة أنه لا يلزم توافر قصد جنائي من نوع خاص لوقوع هذه الجريمة، وأن القصد الجنائي يتحقق بمجرد إعطاء الشيك مع العلم بأنه ليس له مقابل وفاء( ). كما نفت المحكمة عن إعطاء شيك بدون رصيد أن يكون صادرا بناء على حالة ضرورة استنادا إلى ضرورة تحرير الشيك للحصول على بعض السلع والخدمات لضمان الوفاء بالأقساط المستحقة للتجار والبنوك( ). فحالة الضرورة يلزم لتوافرها وجود شروط تحددها المادة (64) ع. أ. لا تتحقق في هذا الفرض، من أهمها وجود خطر على النفس أو المال وأن يكون الخطر جسيما ولا يكون لإرادة الفاعل دخل في حلوله .
بل أكثر من ذلك فإن المحاكم قضت بأن عدم وجود رصيد ينهض قرينة على سوء نية الساحب، أي على علمه بأن الشيك بدون رصيد( ). فقد قُضي بأنه إذا كان الجاني له معاملات كثيرة مع البنك وأن رصيده دائم التغيير بين الصعود والهبوط لا يدل على حسن نية الساحب إن هو أصدر شيكا وكان بدون رصيد كاف، إذ عليه أن يراقب تحركات رصيده وأن يظل محتفظا فيه بما يفي قيمة الشيك حتى يتم صرفه( ). كما قُضي بأنه لا يفيد المتهم أن يتمسك بحسن نيته وأنه كان ينوي تكملة الرصيد بيد أنه لم يتمكن من ذلك بسبب إشهار إفلاسه، إذ كان يتعين توفير الرصيد عند إعطاء الشيك( ).
فيكفي إذن العلم بعدم وجود رصيد كاف وقت إعطاء الشيك. ولا يشترط سوء النية، فلا يحول دون وقوع الجريمة أن يأمل المتهم تكملة الرصيد( ). ولا يلزم لقيام الجريمة توافر نية الإضرار أو الرغبة في تحقيق مكسب بدون وجه حق( ). تطبيقا لذلك قُضي بوقوع الجريمة حتى ولو أوفى الساحب بالدين الذي كان عليه للمستفيد ولكنه لم يسترد الشيك منه فتقدم المستفيد به، وكان الشيك بدون رصيد( ). ولا عبرة بالباعث إذا كان إعطاء الشيك على سبيل التأمين( ).
- افتراض العلم :
تتجه أحكام القضاء إلى افتراض علم الساحب بحالة الرصيد من حيث عدم كفايته، فقضت محكمة تمييز دبي بأن ركن سوء النية يتحقق بمجرد إعطاء الشيك دون التحقق من وجود الرصيد الكافي في تاريخ الإصدار( )، كما ذهبت إلى القول بأن العلم مفترض في حق الساحب وعليه متابعة حركات الرصيد لدى المسحوب عليه للاستيثاق من الوفاء حتى يتم صرفه( ). لذا قضت محكمة استئناف ابو ظبي بأن العلم يتوافر ولو كان المتهم يعتقد أن الرصيد سيتوافر بعد ذلك( ).
ومع ذلك فإن الأمر يتعلق بقرينة قضائية بسيطة، تسمح المحاكم بإثبات عكسها. في ذلك قضت المحكمة الاتحادية العليا بأنه " ولما كان علم الساحب في جريمة إصدار شيك بدون رصيد وإن كان مفترضا، إلاّ أن للمتهم أن يدفع ذلك بما ينفيه عنه حتى إذا ما أفلح في إثبات ما يدعيه من عدم العلم بعدم وجود رصيد قائم وقابل للسحب أو اعتقاده بوجود هذا الرصيد أو كان عدم كفايته راجعا لسبب خارج عن إرادته، تخلف ركن القصد الذي تقوم به الجريمة "( ). وقد رأت المحكمة – في حكمها السابق- أن السبب الخارج عن إرادة المتهم يتحقق في الحالة التي فيها كان البنك قد وعد المتهم بتقديم تسهيلات إلاّ أن الأخير خلف وعده وحجب عنه في غيابه للعلاج بالخارج هذه التسهيلات بصورة مباغتة ووجه الإيداعات المحصله من مشاريعه التي يقوم بها إلى دين شركته فيحرمه من السيولة التي تغطي قيمة الشيكات.
وبناء عليه فإن الأمر يتعلق بقرينة قضائية بسيطة على علم الساحب بعدم توافر الرصيد، تأكيدا لذلك قضت المحكمة الاتحادية العليا بقبول الدفع بعدم توافر العلم لدى الساحب إذا كان مديرا للشركة وقد أصدر شيكات بدون رصيد بسبب أن صاحب الشركة بدد أموال الشركة وتحركت ضده دعوى جزائية لهذا السبب ( ).
ولا يدل ما سبق على أن أحكام القضاء تقيم الركن المعنوي للجريمة على الخطأ غير العمدي بسب إهمال الساحب في معرفة مقدار ما له من رصيد، بل يمكن القول بأن المحكمة قد أقامت قرينة بسيطة على توافر القصد الجنائي وعلى الساحب أن يثبت العكس أنه التبس علية الأمر وأنه ظن بسبب كثرة المعاملات أن رصيده كان كافيا( ) .
فإذا أمكن إثبات أن الساحب وقع في خطأ مادي بأن اعتقد أن رصيده ما زال كافيا أو أنه غير محجوز عليه، فإن ذلك من شأنه أن ينفي القصد الجنائي. غير أنه لا يعد من قبيل حالة الضرورة أن يضطر التاجر إلى إعطاء شيكات بدون رصيد لتفادي إشهار إفلاسه .
وإذا توافر القصد الجنائي فإنه لا عبرة بعد ذلك بالبواعث والأسباب التي دعت ساحب الشيك إلى إصداره ( ).



الفصل الرابع
المسئولية عن إعطاء شيك بدون رصيد
- مدى تأثير الوفاء بقيمة الشيك على توافر الجريمة :
الأصل أنه إذا قام الساحب بدفع قيمة الشيك، فإن ذلك لا يحول دون توافر الجريمة مادام أنه لم يقم باسترداد الشيك من المستفيد وظل الشيك مطروحا بالتالي في التداول، وسواء أكان ذلك الوفاء قبل أم بعد ميعاد الاستحقاق، مادام أنه لم يسترد الشيك من المستفيد. إلى تلك النتيجة انتهت احكام المحكمة الاتحادية العليا ( ) وأحكام محكمة تمييز دبي ( ).
والمبدأ الذي تتبناه أحكام المحكمة الاتحادية العليا هو أن الوفاء بالشيك لا يحول دون وقوع الجريمة مادام أنه بدون رصيد ، وسواء أكان هذا الوفاء قبل أم بعد تاريخ الاستحقاق( ).
غير أن المادة (401) عقوبات المعدلة بالقانون الاتحادي رقم 34 لسنة 2005 قد نصت على أنه "وتنقضي الدعوى الجزائية إذا تمّ السداد أو التنازل بعد وقوع الجريمة وقبل الفلصل فيها بحكم بات وإذا حدث بعد صيرورة الحكم باتا يوقف تنفيذه". ومن المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد ليست من الجرائم التي تخضع لشكوى المجني عليه عن الدعوى الجزائية بخصوصها؛ فهي ليست ضمن الجرائم التي عددتها المادة (10) من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي( ).
غير أن أحكاما للمحكمة الاتحادية العليا تقيم التفرقة بين الوفاء بقيمة الشيك قبل ميعاد الاستحقاق وحالة ذلك الوفاء إذا تمّ بعد ميعاد الاستحقاق. في الحالة الأخيرة تكون الجريمة – وفقا لهذه الأحكام - قد وقعت، ذلك أن الشيك كان بدون رصيد عند استحقاقه ، أما في الحالة الأولى فإن الشيك يصبح غير ذي محل ، ويتحول المستفيد إلى أمين عليه حيث تغيرت يده عليه من يد مالك إلى يد أمين، مادام أنه التزم برد الشيك عند استلامه قيمته ( ).
ويمكن تفسير هذا القضاء بأن المحكمة اعتبرت المستفيد أمينا على الشيك مادام قد استلم قيمته وتعهد بإرجاعه إلى الساحب، فلا يصبح من حق المستفيد أن يقدمه إلى البنك .
- لحظة تمام الجريمة :
تقع جريمة إصدار شيك بدون رصيد عند إعطاء الشيك الذي لا يقابله رصيد كاف وقابل للسحب. وعلى هذا فإنها لا تقع بمجرد تحرير الشيك، حيث لا يعاقب على ذلك. فقانون العقوبات لا يعاقب على الشروع في هذه الجريمة. ويعتبر تاريخ الشيك هو التاريخ الذي أُعطي فيه وبالتالي فإن الجريمة تكون قد وقعت في تاريخ استحقاق الشيك( ). في ذلك تقول محكمة التمييز بدبي " إن جريمة إصدار الشيك بدون رصيد تفترض توافر أركان ثلاثة هي إصدار الشيك وإنعدام الرصيد والقصد الجنائي، فهي لا تتحقق إلاّ بالتاريخ الثابت في الشيك بغض النظر عن التاريخ الحقيقي لسحبه "( ).
وفي حالة ما إذا كان الشيك يقابله رصيد ، فإن الجريمة تقع في اللحظة التي يصدر فيها الأمر بعدم صرف الشيك .
وعلى هذا فإن الجريمة وإن كانت تتكشف عند التقدم إلى البنك للسحب حين يظهر أن الشيك بدون رصيد كاف وقابل للسحب، فإن الجريمة تكون قد وقعت قبل ذلك عند استحقاق الشيك أو إصدار الأمر بعدم السحب. فلا يؤثر في قيام الجريمة أن يقوم الساحب بتكملة الرصيد بحيث يصبح كافيا بعد إعطاء الشيك، وإن كان هذا الإجراء من الناحية العملية يحول دون الإبلاغ عن وقوع الجريمة، حيث لا مصلحة لصاحب الشأن الذي حصل على حقه، ولا للبنك الذي يريد المحافظة على عملائه .
تطبيقا لما سبق قضت محكمة استئناف أبو ظبي بأن الشيك تقوم به الجريمة إذا لم يكن له رصيد وقت استحقاقه ولو كان له رصيد وقت تقديمه للصرف ( ).
وعلى ذلك فإن التقادم يبدأ من وقت استحقاق هذا الشيك والذي ظهر فيه انعدام الرصيد.ولما كانت الجريمة جنحة، فإن تقادم الدعوى يتم بمرور ثلاث سنوات من التاريخ المدون بالشيك. تطبيقا لذلك قضت محكمة تمييز دبي بأن التقادم يبدأ احتسابه من وقت تسليم الشيك إلى المستفيد حالة كونه بدون رصيد( ).
- مكان وقوع الجريمة وتحديد المحكمة المختصة :
أما من ناحية مكان وقوع الجريمة فإنه يتحدد بالمكان الذي يتم فيه إعطاء الشيك وليس بالمكان الذي يتواجد فيه البنك أو المصرف المسحوب عليه. وعلى ذلك فإنه إذا أعطى شخص شيكا في السعودية وكان مسحوبا على بنك في الشارقة، فإن الجريمة تقع في السعودية وليس في الشارقة، مع أن المستفيد لم يعلم بأن الشيك بدون رصيد إلاّ من خلال اللحظة التي تقدم فيها إلى البنك في الشارقة واكتشف فيها عدم وجود رصيد كاف .
أما إذا أرسل الساحب الشيك في خطاب من السعودية إلى المستفيد الذي يقطن الشارقة ، فإن الجريمة تقع في الشارقة وليس في السعودية، ذلك أن النشاط المعاقب عليه - وهو الإعطاء - لم يتم إلاّ عند وصول الخطاب إلى المستفيد.
وقد أدلت المحكمة الاتحادية برأيها في المحكمة المختصة في جرائم الشيك فارتأت أنها محكمة النشاط وهو إعطاء الشيك ، فتقول المحكمة " إن المادة 142 من قانون الإجراءات الجزائية تنص على أنه " يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة " وكان من المقرر أن مكان وقوع جريمة إعطاء شيك بدون رصيد هو المكان الذي حصل تسليم الشيك فيه للمستفيد ....ومن ثم فإن الاختصاص ينعقد لمحاكم أبو ظبي مكان تسليم الشيك "( ).
وبناء عليه فإن مكان تسليم الشيك إلى المستفيد هو المكان الذي يتحدد فيه مكان وقوع الجريمة، ولو امتدت آثار الجريمة إلى أماكن أخرى وذلك بتداول هذا الشيك عن طريق عمليات التظهير، مادام مظهر الشيك حسن النية ولم تقدمه النيابة العامة باعتباره متهما في الجريمة، وذلك على ما قضت به – بحق – المحكمة الاتحادية العليا، مفرقة بين مكان وقوع الجريمة ومكان تواجد آثارها( ). كما أكدت محكمة تمييز دبي على هذا المبدأ في قضائها( ).
ولمكان وقوع الجريمة أهمية قصوى من ناحية تحديد القانون الذي ينطبق على الواقعة. فإذا وقعت الجريمة في السعودية كما في الحالة الأولى، فإن القانون الإماراتي لا ينطبق إلاّ بالشروط التي تتطلبها قاعدة الشخصية الإيجابية وهي أن يكون الساحب إماراتيا وأن يعود إلى الإمارات وأن تكون الواقعة معاقبا عليها في مكان وقوع الجريمة ( وهو هنا السعودية ) وأن يعاقب عليها القانون الإماراتي أيضا. هذا بالإضافة إلى أنه لا يجوز إقامة الدعوى الجنائية عن الجرائم التي تقع في خارج الإمارات إلا من النائب العام ( مادة 23عقوبات)( ) .
- مسئولية الشخص المعنوي عن إعطاء شيك بدون رصيد :
يسمح قانون العقوبات الاتحادي بالمسئولية الجزائية للشخص المعنوي؛ فتنص المادة( 65 عقوبات ) على أن " الأشخاص الاعتبارية فيما عدا مصالح الحكومة ودوائرها الرسمية والهيئات والمؤسسات العامة مسئولة جنائيا عن الجرائم التي يرتكبها ممثلوها أو مديروها أو وكلاؤها لحسابها أو باسمها ".
تطبيقا لذلك قضت محكمة تمييز دبي بأنه " لما كانت المادة 65 من قانون العقوبات الاتحادي التي تقرر مسئولية الأشخاص الاعتبارية جنائيا عن الجرائم التي يرتكبها ممثلوها أو مديروها لحسابها أو باسمها قد أوردت في فقرتها الثانية أن ذلك لا يمنع من معاقبة مرتكب الجريمة شخصيا بالعقوبات المقررة لها في القانون مما مفاده أن مسئولية مرتكب الجريمة الممثل للشخص المعنوي تقوم ويعاقب بالعقوبات المقررة لها قانونا إلى جانب مسئولية الشخص المعنوي جنائيا عن هذه الجريمة " ( ).
-الدفع بقوة الشيء المقضي به في الشيك :
إذا أصدر المتهم عدة شيكات لنفس الشخص ولسبب واحد أي لتسوية صفقة واحدة، فإنه لا يجوز محاكمة المتهم عدة مرات أي لا يجوز اعتبار إصدار كل شيك جريمة منفصلة بذاتها والحكم على المتهم بعقوبة منفصلة عنه. ولذا فإنه إذا تمت محاكمة المتهم عن إحدى هذه الشيكات فإن الدفع بقوة الشيء المقضي به يصبح مقبولا. ويستند ذلك إلى أن إصدار عدة شيكات لشخص واحد عن صفقة واحدة يشكل جريمة واحدة من نوع الجريمة المتعددة مثلها في ذلك مثل من يضرب المجني عليه عدة ضربات. ويمكن اعتبار كل جريمة منفصلة بذاتها وأنها مرتبطة بالأخرى ارتباطا لا يقبل التجزئة ومن ثم نصل إلى نفس النتيجة التي انتهينا إليها من قبول الدفع بقوة الشيء المقضي به. ونحن نميل إلى الرأي الأول، وإن كانت المحكمة الاتحادية العليا( ) ومحكمة تمييز دبي( ) تميل إلى الرأي الثاني، على الرغم من أن المحكمة الاتحادية العليا تتحدث عن التتابع في النشاط الإجرامي في بعض من أحكامها في الحالة السابقة( ).
وعلى أيه حال فإنه إذا ثبت أن الشيكات قد صدرت في تواريخ مختلفة ولأسباب مختلفة فإن كل شيك يشكل جريمة منفصلة يجب محاكمة المتهم ومعاقبته عنها، كما أن الدعوى الجزائية لا تنقضي بصدور حكم نهائي في أي منها( ). أما إذا ثبت للمحكمة أن الشيكات على تعدد المستفيد منها قد صدرت لصفقة واحدة ( أي لسبب واحد ) فإنها تعتبر أن الأمر يتعلق بجريمة واحدة رغم محاولة أحد الأطراف أن يلقي في روع المحكمة وقوع أكثر من جريمة حتى يشدد مسئولية الساحب( ).
- عقوبة جريمة إعطاء شيك بدون رصيد :
تنص المادة 401/1 ع.أ. على عقوبة الحبس أو الغرامة لجريمة إعطاء شيك بدون رصيد بنصها على أنه " يُعاقب بالحبس أو بالغرامة من أعطى بسوء نية صكا ... " . وبناء عليه قضت المحكمة الاتحادية العليا بنقض الحكم الاستئنافي الذي قضى بالحبس والغرامة على المتهم، وكانت النيابة العامة قد طعنت في الحكم الابتدائي الذي قضى بمعاقبة المتهم بالغرامة ، فقضت محكمة الاستئناف بعقوبة الحبس بالإضافة إلى الغرامة، وكان من واجبها أن تقضي بالحبس أو بالغرامة لصراحة النص ( ).
- الادعاء المدني عن إعطاء شيك بدون رصيد :
القاعدة أن من حق المستفيد من البنك أن يدعي مدنيا أمام القضاء الجنائي عن الضرر المباشر الذي لحقه من جرّاء إعطائه شيكا بدون رصيد، فيطالب بقيمة الضرر المباشر وليس بقيمة الشيك نفسه، لأن هذه الأخيرة ترتبط بسبب الدين وليس بالجريمة بالضرورة( ). ومن نفس المنطق فإنه قُضي بأن المظهر إليه ليس مضرورا مباشرا من الجريمة لأن تلك الجريمة قد وقعت قبل أن يتم التظهير( ).
ومع ذلك فإن قانون المعاملات التجارية الاتحادي يجيز – استثناء من القاعدة السابقة – أن يطالب المستفيد بقيمة الشيك من المحكمة الجزائية التي تحاكم المتهم عن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد، فضلا عن التعويض عن الأضرار التي لحقت به من جرّاء عدم صرف الشيك. فتنص المادة (644) معاملات تجارية على أنه " إذا أُقيمت على الساحب دعوى جزائية بإحدى جرائم الشيك المنصوص عليها في قانون العقوبات جاز لحامل الشيك الذي ادعى بالحق المدني أن يطلب من المحكمة أن تقضي له بمبلغ يعادل قيمة الشيك أو القدر غير المدفوع من قيمته فضلا عن التعويض عند الاقتضاء ". تطبيقا لذلك قضت محكمة تمييز دبي بأن سلطة المحكمة الجزائية في الحكم بقيمة الشيك غير المدفوعة لا يسلب سلطتها في التخلي عن الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة إذا رأت أن الفصل في هذا الطلب يستلزم تحقيقا لا يتسع له وقت المحكمة( ).
غير أنه إذا اختار المدعي المدني الطريق المدني للمطالبة بقيمة الشيك والتعويض عن الأضرار التي لحقت به من جراء عدم صرف الشيك ، فإنه يفقد اختياره للطريق الجزائي ، وتصبح المحكمة الجزائية غير مختصة بنظر الدعوى المدنية، ذلك أن اختصاصها بنظر تلك الدعوى اختصاص استئنائي. لذا قُضي بأنه لا يجوز للمحكمة الجزائية أن تتصدى للفصل في الشق المدني في الدعوى الجزائية المطروحة عليها في جريمة الشيك بينما تنظر المحكمة المدنية نزاعا جديا حول قيمة ذلك الشيك ( ).
وإذا كانت القاعدة تقضي بأن الاشتراك يقع بالتحريض أو الاتفاق أو المساعدة، فإن المشكلة تُثار بالنسبة للمستفيد الذي طلب من الساحب أن يحرر شيكا مع علمه أن رصيده لا يكفي ، وذلك بغرض ضمان حقه في الوفاء.
يتعين أولا التفرقة بين أن يطلب المستفيد من الساحب تحرير الشيك وأن يقبل الشيك دون طلب منه مع علمه في الحالتين بأن الشيك بدون رصيد. ففي الحالة الأولى يقوم المستفيد بتحريض على ارتكاب الجريمة. أما في الحالة الثانية فلا يقوم بهذا التحريض الذي وقعت الجريمة بناء عليه. فالمستفيد لا يسأل جنائيا إلاّ إذا اندرج سلوكه تحت وصف الاتفاق ، وهو ما يتحقق به الاشتراك( ). ويمكن تصور الاتفاق في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد عندما يقترح الساحب أن يحرر للمستفيد شيكا، ويقبل المستفيد ذلك مع علمه بأن الساحب ليس له رصيد قائم وكاف وقابل للصرف. وقد أقام القانون الفرنسي من قبول الشيك مع العلم بأنه من غير رصيد جريمة بنص خاص. وقد تضمن قانون التجارة الجديد في مصر نصا على تجريم خاص في هذه الحالة رقم 17 لسنة 1999 ( مادة 534).
وبناء عليه فإن الادعاء بالحق المدني من المستفيد لا يكون مقبولا، سواء بالنسبة للدعوى الجنائية أو الدعوى المدنية إذا تم تحرير الشيك بدون رصيد بناء على طلب من المستفيد الذي يعلم بأن الشيك ليس له رصيد .
ومع ذلك فإن علم المستفيد بعدم وجود رصيد ليس من شأنه أن يدرأ الاتهام عن الساحب الذي يعطي شيكا بدون رصيد ( ).

- الجرائم الملحقه بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد :
تضمن قانون المعاملات التجارية بعض صور لجرائم تتعلق بقبول الشيك أوردتها المادة ( 641)، وتتمثل في التالي :
- جريمة التصريح عمدا وعلى خلاف الحقيقة بعدم وجود مقابل وفاء للشيك أو بوجود مقابل وفاء أقل من قيمته .
- جريمة الرفض بسوء نيه وفاء شيك مسحوب على مصرف وله مقابل وفاء لحامل لم تقدم بشأنه معارضة صحيحة.
- الامتناع عن وضع البيان المشار إليه في المادة ( 632) معاملات تجارية. وتعالج المادة السابقة وضع بيان امتناع البنك عن الوفاء بالشيك لعدم وجود الرصيد أو عدم كفايته .
وقد قررت المادة ( 641) معاملات عقوبة الحبس أو الغرامة لكل من ارتكب فعلا من الأفعال السابقة.


الباب الخامس
جريمة خيانة الأمانة
جريمة خيانة الأمانة من جرائم الأموال. فلا محل في هذه الجريمة للحديث عن الأمانة إذا كانت تتعلق بالمحافظة على سر من الأسرار. فجريمة خيانة الأمانة لا تقع إلاّ على مال منقول مملوك للغير .
- تعريف خيانة الأمانة :
خيانة الأمانة هي اختلاس أو تبديد أو استعمال أموال منقولة من شخص تسلمها على سبيل الأمانة بمقتضى عقد من عقود الأمانة : الوديعة، الوكالة ، الرهن ، الإيجار ، العارية .
- التمييز بين خيانة الأمانة والسرقة :
جرائم الأموال التقليدية هي السرقة والنصب وخيانة الأمانة وتختلف خيانة الأمانة عن السرقة في التالي :
1 - الشرط المسبق للجريمة :
يتسلم المجني عليه المنقول تسليما ناقلا للحيازة الناقصة دون غلط أو تدليس وقع فيه. هذا على خلاف الحال في السرقة حيث لا يتسلم الفاعل المنقول بل يستولي عليه لنفسه دون رضاء صاحبه.
2 - لحظة تمام الجريمة :
تقع الجريمة ناقصة في السرقة عند خروج المنقول من حيازة صاحبه قبل أن يستقر في حيازة الفاعل. وبالتالي فإن الشروع في السرقة متصور. أما بالنسبة لخيانة الأمانة، فإن الجريمة تقع تامة بتغيير نية الحائز، فيعتبر نفسه مالكا للمنقول، بينما كان ينبغي عليه وهو الأمين على المنقول أن يحوزه بالنيابة عن صاحبه. وبناء عليه فإن الشروع غير متصور في خيانة الأمانة.
أما أوجه التشابه بين خيانة الأمانة والسرقة فتكمن في التالي :
1 - كلاهما جريمتان من جرائم الأموال
2 - كلاهما يرد على مال منقول مملوك للغير .
- المصلحة محل الحماية :
يحمي المشرع بالتجريم هنا مصلحتين : الأولى : هي الحق في الملكية، الثانية : هي الثقة. ومن مظاهر الاعتداء على الحق في الملكية أن الجريمة لا تقع إلاّ بالظهور على الشيء بمظهر المالك في صورة اختلاس أو تبديد أو استعمال. ومن مظاهر الاعتداء على الثقة أن الجريمة لا تقع إلاّ من أمين على المنقولات تسلمها بمقتضى عقد من العقود الخمسة التي تتضمن هذه الثقة : الوديعة ، العارية ، الإيجار ، الرهن ، الوكالة .


الفصل الأول
الشروط المسبقة ( المفترضة ) في
جريمة خيانة الأمانة

يلزم توافر شرطين مسبقين على وقوع الجريمة، هما : 1 - أن يتسلم الفاعل منقولا ، 2- أن يكون التسليم بمقتضى عقد من عقود الأمانة الخمسة التي حددها القانون .

المبحث الأول
المال المنقول المملوك للغير
لا ترد خيانة الأمانة إلاّ على مال منقول. فلا ترد على العقارات. وبالتالي لا تقوم الجريمة إذا سمح شخص لأحد أقاربه أو أصدقائه بالإقامة بصفة مؤقتة في شقة خالية لديه، فإذا هو يستقر فيها ويدعي أنه مالك لها. فهذا النوع من النزاع يدخل في إطار القانون المدني. كما لا ينطبق وصف خيانة الأمانة إذا طلب مزارع من آخر أن يزرع أرضه مؤقتا حتى يعود من الخارج ، فإذا به يحتفظ بهذه الأرض ويدعي أنه مالك لها.
ولا تجد خيانة الأمانة تطبيقا لها في مجال الأسرار. فإذا أؤتمن شخص على سر من الاسرار العائلية أو العاطفية مثلا ، فأفشاه ، فإنه لا يرتكب خيانة الأمانة ، لأن الأسرار ليست من الأشياء المنقولة. ولكن الطبيب أو الصيدلي أو القابلة أو المحامي الذي يطلع أثناء عمله على سر من أسرار مرضاه أو موكليه وقام بإفشائه فإنه يرتكب جريمة إفشاء الأسرار وليس جريمة خيانة الأمانة ( مادة 379 ع. أ. )( ).
وإذا كان المال منقولا أي له قيمة ولو كانت تلك القيمة قليلة عند مالكه، فإن تجريم خيانة الأمانة يسري رغم ذلك. فقد قُضي بوقوع الجريمة بتبديد عقد مزور، لأن لهذا العقد قيمة عند صاحبه ( ) .
وقد أثيرت مشكلة قانونية حول المعلومات والأفلام، هل تعد من المنقولات في حكم هذا التجريم أو لا ؟ فقد حكم القضاء الفرنسي بأن نسخ أشرطة فيلم من الأمين عليها يمثل خيانة أمانة وإن لم يتعد فعل الجاني هذا النقل إلى الاستيلاء على الأشرطة الأصلية( ). ولا شك أن قضاء النقض الفرنسي قد استلهم نظرية الظهور على الشيء بمظهر المالك ولو كان ذلك بصفة مؤقتة. فاعتبر هذا القضاء أن الفعل قد ورد على الأشرطة الأصلية ذاتها في شكل الظهور عليها بمظهر المالك ولو كان ذلك بصفة مؤقتة.
وإذا كان المال منقولا، فيجب أن يكون مملوكا للغير يستوي بعد ذلك أن يكون هذا الغير هو الذي سلمه المال على سبيل الأمانة أو شخص آخر .
فإذا كان المال مملوكا لنفس شخص الأمين، فلا تقع خيانة الأمانة وإن أمكن أن يقع التجريم الوارد بالمادة 406/2 ع. أ. " يعاقب بالعقوبة ذاتها( المقررة لخيانة الأمانة ) المالك المعين حارسا على منقولاته المحجوز عليها قضائيا أو إداريا إذا اختلس شيئا منها "( ). فهذا التجريم ينطبق بصريح النص على المالك المعين حارسا. ومع ذلك فإن القضاء يجري على تطبيقه على المالك الذي يتسلم ماله من الحارس( ). كما أن القضاء يتوسع في مفهوم الاختلاس في جريمة تبديد المحجوزات بحيث يشمل كل فعل يرمي إلى عرقلة التنفيذ اعتداء على أوامر السلطة العامة. فلا يقتصر تعبير الاختلاس على كل فعل يحول بمقتضاه الفاعل وهو المالك ، دون تنفيذ الحجز، بل يشمل كل فعل يعرقل به تنفيذ الحجز أو يؤجله.

المبحث الثاني
التسلم على سبيل الأمانة

يلزم لقيام الجريمة أن يكون المتهم قد تسلم المال على سبيل الأمانة، بشكل مسبق على قيامه بالركن المادي في الجريمة.

المطلب الأول
التسلم الناقل للحيازة الناقصة
لا تقوم خيانة الأمانة إذا لم يتسلم الفاعل المنقول قبل فعل التبديد. ويلزم في هذا التسليم أن يكون ناقلا للحيازة الناقصة؛ فلا يكفي التسليم الناقل لليد العارضة. هذا النوع الأخير من التسليم يسمح بالقول بتوافر جريمة السرقة وليس خيانة الأمانة. ويمكن التمييز بين التسليم الناقل للحيازة الناقصة وذلك الذي لا ينقل سوى اليد العارضة في أن صاحب الشيء عندما يسمح لمن تسلمه منه أن يستقل بحيازة هذا الشيء ( أي أن يبعد عن مكان تواجد صاحب الشيء ) فإنه ينقل له الحيازة الناقصة. أما إذا لم يكن يسمح له بذلك واقتصر في موافقته على أن يبقى مستلم الشيء تحت سمعه وبصره للاطلاع عليه أو معاينته، فإن ذلك يدل على أنه لم ينقل له إلاّ اليد العارضة.
تطبيقا لذلك قضت محكمة تمييز دبي بأن جريمة خيانة الأمانة وجريمة السرقة يختلفان من حيث حيازة الجاني للمال محل الجريمة قبل ارتكابها( ).
فلا تقوم الجريمة من سائق السيارة الأجرة غير الأمين الذي لا يرد إيراد السيارة كاملة إلى مالكها، لأنه لم يتسلم هذا الإيراد من المالك. وبالمثل لا تقوم خيانة الأمانة من مستأجر الأرض الزراعية الذي يتصرف في المحصولا ت على خلاف اتفاقه مع المالك. كما لا تقوم الجريمة لعدم التسليم من الخفير على مخزن إذا لم يعطه المالك مفتاح هذا المخزن. فإذا أخذ شيئا من المخزن فهو سارق عندئذ وليس خائنا الأمانة، لأنه لم يتسلم المخزن، واقتصر عمله على الحراسة الخارجية له. كما أن خيانة الأمانة لا تقوم إذا كان المنقول شيئا نسيه صاحبه داخل منقول آخر قام بتسلمه على سبيل الحيازة الكاملة أو الحيازة الناقصة، كمن نسي شيئا أو مبلغا من النقود داخل بدلة سلمها للكواء. هذا وإن كان هناك رأي في الفقه يذهب إلى اعتبار الأشياء المفقودة وديعة قانونية ومن ثم يرتكب خيانة الأمانة من لم يقم بردها. غير أن التشريع المصري قد نظم جريمة عدم رد الأشياء المفقودة بنص خاص باعتبارها من الجرائم الملحقة بالسرقة .
ولا يلزم في التسليم أن يتخذ شكل المناولة المادية للشيء المنقول، بل يمكن أن يكون التسليم حكميا ، كما في حالة تغيير يد الشخص على الشيء. فمن يشتري سلعة من تاجر ولكنه لا يتسلمها منه ويتركها وديعة لديه يجعل البائع أمينا على المنقول( ). كما ترى محكمة تمييز دبي أن جريمة خيانة الأمانة لا يشترط فيها تسلم الجاني للمال – محل الاتهام – تسلما ماديا وأنه يكفي إدخاله في حيازته وتحت سيطرته بقيده في حسابه( ).
ويستوي أن يصدر التسليم من مالك المنقول أو ممن له حيازة ناقصة عليه( ). فيجوز للأمين أن يسلم المنقول على وجه الأمانة لشخص آخر وتقوم الجريمة من الأمين الثاني إضرارا بالمالك وبالأمين الأول إذا اختلسه لنفسه أو بدده. تطبيقا لذلك قضت محكمة تمييز دبي بأنه لا يشترط حصول التسليم من ذات المجني عليه ( ).

المطلب الثاني
حدوث التسليم على سبيل الأمانة
يلزم لوقوع خيانة الأمانة أن يكون تسليم المنقول على وجه الأمانة، سواء أكان ذلك بمقتضى عقد من عقودها، أو كانت الأمانة مستندة إلى حكم القانون أو حكم القضاء . فإذا انتفى شرط التسليم كان الاختلاس مشكلا لجريمة السرقة وليس لجريمة خيانة الأمانة ( ).
وقد عددت المادة (404) ع. أ. عقود الأمانة بأنها : الوديعة ، العارية، الإيجار ، الوكالة ، الرهن. هذا على خلاف الحال بالنسبة للموظف العام الذي يختلس الأموال الأميرية. فلا يلزم لقيام جريمة اختلاس الأموال الأميرية التي في حيازة الموظف والتي هو عليها أمين ، أن يوجد عقد من هذه العقود، ذلك أن مركزه تنظيمي وليس تعاقدي في علاقته بالجهة التابع لها. هذا على خلاف الحال بالنسبة للعاملين بالقطاع الخاص أو في علاقة الأفراد بعضهم ببعض. ذلك أن مجال وقوع جريمة خيانة الأمانة هو إذن علاقة القانون الخاص وليس لها مجال في نطاق الوظيفة العامة.
ولا يلزم أن يكون العقد صريحا، فقد يكون ضمنيا. وبناء عليه فقد قُضي بأن رب العمل الذي يقتطع جزءا من أجور العاملين بالشركة ولكنه يستولي على المبلغ يعد وكيلا عنهم وتنسب إليه خيانة الأمانة، حتى ولو لم يحادثهم صراحة عن ذلك الاستقطاع ( ) .

الفرع الأول
التسليم بمقتضى عقد
من عقود الأمانة
عددت المادة (404) ع.أ. عقود الأمانة بأنها الوديعة ، الإجارة ، الرهن، عارية الاستعمال، الوكالة .

أولا - تعداد عقود الأمانة :
جاء تعداد عقود الأمانة على سبيل الحصر ( )، فقد عددتها المادة (404) ع. أ. في خمس عقود على الوجه التالي :
1- الوديعة :
تعرف المادة 962 من قانون المعاملات المدنية عقد الإيداع بأنه " عقد يخول به المودع شخصا آخر حفظ ماله ويلتزم هذا الشخص بحفظ هذا المال ورده عينا ". وعلى هذا فإن أهم ما يميز عقد الوديعة هو أمران :
الأول : التزام المودع لديه بالمحافظة على الشيء ، الثاني هو التزامه بالرد عينا، أي برد ذات الشيء وليس رد قيمته. كما لو أودع شخص لدى آخر كتابا، فإن المودع لديه يلتزم بأن يرد ذات الكتاب. فلا يكون مقبولا من هذا الأخير أن يبيعه وأن يرد ثمنه إلى صاحبه.
والمنقول المودع لدى آخر بصفة أمانة أي مع التزامه بالرد عينا، هو محل للحماية الجنائية، إذا ما تصرف فيه المودع لديه بشكل يخل بالأمانة على ما سبين لاحقا.
تطبيقا لذلك قضت محكمة استئناف دبي بوقوع خيانة الأمانة من المتهم وهو رب العمل الذي رفض تسليم المجني عليه جواز سفره والذي تسلمه على سبيل الوديعة لحفظه ورده إليه عند انتهاء عمله( ). كما قُضي بوقوع خيانة الأمانة على أساس الوديعة إذا طلب المتهم إلى المجني عليه أثناء سيرهما معا في الطريق أن يسلمه السوارين اللذين معه مخافة أن يسقطا منه، فأجابه إلى طلبه. ولما وصل إلى محطة السكك الحديدية أخبره المتهم أنه يريد التكلم بالتليفون، فاطمأن إليه وتركه يدخل بمفرده وانتظر هو خارجها. ولكن المتهم فرّ بالسوارين( ). غير أننا نرى أن المتهم هنا لم يكن له إلاّ يد عارضة على السوارين لأن المجني عليه لم يسمح له بالذهاب بهما، أي أن تكون له حيازة ناقصة عليها. لذا نرى أن الأدق هو وصف الواقعة على أنها جريمة سرقة وليس خيانة أمانة.
وتحديد طبيعة العلاقة العقدية بين صاحب المنقول والطرف الثاني أمر موكول إلى قاضي الموضوع تحت رقابة محكمة النقض. ففي حالة عقد البيع تحت شرط واقف ( شرط التجربة أو دفع الثمن مثلا ) يجعل ملكية المنقول تنتقل إلى المشتري معلقة على هذا الشرط، ومن ثم لا تقع جريمة خيانة الأمانة في حالة الاستيلاء عليه ( ). كما لا تقع جريمة السرقة إذا استرد البائع المنقول بعد تحقق الشرط الفاسخ إذا كان انتقال الملكية معلقا على شرط فاسخ وتحقق هذا الشرط ( ). وعلى العكس من ذلك فإنه عند تحقق هذا الشرط يصبح المنقول وديعة لدى المشتري من المتعين عليه رده.
ومحل الوديعة إذا كان شيئا عينيا، لا يثير مشكلة قانونية. والمعروف أن الأشياء العينية قد تكون قيمية أو مثلية. وقد عرفت المادة 99/1 من قانون المعاملات المدنية الأشياء المثلية بقولها : " الأشياء المثلية هي ما تماثلت آحادها أو أجزاؤها أو تقاربت بحيث يمكن أن يقوم بعضها مقام بعض بلا فرق يعتد به في التعامل بالعدد أو القياس أو الكيل أو الوزن ". وعرفت المادة 99/2 الأشياء القيمية بقولها " القيمية ما تتفاوت أفرادها في الصفات أو القيمة تفاوتا يعتد به أو يندر وجود أفرادها في التداول ". ومن أمثلة الأشياء القيمية التي لا يقوم بعضها مقام البعض عند الوفاء : الحيوانات. ومن الأمثلة على الأشياء المثلية أثاث المنزل. فعلى حين لا يقبل حيوان مكان آخر إذا توافرت فيه نفس المواصفات، فإن الأثاث لا يختلف من نفس النوع وبالتالي تقوم وحداته مقام بعضها في الوفاء.
تطبيقا لذلك قُضي بأن جهاز الزوجة أمانة لأنه وديعة لدى الزوج دون أن ينفي ذلك الاتفاق على رد قيمة الشيء إذا فقد ، لأن النص على أن الرد يكون عينا مادام الشيء موجودا يجعل الأمر يتعلق بوديعة. وما رد الثمن إلاّ جزاء مدني يجوز الجمع بينه وبين الجزاء الجنائي( ) .
أما إذا كان محل الوديعة نقودا، فإن المودع لديه يلتزم برد مبلغ مماثل للذي تسلمه. فإذا تسلم شخص هذه النقود بصفة أمانة مع التزامه بالرد عند الطلب، فإنه يلتزم برد مبلغ مماثل وإلاّ كان مرتكبا لخيانة الأمانة. ويلزم في حالة النقود أن ينص وصل الأمانة على التزام الأمين برد المبلغ عند الطلب وليس رد ذلك المبلغ في تاريخ معين، لأن ذلك يمكن أن يفتح الطريق لادعاء المودع لديه أن الأمر كان يتعلق بقرض وليس بوديعة ( وصل أمانة )، لأن المحكمة هي التي تقوم بتكييف العقد ولا يكتفى بالوصف الذي أسبغه الطرفان عليه.
والوديعة ثلاثة أنواع ، فهي إما وديعة اتفاقية أي بمقتضى اتفاق الطرفين أو وديعة قضائية بمقتضى حكم قضائي كما في حالة الحراسة القضائية على الأموال أو وديعة قانونية يفرضها القانون مباشرة دون حاجة إلى اتفاق أو حكم قضائي. ومن أمثلة هذا النوع من الوديعة المال المودع لدى المورث والذي بعد وفاته يصبح وديعة قانونية لدى الوارث فيلتزم بالمحافظة عليه ورده.
2– عارية الاستعمال ( الإعارة) :
أوردت المادة 404 ع. أ. عقد العارية بين عقود الأمانة الخمسة. والمقصود بالعارية (الإعارة ) هنا هي عارية الاستعمال وليس عارية الاستهلاك التي يقصد من إعارة الشيء فيها استهلاكه مثل عقد القرض. فالنقود تنفق وهذا هو الغرض من عقد القرض، وبالتالي فإن عقد القرض ليس من عقود الأمانة. لذا قضت محكمة تمييز دبي بأن جريمة خيانة الأمانة لا تقوم إذا كان تسليم المال لاستهلاكه من جانب المتهم، عندئذ لا تكون العلاقة في هذه الحالة علاقة مستأمن وأمين( ). كما قضت المحكمة الاتحادية العليا أيضا بأن تسلم المال على سبيل القرض على أن يسدد المقترض لذوي المقرض في بلده بعملة هذا البلد وعدم سداده كله أو بعضه ليس من عقود الأمانة التي تنص عليها المادة 404 عقوبات اتحادي( ).
وتعرّف المادة 849 من قانون المعاملات المدنية الاتحادي عقد الإعارة ( العارية ) بقولها " الإعارة تمليك الغير منفعة شيء بغير عوض لمدة معينة أو لغرض معين على أن يرده بعد الاستعمال والعارية هي الشيء الذي ملكت منفعته ).
وعلى هذا فإن عقد العارية لا يختلف عن عقد الوديعة إلاّ في حق المستعير في استعمال الشيء الذي يتسلمه ويجمعهما التزام المستعير بالمحافظة على الشيء ورده إلى صاحبه .
3- الوكالة :
تحمي المادة ( 404) ع. أ. المنقولات التي يتسلمها الوكيل من موكله بقولها " متى كان قد سُلم إليه على وجه .... أو الوكالة .. وفي تطبيق هذا النص يعتبر في حكم الوكيل الشريك على المال المشترك والفضولي على مال صاحب الشأن ومن تسلم شيئا لاستعماله في أمر معين لمنفعة صاحبه أو غيره".
وقد عرّفت المادة 924 معاملات مدنية عقد الوكالة بقولها " الوكالة عقد يقيم الموكل بمقتضاه شخصا آخر مقام نفسه في تصرف جائز معلوم". ومقتضى عقد الوكالة أن يقوم الوكيل بعمل قانوني لحساب الموكل. وبهذا لا يكون الشخص وكيلا إلاّ إذا كُلف بعمل بشكل يجعله يحوز المنقول حيازة مستقلة عن وجود الموكل . فإذا كلف سيد خادمه بنقل حقائب تحت سمعه وبصره ، فإنه لا يكون له إلاّ يد عارضة ولا حيازة له عندئذ .
ولا تشترط المادة (925) معاملات مدنية أن تكون الوكالة بأجر أو أن تكون بدون أجر( ). تطببقا لذلك قُضي بوقوع خيانة الأمانة استنادا إلى توافر الوكالة ممن تسلم أموالا لتوصيلها من شخص إلى آخر، دون اشتراط أن تكون الوكالة بأجر( ).
وتقوم الجريمة باختلاس أو تبديد منقولات سلمت من الموكل إلى الوكيل أو سلمت من الغير إلى الوكيل لحساب الموكل. فالتسليم لا يكون فقط من الموكل، بل يكون أيضا من الغير إلى الفاعل بوصفه وكيلا. ومن ثم لا يشترط أن يقع الفعل إضرارا بالموكل ، بل يمكن أن يقع إضرارا بالغير، كما لو سلم المنقول من الموكل إلى الوكيل لتسلمه إلى الغير. ويلاحظ في هذه الحالة أن الفعل يقع إضرارا بالموكل أيضا لأنه يتعرض لدعوى المسئولية بالرجوع عليه من جانب الغير.
والغرض من عقاب الوكيل بوصفه خائنا للأمانة هو حماية المنقولات التي سلمت إليه. وعلى هذا فإن التسليم شرط مسبق في الجريمة. فإذا أساء الوكيل التصرف وباع الشيء المسلم إليه بأقل من ثمن المثل أو اشترى للموكل بأزيد من ثمن المثل، فإن مسلكه لا يسري عليه وصف خيانة الأمانة. كما قُضي بأن خروج الوكيل عن حدود وكالته بأن كان مكلفا بالبيع فلم يقم بذلك وقام برهن الشيء ، فإن ذلك لا يعد في صحيح القانون تبديدا( ).
ويلاحظ في مقارنة المادة 404 ع. أ. بالمادة 924 معاملات مدنية بشأن تعريف الوكالة أن الوكالة في القانون المدني لا تكون إلاّ في التصرفات القانونية كمن يوكل غيره في إبرام عقد بيع أو شراء أو إيجار أو رهن أو غيره من العقود . فتنص المادة (924) معاملات مدنية على أن " الوكالة عقد يقيم الموكل بمقتضاه شخصا آخر مقام نفسه في تصرف جائز معلوم ".
أما المادة 404 ع. أ. فقد تحدثت عن المنقولات التي سلمت إلى الوكيل بقولها " في تطبيق هذا النص يعتبر في حكم الوكيل ... ومن تسلم شيئا لاستعماله في أمر معين لمنفعة صاحبه أو غيره ". وعلى هذا فإن اصطلاح الوكالة ينطبق أيضا على القيام بعمل مادي " لاستعماله في امر معين لمنفعة صاحبه أو غيره " ، بالإضافة إلى الوكالة التي موضوعها إجراء تصرف قانوني الوارد في تعبير " في تصرف جائز معلوم " وفقا لقانون المعامات المعاملات المدنية ( مادة 924) .
فالوكالة تمتد لتشمل الأعمال المادية التي يُكلف الوكيل بالقيام بها والتي محلها منقولات تخص الغير. فالترزي يُعد أمينا على ما يتلقاه من قماش لتفصيله والكواء أمين على ما يقع تحت يده من منقولات يعهد بها أصاحبها إليه. وكذلك الأمر بالنسبة للنجار والساعاتي وغيرهم من الحرفيين .
واستنادا إلى نفس المفهوم قضت محكمة التمييز بدبي بتوافر جريمة خيانة الأمانة من المحصل للنقود بالنسبة للنقود التي يقوم بتحصيلها، مستبعدا وصف السرقة في هذه الحالة ( )، ذلك أنه يلتزم بالحفاظ عليها وتوصيلها إلى أصحابها.
وقد حسم قانون العقوبات الاتحادي مسألة عقد الشركة بنصه في الفقرة الثانية من المادة 404 عقوبات اتحادي باعتبار عقد الشركة متضمنا عقد الوكالة ومن ثم ينتمي إلى عقود الامانة بقولها " وفي تطبيق هذا النص يعتبر في حكم الوكيل الشريك على المال المشترك والفضولي على مال صاحب الشأن..".
وقد جاءت صياعة قانون العقوبات الاتحادي في اعتبار أن عقد الشركة يتضمن عقدا للوكالة تكريسا لما انتهت إليه احكام القضاء في مصر وفي فرنسا من أنه إذا اختلس الشريك منقولا مملوكا للشركة فإنه يرتكب جريمة خيانة الأمانة، ذلك أنه تسلم المال بوصفه وكيلا عن باقي الشركاء( ). كما قًَضي بأن الجريمة تقع من الشريك الذي تسلم مبلغا من شريكة ليشتري به منقولات، فلم يفعل ذلك ولم يرد المبلغ إلى صاحبه عند الطلب( ) .
فالشركة شخص معنوي مستقل له ذمة مالية مستقلة عن المدير. وبالتالي فهذا الأخير يصبح مسئولا بوصفه خائنا للأمانة، حتى ولو كان يمتلك غالبية رأس المال إذا قام بتبديد أو اختلاس مال من أموالها، ومن ذلك إنفاقه في مصالح شخصية( ) .
والأصل أن تنتهي الوكالة بوفاة الموكل أو الوكيل نظرا للطابع الشخصي لهذا العقد. غير أن الأموال التي أصبحت في حوزة ورثة الوكيل تعتبر وديعة قانونية لديهم، وعلى ذلك تُنسب إليهم خيانة الأمانة عند اختلاسهم أو تبديدهم لها مع علمهم بذلك. أما في حالة عدم توافر هذا العلم، فإن القصد الجنائي ينتفي في حقهم( ). ويلاحظ أن الوكالة إذا انتهت بوفاة الموكل مع علم الوكيل، فإن هذا الأخير يصبح ملتزما برد منقولات الموكل إلى الورثة، لأنها تصبح وديعة لديه.
ولا تعتبر الفضالة من قبيل الوكالة، ومع ذلك فإن قانون العقوبات الاتحادي قد حسم خلافا كان يُثار بخصوصها، حيث صرحت المادة (404) ع. أ. باعتبار الفضولي في حكم الوكيل وبالتالي فإنه مخاطب باحكام خيانة الأمانة بقولها " وفي تطبيق هذا النص يعتبر في حكم الوكيل ... والفضولي على مال صاحب الشأن " . ذلك أنه في غياب نص صريح بذلك في القانون المصري كان يتجه رأي في الفقه إلى القول بوجود نيابة قانونية عن صاحب الشأن، وهو ما أخذ به قانون العقوبات الاتحادي. وبالتالي فإن هناك محلا لوقوع جريمة خيانة الأمانة( ).
4- الإيجار :
عرفت المادة (742) من قانون المعاملات المدنية عقد الإيجار بقولها " الايجار تمليك المؤجر للمستأجر منفعة مقصودة من الشيء المؤجر لمدة معينة لقاء أجر معلوم ". وإذا كانت المادة (404) ع. أ. لم تحدد المقصود بالإيجار فإن في ذلك إحالة إلى القانون المدني على الوجه الذي حددته المادة ( 742) معاملات مدنية. وبناء عليه فإنه يلزم أن يكون العقد بمقابل وإلاّ أصبح الأمر متعلقا بعارية استعمال وليس بإيجار.
والجدير بالذكر أن العلة من تجريم خيانة الأمانة هنا لا تتوافر بمجرد إخلال المستأجر بالتزاماته. فعدم دفع المستأجر للأجرة لا يشكل جريمة، والأمر عندئذ لا يخرج عن نطاق القانون المدني ويمكن أن يرتب جزاءات مثل حق المؤجر في طلب فسخ العقد والحجز على ممتلكات المستأجر لتقاضي الأجرة. أما ما يحميه قانون العقوبات فهو تبديد المستأجر لمنقولات سُلمت إليه بصفته هذه.
وجدير بالذكر أن جريمة خيانة الأمانة يمكن أن تقع في حالة إيجار العقارات إذا فصل المستأجر جزءا من العقار لكي يستولي عليه. كما أن الجريمة تقع من باب أولى في حالة تبديد أثاث شقة مفروشة من جانب المستأجر. ويستند ذلك إلى أن مفهوم المنقول في جرائم الاموال مفهوم واحد، لا يختلف بين السرقة والنصب وخيانة الأمانة.
وإذا كان القانون يعاقب المستأجر فلأنه يلتزم برد المنقولات التي سُلمت إليه بوصف الأمانة. ولا يؤثر في قيام هذا الالتزام أن ينص في عقد الإيجار على أن المستأجر ملتزم بدفع ثمن المنقولات والتلفيات عند تسليم الشقة المفروسة بعد انتهاء عقد الإيجار( ). كما لا يؤثر في ذلك أن يدفع تأمينا لضمان هذه المنقولات والتلفيات التي تلحقها( ).
وعن تحديد لحظة وقوع الجريمة يثور التساؤل: هل تقع عند انتهاء عقد الإيجار وبالتالي عندما تحق المطالبة بالمنقولات أم في أي وقت يصدر فيه النشاط ؟ إلى الرأي الأول انتهت أحكام القضاء على أساس أن سوء النية يتحقق عندئذ وليس قبل ذلك ( ) . بيد أن رأيا في الفقه ينتقد ذلك مستندا إلى أن انتهاء العقد قرينة على وقوع الجريمة التي وقعت بالفعل قبل ذلك والتي يمكن إثباتها بكافة طرق الإثبات( ).
وتثار بعض الصعوبات القانونية حول تكييف العلاقة التعاقدية : هل هي بيع أم إيجار ، كما في حالة البيع المعلق على شرط واقف والبيع المعلق على شرط فاسخ والإيجار المقترن بوعد بالبيع ، وهو ما سندرسه عند معالجة الصعوبات التي تُثار عند تكييف العقد .
5- الرهن :
المقصود بالرهن هنا هو الرهن الحيازي الذي يسمح للدائن المرتهن بالحصول على منقول خاص بمدينه، يحتفظ به حتى يوفي بدينه فيرد هذا المنقول إلى مدينه. وهذا الالتزام برد منقول هو الذي أراد قانون العقوبات أن يضمنه. فلا يجوز للدائن المرتهن التصرف في الشيء المرهون إلاّ بإذن القاضي( 1479 معاملات مدنية ). وقد عرفت المادة ( 1448) الرهن الحيازي بقولها " الرهن الحيازي عقد ينشيء الحق في احتباس مال في يد الدائن أو يد عدل ضمانا لحق يمكن استيفاؤه منه كله أو بعضه بالتقدم على سائر الدائنين". من هذا يتضح أن جريمة خيانة الأمانة لا تنطبق على الرهن الرسمي الذي يرد على عقار، فالعقار لا تنتقل حيازته إلى الدائن. تطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بوقوع خيانة الأمانة من أحد الأشخاص اعتاد أن يقدم للغير قروضا بضمان مصوغات زوجاتهم، عندما قام هذا الدائن برهن هذه المصوغات من الباطن ليحصل على قرض من شخص آخر. وفي ذلك قالت المحكمة أن التصرف في الشيء المنقول برهنه رهن حيازة لا يكون إلاّ من مالكه " (¬ ) . أما إذا قام الدائن المرتهن ببيع المنقول فإنه يرتكب جريمة النصب بطريق التصرف في ملك الغير بالإضافة إلى جريمة خيانة الأمانة ، بينهما تعدد معنوي للجرائم.
وإذا كان المالك الذي رهن أحد منقولاته لدى دائنه لا يفقد الملكية بهذا الرهن ، فإن هو قام باختلاسه، فإنه لا يعد سارقا. لهذا أفرد المشرع نصا خاصا لتجريم سلوك المالك في هذه الحالة، وإلاّ أصبح الرهن الحيازي بلا فاعلية قانونية. وفي ذلك تنص المادة (406) ع.أ. على أنه " يعاقب بالعقوبة المقررة في المادة السابقة ( خيانة الأمانة ) كل من اختلس أو شرع في اختلاس منقول كان قد رهنه ضمانا لدينه عليه أو على آخر ".
ثانيا- خصائص عقود الأمانة :
تتمثل خصائص عقود الأمانة كشرط مسبق في جريمة خيانة الأمانة في التالي :
1 – تتضمن هذه العقود الالتزام بالرد .
2 – هذه العقود محددة على سبيل الحصر إعمالا لمبدأ الشرعية .
3 – في تكييف العقد، العبرة بطبيعة العلاقة التعاقدية وليس بالوصف الذي يضيفه الطرفان,
4 – عقود الأمانة لها ذاتية في القانون الجنائي عن القانون المدني .
1 – تضمن هذه العقود الالتزام بالرد :
يجمع عقود الأمانة الخمسة السابق ذكرها أنها تشتمل على التزامين يقعان على عاتق الأمين : الأول ، الالتزام بالمحافظة على المنقول، والثاني، الالتزام بالرد . فلا يسمح للأمين بمقتضى الالتزام الأول أن يستهلك المنقول وإلاّ لكان الأمر عارية استهلاك أو عقد قرض وليس عقد من عقود الأمانة. ومن نفس المنطق يتعين التمييز في خصوص عقد الوكالة( أو المقاولة ) بين ما يتقاضاه المتعاقد بصفة مقدم عن عمل سيقوم به وبين ما تحصل عليه ليقوم بإبرام صفقة معينة أو شراء أمر معين. فإذا كان عاملا لتصليح التليفون، فإن ما يتقاضاه لشراء قطع غيار للجهاز يكون بصفة أمانة. أما ما يتقاضاه كمقدم أجرة يستحقها، فإن خيانة الأمانة لا تقوم بعدم رده حتى ولو لم يقم بالعمل المطلوب .
فالالتزام بالرد يقوم إزاء ما يحوزه الأمين حيازة مؤقتة. أما ما تلقاه الأمين بشكل ناقل للحيازة الكاملة، فلا تقوم به خيانة الأمانة، لأنه لا يقوم بشأنه أي التزام بالرد .
2 – العقود محددة أعمالا لمبدأ الشرعية :
يقضي مبدأ الشرعية بضرورة الالتزام بالنص في حالة التجريم والتشديد، وهو ما يترتب عليه أيضا عدم جواز التوسع في تفسير القواعد التجريمية أو القياس عليها .
غير أنه يلاحظ أن نص التجريم قد يحدد حالات معينة تقع تحت طائلة التجريم دون غيرها. وهنا يثار التساؤل : هل جاء هذا التعداد على سبيل الحصر أم إنه على سبيل المثال ؟
فإذا استعمل المشرع تعبير " أو غيرها " أو ظهر من علة النص أو من الأعمال التحضيرية أن هذا التعداد جاء على سبيل المثال، فإنه لا يلزم التقيد بالتعداد الوارد في النص.
أما إذا كان هذا التعداد على سبيل الحصر بأن قصد المشرع حصر حالات التجريم في تلك التي وردت في النص، فإن هذا يفيد ضرورة استبعاد التجريم في غير الحالات التي وردت في النص. وهذا هو الحال بالنسبة لأنواع العقود الواردة في نص المادة ( 404) متى كانت هذه الأشياء المذكورة قد سُلمت إليه على وجه الوديعة أو الإجارة أو على سبيل عارية الاستعمال أو الرهن أو الوكالة ( ).
ويترتب على أن عقود الأمانة جاءت على سبيل الحصر وليس على سبيل المثال النتائج الآتية :
(أ) من ناحية وقوع الجريمة :
لا تقع الجريمة إذا تسلم المتهم منقولا سلم إليه بمقتضى عقد لم يرد ذكره في النص. ومن ذلك أن يقترض مبلغا من آخر ولا يرده في موعده، فلا يرتكب في هذه الحالة جريمة خيانة الأمانة. فعقد القرض ليس من بين العقود الخمسة، كما أن استهلاك المشتري للشيء المبيع قبل دفع الثمن لا يمثل الجريمة المذكورة آنفا.
(ب) من ناحية تسبيب الأحكام :
تلتزم المحكمة عند تسبيبها للحكم بالإدانة أن تثبت أن المال قد تم تسليمه بمقتضى عقد من عقود الأمانة الواردة بالمادة 404 ع. أ. وإلاّ كان حكمها مشوبا بالقصور في التسبيب ويستوجب النقض .
3- العبرة بحقيقة الواقع في تكييف العقد :
المعول عليه في تحديد طبيعة العقد هو حقيقة الواقع وليس بالوصف الذي يضفيه الطرفان على التعاقد( ). فإذا كان العقد صوريا يخفي به الطرفان عقدا حقيقيا آخر، فإن قاعدة اشتراط ورقة الضد، وفقا لقواعد القانون المدني يتعين إعمالها، إلاّ إذا كانت الصورية بقصد الغش أو التحايل على القانون( ).
على ذلك فالمتعاقد يستطيع إثبات الصورية التي قصد بها التحايل على أحكام القانون الجنائي للاستفادة منها في أحوال غير تلك التي أوردتها المادة 404 ع. أ. . بالإضافة إلى ذلك فإن المحكمة من سلطتها تفسير إرادة المتعاقدين من خلال حقيقة الواقع وليس الوصف الذي أضفاه المتعاقدان على تلك الرابطة.
فالمحكمة هي المنوط بها تكييف العقد إذا اتضح من حكمها أن العقد من العقود المنصوص عليها قانونا( ). وبناء عليه فإن خطأ محكمة الموضوع في تكييف العقد لا يستوجب النقض طالما أن العقد من عقود الأمانة . فالقول بأن العقد وكالة بينما هو وديعة لا يستوجب نقض الحكم( ).
وإذا علق المتعاقدان الملكية على شرط واقف أو على شرط فاسخ في عقد البيع، فذلك لا يمنع من اعتباره بيعا وهو ما لا يدخل ضمن عقود الأمانة. وإذا اتفق المتعاقدان على تسمية العقد إيجارا يتحول عند تمام دفع الأقساط إلى بيع، فإن المحكمة إن اعتبرته بيعا كان حكمها صحيحا، وما أسماه الطرفان أجرة شهرية ما هو إلاّ أقساط محسوبة من الثمن كالبيع الإيجاري. إذن فإن الأمر يتعلق ببيع مؤجل الثمن وليس بإيجار.وبهذا فإن المحكمة تحول دون أن يستخدم الطرفان تلك الحيلة القانونية لوضع المشتري تحت التهديد حتى دفع الثمن كاملا( ).
أما في حالة الإيجار المقترن بوعد بالبيع عند انتهاء مدة الإيجار بحيث يترك للمستأجر الحق في الاستمرار في الإيجار أو شراء المنقول ، فإن الأقرب هو اعتبارها علاقة إيجارية . وبالتالي فإن عدم رد المستأجر للمنقول يشكل خيانة الأمانة( ).
ومن نفس المنطلق فإنه إذا صاغ الطرفان عقد القرض في صورة عقد وديعة لتهديد المدين وإجباره على الوفاء، فإن المحكمة من سلطتها أن تستبين العقد الحقيقي. وهو عقد القرض ولا تحكم بخيانة الأمانة، بل تقضي بحقيقة الواقع( ).
وإذا ثبت للمحكمة أن المبلغ المدون به الوصل إنما كان ضمانا لتعاملات معينة بين الطرفين – كأن تكون معاملات تجارية – فإن المحكمة تستخلص من ذلك عدم توافر عنصر التسليم على وجه الإمانة ومن ثم انتفاء الشرط المفترض في الجريمة ( ).
4 – ذاتية عقود الأمانة في القانون الجنائي :
إذا كان وجود عقود الأمانة شرطا مسبقا للجريمة، فإنها بهذه الصفة تنتمي إلى القانون المدني لأن هذا الأخير هو الذي يقرر نظامها القانوني. ومعنى ذلك أنه وإن كان الأمر يتعلق بالتجريم، إلاّ أن الشرط المسبق يتبع في الأصل النظام القانوني الذي ينتمي إليه، وهو هنا القانون المدني، ويطرح السؤال نفسه: هل معنى ذلك أن قانون العقوبات يحيل إلى القانون المدني كلية ، بحيث يمكن القول بان هناك تبعية لعقود الأمانة على القانون المدني ؟
أما ما نقصده بذاتية القانون الجنائي هو استقلاله واختلافه عن القوانين الأخرى وإن كان يحمي أنظمة هي في الأصل مدنية، وهي عقود الأمانة. ويرجع السبب في هذا الاختلاف إلى أن المصالح التي يحميها القانون الجنائي تختلف أحيانا عن تلك التي يحميها القانون المدني. فهل مؤدى ذلك وجود اختلاف في مفهوم هذه العقود في القانون الجنائي عن تلك التي يعرفها القانون المدني ؟
وبالنظر إلى المادة (404 ) ع. أ. وإلى تفسيرات القضاء لعقود الأمانة الواردة بها يتضح أن الأمر ليس هو بالتبعية الكاملة للقانون المدني ، فلا يمكن القول إن قانون العقوبات يحيل كلية وجزئيا إلى القانون المدني . كما أن المدقق سرعان ما يلاحظ أن الأمر أيضا ليس بذاتية كاملة لمفهوم هذه العقود ينفرد بها قانون العقوبات . ومن هنا جاء التردد بين ذاتية هذه العقود في قانون العقوبات وتبعيتها للقانون المدني .
أوجه التبعية :
من أوجه تبعية عقود الأمانة للقانون المدني :
1 – القانون المدني هو القانون الواجب التطبيق حتى أمام القاضي الجنائي فيما يتعلق بالشروط المفترضة والتي تنتمي إلى القانون المدني ويجب على القاضي الجنائي أن يفصل فيها قبل الحكم بالإدانة.
وعلى هذا فإن القانون المدني هو المرجع في تعريف كل عقد من عقود الأمانة وتحديد شروطه، طالما لم يضع النص الجنائي تنظيما خاصا بأي من هذه العقود.
2 – تخضع هذه العقود لقواعد القانون المدني حيث يتقيد القاضي الجنائي بقواعد الإثبات المعمول بها في هذا القانون. ومع ذلك فإن السلطة التقديرية للقاضي الجنائي لا تختفي بالنسبة لبعض العناصر المتصلة بالعقود على ما سيلي،
3 - تقيد القاضي الجنائي بقواعد الإثبات المدني ،
يقوم القاضي الجنائي بتطبيق هذه القواعد دون وقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة المدنية. ومن القواعد المدنية في الإثبات أنه لا يجوز إثبات ما تزيد قيمته على 5000 درهم وفقا للمادة (35) من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية التي تنص على أنه " في غير المواد التجارية إذا كان التصرف تزيد قيمته على 5000 درهم أو كانت غير محدد القيمة فلا تجوز شهادة الشهود في إثبات وجوده أو انقضائه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك". كما أن قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي ينص في المادة (152) منه على أن " تتبع المحاكم الجزائية في المسائل غير الجزائية التي تفصل فيها تبعا للدعوى الجنائية طر ق الإثبات المقررة في القانون الخاص بتلك المسائل ".
والدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة فيما يزيد عن النصاب ليس من الدفوع المتعلقة بالنظام العام، فللمتهم أن يتمسك به، فإن لم يتمسك به فإن المحكمة لا تثيره من تلقاء نفسها ، وإن تمسك به كان على المحكمة أن تتعرض لهذا الدفاع إيرادا وردا ، ذلك أنه من الدفوع الجوهرية( ).
غير أنه يجوز الإثبات بالبينة، وفقا لقواعد الإثبات المدنية لما تزيد قيمته على 5000 درهم عند قيام مانع أدبي أو مانع مادي من الحصول على السند، استنادا إلى المادة ( 37) من قانون الإثبات الاتحادي التي تنص على أنه " يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة في الأحوال الآتية : ... – إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي ". وقد قُضي بأنه إذا سلمت امرأة مصوغاتها لخالتها عند إقامتها بمنزلها ولشقاق بينها وبين زوجها خوفا عليها من الضياع، جاز إثبات ذلك بالبينة( ). وقُضي بتوافر المانع المادي إذا سلم شخص إلى آخر مالا أثناء رحلة كانا يقومان بها ، خوفا من اللصوص ، وبالتالي أجازت المحكمة إثبات العقد بالبينة( ). ومن أمثلة المانع المادي ما يُسمى بالوديعة الاضطرارية كالتسليم من صاحب المنقول المصاب في حادثة وتسليم المعطف أو الحقيبة في المطاعم والفنادق. وتقدير توافر المانع المادي أو الأدبي أمر متروك لسلطة المحكمة التقديرية( ). فإذا قدرت المحكمة أن علاقة القربى هي التي منعت أحدهما من أن يأخذ سندا على الآخر، فلا معقب عليها في ذلك( ).
ويجوز توجيه اليمين المتممة إلى المتهم ( مادة 62 من قانون الإثبات الاتحادي ) لتكملة مبدأ ثبوت بالكتابة. ولا يصطدم ذلك بقاعدة عدم جواز توجيه اليمين أمام القضاء الجنائي، لأن الأمر لا يتعلق باركان الجريمة( ).
ولا يعتبر استلزام الكتابة في الإثبات قاعدة تتعلق بالنظام العام. بل إن القضاء يعتبرها مقررة لمصلحة الخصوم( ). وتؤكد المادة (35) إثبات اتحادي ذلك بقولها " ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك ". ومؤدى ذلك أنه إذا تمسك المتهم بعدم جواز الإثبات بالبينة، كان ذلك دفعا جوهريا يتعين على المحكمة أن تتعرض له بالإجابة( ). أما إذا توانى المتهم عن التمسك بها عند سماع الشهود لإثبات عقد الأمانة، فإن ذلك يُعد تنازلا من جانبه عن التمسك بهذا الدفع( ) .
- مظاهر لسلطة القاضي الجنائي في إثبات العقود على الرغم من القيود السابقة الواردة عليها:
بالإضافة إلى حرية القاضي الجنائي في تفسير العقد وتوخي طبيعة الواقع وعدم الالتزام بالوصف الذي أضفاه المتعاقدان على العقد ، فإن القاضي يتمتع بالسلطة التقديرية في مجال الإثبات .
من تلك الحالات التي يتمتع فيها القاضي الجنائي بتلك السلطة أنه يسمح بالإثبات بالبينة في حالة الصورية إذا تبين له أن هناك غشا أو تحايلا على القانون ، وهو ما يحدث كثيرا عندما يرمي أحد المتعاقدين إلى الاستفادة من الحماية الجنائية في علاقة تعاقدية غير التي حددتها المادة 404 ع. أ .
بالإضافة إلى ذلك يجوز إثبات العقد باعتراف المتهم إذا اطمأنت المحكمة إليه( ). وللمحكمة أن تهدر اعتراف المتهم متى كان ذلك مخالفا للحقيقة( ) .
ويلاحظ أخيرا أن الالتزام بقواعد الإثبات المدني لا يكون إلاّ في حالة الحكم بالإدانة. أما في حالة الحكم بالبراءة ، فإن هذه القاعدة لا يكون لها محل( ) .
كما أن قواعد الإثبات تقتصر على وجود العقد. أما فيما يتعلق بواقعة الاختلاس، فهي واقعة مادية تخضع لقواعد الإثبات الجنائي من حيث حرية القاضي الجنائي في الإثبات( ).تطبيقا لذلك قضت محكمة تمييز دبي بأن ثبوت توافر الاختلاس أو نفيه ورد الشيء محل عقد الأمانة إلى صاحبة لا تتقيد فيه المحكمة بقواعد الإثبات المدنية رجوعا إلى الأصل العام وهو مبدأ حرية القاضي في الاقتناع " ( ).
- أوجه الذاتية :
لا تخلو عقود الأمانة من احتواء بعض مظاهر تبرز ذاتية القانون الجنائي عندما يحمي أنظمة غير قانونية، على الرغم من أن هذه العقود عقود مدنية، إلاّ أن مفهومها في خصوص التجريم يظهر بعض التنوع في خصائصها التي يعرفها القانون المدني ، كالآتي :
1 – إذا كان أحد هذه العقود باطلا وفقا لأحكام القانون المدني، فإنه يظل رغم ذلك منتجا لآثاره الجنائية من حيث انطباق وصف التجريم على تبديد منقولات سلمت إلى المتهم بناء على عقد باطل من عقود الأمانة. تطبيقا لذلك قُضي بأنه إذا أرادت امرأة أن تتخذ منزلا للدعارة السرية، ولعلمها بأن مالكها لا يقبل التأجير لهذا الغرض لجأت إلى شخص وكاشفته بحقيقة أمرها ليستأجر المسكن باسمه تتخذه هي لتنفيذ غرضها ودفعت له مبلغا من المال على ذمة الأجرة، فلم يستأجر المسكن واختلس المبلغ لنفسه. فهذا الفعل يشكل جريمة خيانة الأمانة وذلك رغم بطلان عقد الوكالة الذي بموجبه تم تسليم المال من المجني عليه( ).
2- لا تتقيد المحكمة الجزائية بقواعد الإثبات المدني في مجال عقود الأمانة في حكمها الصادر بالبراءة، بذلك قضت – بحق – محكمة تمييز دبي( ). ذلك أن قوعد الإثبات المدني لا يجب أن تجرد المحكمة الجزائية من سلطتها التقديرية في الاقتناع أو عدم الاقتناع بأدلة الثبوت. لذلك قضت محكمة تمييز دبي بأن العبرة في العقد هي بحقيقة الواقع وأنه لا تصح إدانة المتهم بجريمة خيانة الأمانة إلاّ إذا اقتنع القاضي بأنه تسلم المال بعقد من عقود الأمانة الواردة على سبيل الحصر في المادة 404 وأن العبرة في ثبوت قيام عقد من هذه العقود عند توقيع العقاب هي بحقيقة الواقع بحيث لا يصح تأثيم إنسان ولو بناء على إقراره الكتابي متى كان ذلك مخالفا للحقيقة( ).

الفرع الثاني
الأمانة خارج العقود الخمسة
التقليدية
أفصحت المادة (404) ع. أ. عن أنه لا يلزم توافر عقد من العقود الخمسة التقليدية سابقة الذكر، أو أنه مادام أن ظاهر الحال أن هناك التزاما قانونيا بالمحافظة على الشيء وتسليمه إلى صاحبه. فتنص الفقرة الثانية من المادة السابقة على أنه " وفي تطبيق هذا النص يعتبر في حكم الوكيل الشريك على المال المشترك والفضولي عى مال صاحب الشأن ومن تسلم شيئا لاستعماله في أمر معين لمنفعة صاحبه أو غيره".
أولا – الأمين خارج العقود الخمسة التقليدية :
أوردت المادة السابقة طوائف ثلاث جعلها المشرع بصريح النص من الأمناء على ما تحت أيديهم من أموال الغير . هذه الطوائف هي :
- طوائف أمينة بحكم علاقة تعاقدية
- طوائف أمينة خارج العلاقة التعاقدية :
وهذه الطائفة الأخيرة تضم :
- الملتزمين بالأمانة بحكم القانون
- الملتزمين بالأمانة بحكم القضاء

1- الملتزمون بالأمانة وفقا لعلاقة تعاقدية :
وتضم تلك الطائفة الشركاء والمقاولين :
(أ) الشريك :
يعتبر الشريك أمينا على ما تحت يده من أموال شركائه. وقد أفصحت عن ذلك المادة (404) ع. أ. بقولها " الوكيل الشريك على المال المشترك ". وبالتالي فإنه يلزم أن يكون المتهم قد تسلم مالا خاصا بالشركة من شريكه، بل يكفي أن يتواجد تحت يده بسبب علاقة الشراكة كأن يتسلمه من شخص يتعامل مع تلك الشركة. تطبيقا لذلك قضت محكمة تمييز دبي بأن حيازة الشريك لمال الشركة أو الشركاء فيها شأنه – في نطاق تطبيق جريمة خيانة الأمانة – شأن حيازة الوكيل لأموال موكله حيازة ناقصة( ).
ولا يلزم لقيام الأمانة هنا أن يتعلق الأمر بشركة مشهرة، بل يكفي أن تتوافر علاقة الشراكة بين المتهم والمجني عليه .
(ب ) المقاول :
تخاطب المادة (404/2) ع. أ. المقاول بأحكام خيانة الأمانة بقولها :
" ومن تسلم شيئا لاستعماله في أمر معين لمنفعة صاحبه أو غيره ". فمن تسلم المنقول من صاحبه لكي يقوم بعمل معين خصصه له صاحب الشأن، فإنه يصبح أمينا ومن ثم يُخاطب بأحكام خيانة الأمانة .
وقد عرفت المادة (872) معاملات مدنية عقد المقاولة بقولها " المقاولة عقد يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه بأن يصنع شيئا أو يؤدي عملا لقاء بذل يتعهد به الطرف الآخر ".
تطبيقا لذلك قضت المحكمة الاتحادية بأن المشرع " استهدف بالفقرة الثانية من هذه المادة مواجهة بعض الحالات التي لا يرتبط فيها المتهم والمجني عليه بعقد من عقود الأمانة آنفة البيان، وتقوم بينهما رغم ذلك علاقة قانونية تفرض على المتهم التزامات إزاء المجني عليه تماثل تلك التي تتولد عن لاعقد الأمانة .."( ). وقد رتبت المحكمة على ذلك أن من تسلم ماكينة من صاحبها لإصلاحها فإنه يخاطب بأحكام خيانة الأمانة. كما اعتبرت المحكمة المقاول من الباطن الذي يعمل بمواد يحضرها له المقاول الأصلي أمينا على رد ما يفيض عن الاستعمال إلى هذا الأخير( ). وقضت محكمة تمييز دبي بتوافر الأمانة من المتهم الذي تسلم أموالا من المجني عليه لتوصيلها إلى الأردن ولكنه لم يقم بتوصيلها وقام بإيداعها بدلا من ذلك في حسابه الخاص( ).
2-الملتزمون بالأمانة خارج العلاقة التعاقدية :
وتضم الملتزمين بالأمانة بحكم القانون، والملتزمين بالأمانة بحكم القضاء
(أ) الملتزمون بالأمانة بحكم القانون ؛
ومنهم : الفضولي والوارث
- الفضولي :
تنص المادة 404/2 ع.أ. على أن الفضولي أمين وبالتالي فإنه مخاطب بأحكام خيانة الأمانة بقولها " والفضولي على مال صاحب الشأن ". وقد عرفت المادة (325) من قانون المعاملات المدنية الفضولي بأنه " من قام بفعل غير نافع للغير دون أمره ولكن أذن به القاضي أو أوجبته ضرورة أو قضى به عرف ، فإنه يعتر نائبا عنه وتسري عليه الأحكام التالية ".
وبناء عليه فإن القانون قد جعل الفضولي نائبا ومن ثم تسري عليه أحكام خيانة الأمانة .
- الوارث :
إذا كان المورث قد ترك مالا ولكنه مال الغير الذي أئتمنه عليه، فإن من واجب الوارث أن يحافظ على تلك الأمانة وأن يردها إلى أصحابها. وهذا الالتزام يجد مصدره في القانون. ومن ثم يخاطب الوارث بأحكام خيانة الأمانة على تلك الأموال دون وجود علاقة تعاقدية تربطه بصاحب المال( ).
(ب) الملتزمون بالأمانة بحكم القضاء :
قد يستمد الالتزام بالأمانة مصدرة من حكم القضاء ؛ من ذلك الوصي الذي تعينه المحكمة على أموال القاصر وكذلك القيم والسنديك والمصفي القضائي على الأموال التي يكلفون بإدارتها أو بتصفيتها( ).



الفصل الثاني
الركن المادي في جريمة
خيانة الأمانة
صور الركن المادي في خيانة الأمانة :
يقع الركن المادي في جريمة خيانة الأمانة بوقوع النشاط والذي يتخذ إحدى الصور التالية :
ا – الاختلاس
2 – التبديد
3 – الاستعمال
أشارت المادة 404 ع. أ. إلى صور النشاط في جريمة خيانة الأمانة بقولها " كل من اختلس أو استعمل أو بدد .. " .
وبالتالي فإن جريمة خيانة الأمانة هي جريمة نشاط أي من جرائم الخطر ولا يلزم لتوافرها أن يقع ضرر معين. أما استعمال المادة 404 ع.أ. تعبير " إضرارا " بأصحاب الحق عليه ( على المنقول )، فإنه لا يدل على اشتراط ركن الضرر، وإنما يُكتفى فيه باحتمال الضرر( ).
- مفهوم الاختلاس في خيانة الأمانة:
يُقصد بالاختلاس هنا تغيير نية الأمين في حيازته للمال المنقول بحيث يبدلها من حيازة ناقصة إلى حيازة كاملة، أي يتملكها. ويتحقق الاختلاس بهذا المفهوم بكل فعل يبين منه أن متسلم المال لم يعد يعتبر نفسه أمينا على المال بل صاحبا له، كما لو رفض رده إلى صاحبه عند الطلب.
وعلى الرغم من أن المشرع استعمل تعبير الاختلاس في السرقة واستعمل نفس التعبير في خيانة الأمانة، إلاّ أن له معنى مغايرا. ذلك أن الاختلاس في السرقة هو نشاط يتمثل في إخراج المال من حيازة وملكية صاحب الحق عليه إلى حيازة وملكية الفاعل، بينما يقوم الاختلاس على تغيير اليد على الشيء في خيانة الأمانة. تطبيقا لذلك قضت المحكمة الاتحادية العليا بأن المتهم( مدير مبيعات) الذي كان يقوم بتحصيل مبالغ لحساب صندوق المحل فيختلسها لنفسه بدلا من توريدها للشركة التي يعمل بها يرتكب جريمة خيانة الأمانة، وليس السرقة، لأن ما صدر منه هو الاختلاس في مفهوم خيانة الأمانة وليس الاختلاس في السرقة( ).
وتتم الجريمة دون مراحل تسمح بالشروع ، فمن يُعلن بتسليم المال محل الأمانة ويرفض رده ، تقع منه الجريمة بهذا الرفض .
- مفهوم التبديد :
التبديد هو تصرف مادي أو تصرف قانوني في المال محل الأمانة يبين منه أن الأمين يعتبر المال حقا له. ويُعتبر من قبيل التصرف المادي إتلاف المال المنقول، ومن قبيل التصرف القانوني بيع هذا المال .
وقد قضت المحكمة الاتحادية العليا بتوافر التبديد من مدير الشركة الذي أنفق بعض أموالها في مصالحه الخاصة أو يقرر لنفسه أو لغيره مكافآت لا يستحقونها( ). غير أن ذلك في رأينا مشروط بعدم موافقة صاحب الشركة أو مجلس إدارتها، لذا فإن القوانين الحديثة تتضمن تشريعات تعاقب على هذا السلوك ولو كان ذلك بناء على تلك الموافقة، مادام أنه يعبر عن انحراف في إدارة الشركة.
وإذا وقع التبديد تمت الجريمة دون مرور بمرحلة الشروع، فمجرد عرض المال للبيع يدل على تغيير النية وبالتالي تقع به الجريمة تامة.
- مفهوم الاستعمال :
يُقصد – وفقا للراجح في الفقه - بالاستعمال ذلك الذي لا يصدر إلاّ من مالك ، وبه يظهر على الشيء بمظهر المالك، ولو كان بصفة مؤقتة. من ذلك أن يستعمل مدير شركة أموالها في المضاربة بها في البورصة وينتهي الأمر بخسارة كبيرة لتلك الشركة( ). ومن ذلك أيضا صاحب المطبعة الذي يسلمه مؤلف الكتاب النسخة الأصلية ويطلب منه أن يطبع منها عددا معينا فيتجاوز هذا العدد متعمدا بدون علم المؤلف وموافقته ويقوم ببيع النسخ الزائدة لحسابه الخاص. كما يتوافر الاستعمال ممن يتسلم ديسكا يحتوي على معلومات لها قيمة، وذلك على سبيل الأمانة، فقام بنسخه واستعمل تلك المعلومات لمصحته إضرارا بصاحب الديسك .
- لا شروع في خيانة الأمانة :
لا يتصور الشروع في خيانة الأمانة، ذلك أن المال محل الجريمة يتواجد بالفعل في حيازة الفاعل ويتمثل ما يصدر عنه من نشاط في تغيير النية عندما يحول الأمين نيته على المال من يد أمين إلى يد مالك، فلا تمر الجريمة بمرحلة الشروع. وفي ذلك تختلف خيانة الأمانة عن السرقة التي يخرج فيها المال من حيازة صاحبه إلى حيازة الفاعل في السرقة ومن ثمّ فإن جريمة السرقة تمر بمرحلة الشروع على عكس الحال في جريمة خيانة الأمانة. ولقد كان ذلك هو السبب في أن المشرع لم ينص على العقاب على الشروع في خيانة الأمانة. وكما هو معلوم فإنه لا عقاب على الشروع في الجنح إلاّ بنص خاص ( مادة 36 عقوبات إتحادي)( ).
- لحظة تمام الجريمة وبدء احتساب التقادم :
خيانة الأمانة جريمة وقتية، وبالتالي فإن الجريمة تقع تامة ومن ثم يبدأ احتساب مدة تقادم الدعوى أي التقادم الثلاثي من يوم وقوع النشاط عندما يتحدد تاريخ تغيير نية الفاعل على الشيء بحيث يعتبره ملكا له ولا يعتبر نفسه أمينا عليه. والمشكلة عندئذ في تحديد اللحظة التي حدث فيها تغيير تلك النية بسبب وجود المال بالفعل في حيازة الفاعل. لذا فإن تحديد لحظة وقوع جريمة خيانة الأمانة يثير بعض المشكلات القانونية، وذلك بسبب عدم معرفة لحظة وقوع الفعل وهو الاختلاس أو التبديد أو الاستعمال. فإن أمكن تحديد تلك اللحظة من خلال ظروف وملابسات الدعوى ، فإن حساب التقادم يبدأ من تلك اللحظة ، كالأمين على المصوغات الذهبية الذي يقوم ببيعها. فالتاريخ الذي حدث فيه ذلك التبديد يبدأ منه احتساب مدة التقادم( ). وإن لم يمكن تحديد وقت النشاط ، فإن التقادم لا يبدأ من تاريخ تسليم الشيء إلى الأمين، بل من تاريخ طلب الشئ محل الأمانة وظهور عجز المتهم ، ما لم يقم الدليل على خلافه ( ). فالقاعدة أنه لا يُثار إلى لحظة عجز الأمين عن الرد ، إلاّ إذا لم يقم دليل على حصول التبديد من قبل( ). غير أنه " يغلب في جريمة التبديد أن يغير الجاني نية حيازته دون أن يكون هناك من الأعمال المادية الظاهرة ما يدل على ذلك ، فلا تثريب على الحكم في اعتبار تاريخ امتناع الوكيل عن ردها بعد مطالبته بذلك ، تاريخا لارتكاب الجريمة "( ).


الفصل الثالث
القصد الجنائي
جريمة خيانة الأمانة جريمة عمدية، ومعنى ذلك أنه يلزم توافر القصد الجنائي لدى الفاعل حتى تتوافر للجريمة أركانها. ويكتفى بتوافر القصد الجنائي العام من علم وإرادة ؛ فلا يلزم توافر قصد جنائي من نوع خاص.
فلا يكفي لوقوع الجريمة أن يثبت عجز في عهدة الأمين كأن يكون مديرا للشركة، بل يلزم أن يثبت أنه استولى على المال المأتمن عليه لنفسه. تطبيقا لذلك قضت المحكمة الاتحادية العليا بأنه " من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط لقيام جريمة التبديد وفق المادة 404/1 من قانون العقوبات أن يثبت قيام القصد الجنائي لدى المتهم وهو انصراف نيته إلى إضافة المال الذي تسلمه إلى ملكه واختلاسه لنفسه إضرارا بمالكه وهو مالا يتحقق بمجرد تصرف المتهم في المال المسلم إليه وإنما يتطلب فوق ذلك ثبوت نية تملكه إياه وحرمان صاحبه منه "( ). وقد رتبت محكمة التمييز بدبي على ذلك أن نية التملك في خيانة الأمانة لا تتحقق بمجرد تصرف المتهم في الشيء المسلم إليه أو خلطه بأمواله( ).
ولا يتوافر القصد الجنائي في خيانة الأمانة إذا كان المتهم صاحب توكيل السياحة المتعامل مع شركة الطيران والذي يتسلم ثمن التذاكر من العملاء ويوردها للشركة وقد كان بينه وبين تلك الشركة حساب وقد كانت إجراءات تصفيته قائمة وقد سلم صاحب التوكيل شيكات لتلك الشركة بما تبقى في ذمته لها ، وبناء عليه ارتأت المحكمة أن القصد الجنائي منتف في هذه الحالة بقولها " من المقرر أن الامتناع عن رد المال المختلس أو التأخير في الوفاء به أو وجود حساب معلق لا يتحقق به جريمة خيانة الأمانة إلاّ إذا كانت نية الجاني قد انصرفت إلى إضافته إلى ملكه إضرارا بصاحبه "( ).
وإذا كان المال محل الجريمة قد تسلمه المتهم وضارب به في البورصة وخسر ذلك المال، وتمسك بانتفاء قصده الجنائي، فإن من واجب المحكمة قبل أن تدينه عن خيانة الأمانة أن تمحص دفاعه وإلاّ كان حكمها مشوبا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال مما يستوجب النقض( ).
وإذا تمسك المتهم بأن المال محل الجريمة إنما قد فُقد منه في أثناء عمله على أكثر من دفعة وأنه قام بتبليغ إدارة البنك الذي يعمل فيه لإجراء تحقيق في الموضوع ونقله من هذا المكان، فإن ذلك يشكل دفاعا جوهريا يتعين على المحكمة أن تحققه حتى لا يكون حكمها قاصرا في تسبيبه ( ).
كما لا يكون القصد الجنائي ثابتا من مستندات القضية إذا كان" البين من تقريري خبير الدعوى وجود فوضى حسابية بالغة ونقص معيب في المستندات والدفاتر التجارية الخاصة بالمطعون ضدها الثانية لم يستطع بسببها الوصول إلى أي حق مدني أو جنائي، ثم خلص من تقريره الثاني عن الفترة من .. إلى .. بترتيب ذمة المتهم بمبلغ ... دون أن يبين مصير الحسابات التي أوردها في تقريره .. بشأن المصروفات والإيداعات عن تلك الفترة البالغة ... وهو ما طلب الدفاع بحثه وكذلك الأمر بخصوص كامل فترة عمل المتهم وعن حقوقه وهما من الدفوع الجوهرية التي كان على محكمة الموضوع استجلاءها .."( ).
وإذا كان عدم رد المال محل الأمانة راجعا إلى سبب خارج عن إرادة الأمين، فإن القصد الجنائي ينتفي لديه بما تنتفي معه تهمة خيانة الأمانة( ). من ذلك أن يكون عدم الرد بسبب القوة القاهرة أو الإهمال دون انصراف قصد الجاني إلى إضافته إلى ملكه( ). وإذا كان المتهم قد تعرض للنصب عليه من جانب شخص الغير واستولى هذا الأخير على المال المؤتمن عليه، فإن ذلك من شأنه أن ينفي القصد الجنائي في خيانة الأمانة ( ).
ولما كان القصد الجنائي ركن في الجريمة، فإنه على الحكم الصادر بإدانة المتهم أن يستظهر توافر هذا الركن؛ فقد لا يقصد المتهم من سلوكه أن يظهر بمظهر المالك على الشيء الذي كان في حيازته بصفة أمانة، أي قد يعطه لشخص الغير على سبيل العارية أو التجرية، حتى ولو هلك هذا الشيء دون قصد منه( ). غير أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة عن القصد الجنائي مادامت ظروف الواقعة تدل بوضوح على توافر نية التملك( ).


الفصل الرابع
المسئولية عن خيانة الأمانة

- تعليق الدعوى الجزائية على شكوى :
يعلق تحريك الدعوى الجزائية على تقديم شكوى من المجني عليه في خيانة الأمانة إذا كان المجني عليه زوجا للجاني أو من أصوله أو فروعه، وبالتالي فإن التنازل من شأنه أن تنقضي به الدعوى الجزائية في هذه الحالة( ).
-الادعاء المدني عن خيانة الأمانة أمام المحكمة الجزائية :
يجوز الادعاء المدني عن جريمة خيانة الأمانة أمام القضاء الجنائي وفقا للقواعد العامة عن ضرر مباشر من تلك الجريمة، أي عن ضرر تسبب بعد وقوع الجريمة. ولا يدخل في عداد ذلك الضرر المبلغ الذي سبق تسليمه إلى المتهم كان محلا للتبديد في تلك الجريمة، ذلك أنه يشكل مديونية سابقة على وقوع الجريمة يصلح موضوعا لدعوى مدنية أمام القضاء المدني وليس ضررا مباشرا من الجريمة يختص القضاء الجنائي بنظره ( ).
وإذا قضت المحكمة الجزائية بالبراءة فإنها تقضي برفض التعويض، عندئذ يحق للمضرور الخصم في الدعوى المدنية التابعة أن يطعن في الشق المدني أمام استئناف الجنح. وإذا لم تطعن النيابة العامة في الشق الجزائي، فإن المحكمة الاستئنافية تنظر الدعوى المدنية دون الدعوى الجزائية، ولها أن تحكم بإلغاء الحكم محل الطعن في الشق المدني وتحكم بالتعويض. غير أنه يلزم إجماع آراء المحكمة عندئذ بسبب أن الشق الجزائي الصادر بالبراءة قد أصبح نهائيا بعدم الطعن فيه( ).ويرجع رأي المحكمة في تطلب إجماع الآراء إلى أن التحوط في تعديل الحكم في الدعوى المدنية بما يتعارض مع الحكم الجنائي الذي حاز حجية الأمر المقضي به.
- العقوبة المقررة لخيانة الأمانة :
تقرر المادة (404) ع. أ. عقوبة الحبس أو الغرامة للفاعل في جريمة خيانة الأمانة. وقد حددت المادة (71) ع. أ. الحد الأدنى والحد الأقصى للغرامة بقولها " عقوبة الغرامة هي إلزام المحكوم عليه أن يدفع للخزينة المبلغ المحكوم به، ولا يجوز أن تقل الغرامة عن مائة درهم ولا أن يزيد حدها الأقصى على مائة ألف درهم في الجنايات وثلاثين ألف درهم في الجنح وذلك ما لم ينص القانون على خلافه ".













أهم المراجع باللغة العربية


- د.أحمد شوقي أبو خطوة ، " القانون الجنائي والطب الحديث " دار النهضة
العربية ، 1986 .
- الجرائم الواقعة على الأشخاص في قانون العقوبات
الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة ، 1990
- د. أحمد فتحي سرور ، الوسيط في قانون العقوبات – القسم الخاص ، دار
النهضة العربية 1985
- د. جلال ثروت: نظرية القسم الخاص، جرائم الاعتداء على الأشخاص، الدار
الجامعية
- د. جوده حسين جهاد، قانون العقوبات الاتحادي ، جرائم الاعتداء على
الأموال، أكاديمية الشرطة ، 2002
- د . حسن صادق المرصفاوي : قانون العقوبات الخاص ، منشأة المعارف
1987
- د . حسن محمد أبو السعود : قانون العقوبات المصري ، الجرائم الماسة بسلامة الجسم والسرقة والنصب
- د . رمسيس بهنام : قانون العقوبات ، جرائم القسم الخاص ، منشأة المعارف
1997
- د . رؤوف عبيد : السببية الجنائية بين الققه والقضاء ، دراسة تحليلية
مقارنة 1984
- جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال ، دار الفكر العربي، 1985
- د. عبد العظيم وزير ، جرائم الأموال ، دار النهضة العربية 1983
- د . عبد الفتاح الصيفي : قانون العقوبات – القسم الخاص 1963
- د. عبد المهيمن بكر ، القسم الخاص في قانون العقوبات ، دار النهضة العربية 1977
- د. عبد المنعم البدراوي ، الوجيز في عقد البيع ، 1985
- د . علي راشد : القانون الجنائي ، دار النهضة العربية 1974 ، الطبعة الثانية
- د . عمر السعيد رمضان : شرح قانون العقوبات – القسم الخاص ، دار النهضة العربية 1986
- د . فتوح عبد الله الشاذلي : شرح قانون العبوات القسم الخاص ، الكتاب الثاني ، دار المطبوعات الجامعية 2001.
- د. محمد محي الدين عوض " القانون الجنائي ، جرائمه الخاصة " ، مطبعة جامعة القاهرة ، 1978 – 1979

- د. محمود محمود مصطفى ، قانون العقوبات ، القسم الخاص ، دار النهضة العربية 1984
- د. محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ، دار النهضة العربية 1986
- علاقة السببية في قانون العقوبات ، دار النهضة العربية
1983
- الاعتداء على الحياة في التشريعات الجنائية العربية، مطبوعات معهد البحوث والدراسات العربية ، 1979 .
- د. نواف كنعان ، الخدمة المدنية في دولة الإمارات العربية المتحدة ، مجلس النشر العلمي 2002 مرسلة بواسطة oussbou في 11:26 م